ما الطرق التي تجدد الروح وتجعلنا نبتعد عن المعارك اليومية؟ من مسلسل Anne with E

السكينة بسيطة للغاية، لكنني ضد التركيز الفردي عليها، والاعتقاد بأنها لا توجد إلا في الهدوء والعزلة.

آن مثلًا لم تبنِ البيت وحدها، لقد بنته مع أصدقائها، والمساحة الحقيقية للهدوء كانت -بحق- الرفقة التي تهدئ روحها.

الإنسان كائن اجتماعي، وأحيانًا تكون أفضل طريقة لاستعادة السكون هي مشاركة اللحظة مع من يفهمكِ ويمنحكِ الأمان العاطفي.

الهدوء أو السكينة المكتسبة في العزلة قد تكون مؤقتة، بينما السكينة المكتسبة في رفقة نحبهم ويحبوننا هي مظلة دعم عاطفي تحميكِ من الضغوط باستمرار.

أرى تجديد الروح لا يقتصر فقط على الجلوس في مكان هادئ أو ممارسة التأمل بل يمكن أن يتحقق من خلال أنشطتنا اليومية إذا تعاملنا معها بوعي. كوضع روتين بسيط للاهتمام بالنفس أو تخصيص وقت يومي لهواية نحبه أو قراءة كتاب يلهمنا كل هذا يساعد على تهدئة العقل واستعادة التوازن. أحيانًا تتجدد الروح عندما نتوقف عن الهروب من الضغوط ونحوّل نشاطاتنا اليومية العادية إلى لحظات تركيز ووعي.لكن البعض يرى أن كل هذا مجرد وهم أو رفاهية فالهدوء والمكان المثالي لا يغيّر ضغوط الحياة أو المشاكل الحقيقية. التأمل أو الهدوء يمنحان راحة مؤقتة لكنه لا يحل النزاعات أو يقلل المسؤوليات. أحيانًا الإفراط في البحث عن "تجديد الروح" يصبح طريقة للهروب من مواجهة مشاكلنا اليومية.

أعتقد أن لكل منا طريقته الخاصة في إيجاد تلك المساحة التي تجدد روحه وتمنحه شعورًا بالهدوء والراحة. فالأشياء التي تريح شخصًا وتملؤه بالطاقة الإيجابية قد تكون مختلفة تمامًا عمّا يريح شخصًا آخر، وما يهم هو أن نمنح أنفسنا الوقت والمساحة لاكتشاف ما يناسبنا بالفعل. سواء كان ذلك في التأمل، أو القراءة، أو الرسم، أو مجرد الجلوس بهدوء والتفكير، المهم أن نشعر أننا نجد مكاننا الخاص الذي يعيد إلينا توازننا وراحتنا النفسية، وفي هذا، تكمن متعة التجربة نفسها، في اكتشاف ما يملأ روحنا ويجعلنا أكثر اتصالًا بأنفسنا.

الجميل في المسلسل أنّ كلّ شخصية كانت تملك طريقتها الخاصة لاستعادة سلامها الداخلي؛ آن في الغابة، وماريلا في أعمال المنزل، وجيلبرت قرب البحر. وهذا جعلني أؤمن أن لا وصفة واحدة للسكينة… فكلٍّ منّا يجد كوخه بطريقته الخاصة.

الجميل هنا أن المساحات التي تنعش الروح ليست دائما مكانا بقدر ما هي حالة نسمح بها لأنفسنا والأجمل أن كل شخص فينا يحمل بيت الغابة الخاص به منا يجده في الفن وآخرون يجدونه في القراءة أو في اليوجا في الضحك مع صديق أو في لحظة يتوقف فيها الزمن داخل رأسه بلا ضجيج فنحن لسنا بحاجة لطقوس خارقة لنستعيد أنفسنا بل فقط أن ننتبه لما يمنحنا هذا الهدوء ونسمح له أن يكون جزءا من يومنا لا حدثا نادرا.

البحر، المطر، السفر، القطار، الفجر والتمشي في الشوارع الهادئة الساعة الثانية ليلا بعدما كانت مزدحمة نهاراً، مشاهدة فيلم قديم للمرة الخامسة، الإتصال بصديق قديم، الذهاب لمكان ما على النيل لاستنشاق الهواء، وأولا وأخيراً سماع وقراءة القرآن.

كل هذا يرد إلي روحي، حتى لو لم أفعل ذلك يكفي أن أغمض عيني واستشعر نفسي في لحظة تركيز وصفاء ذهني، بعيدا عن أية إفكار أو قلق أو مخاوف، أعتقد أنه ينبغي للإنسان أن يرجع لنفسه يوميا لا يترك نفسه لمفرمة الروتين.