يمر الإنسان بكثير من التجارب والمواقف في حياته ويكون أحيانا مضطر لاتخاذ قرار معين أو الاختيار بين أمرين ربما أحلاهما مر، ويدخل الإنسان في معمعة وحرب وصراع داخلي بينه وبين عقله وقلبه و بين الإقدام والإحجام على أحد الأمور، وأحياناً تقع حيرتك بين أمرين كلاهما جميلين وكلا الأمرين له حسناته وله سيئاته لذلك تقع في هذا الفخ ويصعب عليك الخروج منه ولكن أمامك الفرصة الوحيدة لتنقذ نفسك وهي أن تحكم عقلك وتتخذ قرارك وتتحمل نتائجه أيٍ كانت وهذه الفرصة كفيلة بإنقاذك من الغرق في الحيرة.

الإنسان بطبعه يكره التنازل والتخلي عن شيء ويطمع دائما في أن يحصل على كل الأمور الجميلة في الحياة ولكن الحياة عبارة عن منعطفات تحتاج إلى تدخل وقرار حاسم يوفر عليك الكثير من الوقت والجهد النفسي.

الحيرة في الحب

وكما وقع صديُقنا يوسُف في حيرته بين فريدة وبين هند، أصبح عليه فرضا بأن يتخذ قرار وينقذ نفسه من هذه الدائرة العميقة والتي لا خروج منها، بطبيعة الحال كل إنسان يطمح بأن يحصل على الأفضل وأن يحقق الكمال في حياته وهذا مستحيل حيث أثبت العديد من المختصين أنه لا وجود لسعادة زوجية تامة، هناك الكثير من العقبات والمنحدرات والمنعطفات والعيوب والخلافات التي تحدث بين الأزواج وغض النظر عنها لا ينفي وجودها ولكن الإنسان الناجح والذي يستطيع إدارة هذه المؤسسة بذكاء هو من يستطيع أن يتعامل مع هذه العقبات ويتجاوزها وربما يستفيد منها في تعزيز هذه المؤسسة وتقويتها.

الانتظار محنة، في الانتظار تتمزق أعضاء الأنفس، في الانتظار يموت الزمن وهو يعني موته .. والمستقبل يرتكز على مقدمات واضحة ولكنه يحمل نهايات متناقضة .. فليبع كل ملهوف من قدح القلق ما شاء..

الحيرة تُدخلنا في دوامة دائرية ورغبة في الحديث دون وعي، ورغبة في البوح بدون توقف ورغبة في الصمت إلا مالا نهاية، هذه الحيرة في المشاعر تُثقل كاهلنا وأعتقد أن الحيرة وُجدت لكي يطور الإنسان من عقله وتفكيره فالقرار الذي يصعب اتخاذه في حياتنا هو بمثابة جنين لم يكتمل ويحتاج إلى فترة حتى يصل لمرحلة الولادة وهنا تتشكل حكمة الإنسان..

ويتجلى نضج الإنسان في قدرته على اختزال مسافة التفكير واختصار مساحة الهواجس عند شروعه في اتخاذ خطوة حياتية معينة واختصاره لكثير من الوقت والجهد النفسي والفكري مريحاً بذلك ذاته من الإبحار في تيار الحيرة ومدركاً أهمية الحسم الواعي متكئاً على دعاء الاستخارة وإضاءات الاستشارة ولن يلتفت إلى الوراء أو يظل حبيس التفكير بل ينطلق متكلاً على الله تعالى في بناء قرارات صائبة.

حينما تقع في شِباك الحيرة، ماذا يهيمن عليك عند اتخاذ قرارك، العقل أم القلب؟

كلنا وقعنا في هذه الحيرة على اختلاف نوعها، في وظيفة معينة أو في مشروع زواج أو في مسامحة شخص ما على ذنبه،

كيف استطعت حسم قرارك؟ وكيف كانت العواقب؟ وكم الوقت التي تحتاجه لحسم قرارك؟