شاهدت مسلسل MIND HUNTER، قرابة الـ 19 حلقة عن محقق يقوم باستجواب أخطر المُجرمين في أمريكا (بالمناسبة مجرمين حقيقيين) أي أن المسلسل مأخوذ عن قصص حقيقية، المهم أثناء هذه العملية التي يقوم بها المحقق باستجواب هؤلاء القتلة المتسلسلين يبدأ بالتعاطف معهم لكثرة تعمّقه بمآسيهم في الماضي مع عائلاتهم وفي طفولتهم.

سألت نفسي هل يعد هذا الأمر مقبولاً؟ أن تتعاطف مع مجرم الواحد منهم قتل عشرة لوحده! 

توصلت إلى إجابة ترضيني أخيراً، أحياناً يصعب عليك أن تقول ذلك ولكن نعم بكل تأكيد أحياناً من الطبيعي أن نتعاطف مع هؤلاء البشر على الأقل من مبدأ نعرفه جيداً ونطالب به أنفسنا والأخرين دائماً: لكل سبب مُسبب - هؤلاء سببوا هذه المآسي، وهذه جرائم ضدّ الإنسانية، من يختلف مع هذا؟ لا أحد. ولكن المسبب ظلم مساوي بذات المقدار تقريباً تعرّض له هؤلاء الاشخاص في طفولتهم وماضيهم، ظلم لا يوجد قضاء دافع عنهم فيه، قد يكون ظلم اجتماعي قهري جداً كالضرب والتعنيف من قبل العائلة حتى أنتجوا هذا الرجل المشوّه نفسياً وأحياناً قد يكون ظلم اجتماعي عبر الفقر الذي جعل الشخص يعاني بطفولته الويلات لكي يأكل فقط، هناك ملايين الأطفال الذين افتقدوا في طفولتهم للعبة واحدة تسلّيهم! كل هذا يصنع إنسان بشع من الداخل

أو ربما ظلم عبر تعريض الأطفال كبيئة تشبه بيئة مدينتي دمشق في سوريا خلال السنوات السابقة، بيئة حرب كلها أصوات انفجارات ورصاص وبارود وعنف، ألا يمكن لهذه البيئة أن تنتج العنف أيضاً؟ نعم بكل تأكيد.

لذلك أسأل السؤال الأخير: كيف تستطيع أن لا تتعاطف مع مجرم قد تعرّض في طفولته لضرب مبرّح أو فقر مدقع أجبره على تغيير رؤيته للحياة بالكامل أو بيئة سيئة لا تعرف إلا العنف أصلاً؟ كيف لا تتعاطف مع شخص يحمل هذه الأمور في ماضيه حتى ولو كان مجرماً؟