حقيقًة منذ فترة طويلة لم أعد اتابع أي عمل درامي عربي، ربما لأنّني لم اعثر على عمل درامي يحوي فكرة تحمل في طياتها حكايات هادفة أو أنني لم أعد شغوفة بمشاهدة المسلسلات. لكن مؤخرًا سمعت عن مسلسل مصري يدعو ( بالطو) والمكون من 10 حلقات، قرأت عن سيل من المدح تجاهه وكيف أنه يناقش أفكار مهمة، وكيف أنّ أداء الممثلين كان يسير بشكل عفوي بدون تصنع، الإخراج والإنتاج كان مذهلا وبالتالي المسلسل نجح في استقطاب الكثير من المشاهدين حوله، لكن بالتأكيد لم يخلو من الانتقادات وتحديدًا من نقابة الأطباء كونهم يعتقدون بأنّ أحداث الفيلم تسيء لمهنة الطب بجانب أهل القرية التي تنتمي إليها الوحدة الصحية الذين هاجموا المسلسل.

على ايًة حال قبل يومين وبالصدفة شاهدتُ مقطعًا من المسلسل ومن ثم قررت متابعة حلقات من هذا المسلسل، الذي لفت انتباهي وأثار استغرابي هو تكليف (عاطف) البطل في المسلسل وحديث التخرج من كلية الطب، منصب مدير الوحدة الصحية في قرية ما، الشاب حديث التخرج جاء إلى الوحدة الصحية بهدف العمل كطبيب ولكنه تفاجأ بأنه أصبح مدير الوحدة أو المؤسسة ومسؤولا عن كل شيءٍ بها في أول ايام عمله وذلك بعد وفاة المدير الرئيسي.

جميعًا على دراية تامة بأن الوصول لمنصب المدير لا يكون بين ليلة وضحاها- بالطبع لكل قاعدة استثناء- بل هي نتاج جهد... الموظف يبذل قصارى جهده...يكتسب مهارات مختلفة...يطور علاقاته المهنية مع الموظفين والعملاء وأصحاب العمل، ومن ثم يتسلق السلم الوظيفي من خلال الترقيات وهكذا ولكن ما حدث مع (عاطف) كان أمر مستغربًا ومفاجئًا، الشاب الذي كان يعتقد بأنه سيمارس مهنة الطب في المؤسسة وجد نفسه يترأس فرق العمل، يتخذ القرارات هنا وهناك و يوقع على تقارير وشهادات ميلاد ووفاة وغيره من المهام الإدارية والقيادية.

 هذا المشهد جعلني أطلب منك أن تفترض جدلًا بأنك تخرجت من الجامعة للتو وذهبت للحصول على وظيفة تناسب تخصصك، ووجدت نفسك في أول أيام عملك مدير العمل في الشركة او مدير الوحدة الصحية مكان (عاطف)، ماذا ستفعل؟ هل سترفض المنصب أم ستجازف وتتقلد هذا المنصب وفي حال فعلت ذلك، كيف تضمن نفسك أنك ستنجح لا سيما أن أن الكثير من الأبحاث أفادت أنّ ما يقرب من 5٪ من جميع المديرين ترك وظائفهم في عام 2022 كون أن الامر مرهق جدًا بالنسبة لهم، فما بالك أنت الموظف الذي وظف حديثًا وربما يفتقر للمهارات الإدارية والقيادية

ولنجعل الامر أكثر تسليًة، تخيل أنك حقًا تمتلك هذه المهارات ماذا ستفعل في أول أيام عملك؟