في زمن تتسارع فيه التكنولوجيا وتتداخل مع الوعي واللاوعي، يأتينا هذا الفيلم ليكشف الوجه الخفي للتقدم التقني حين يقع في أيدٍ مريضة أو أنانية.

تبدأ الحكاية بمفهوم يبدو خياليًا: برمجة الحلم — أن تدخل إلى عالم لا وعيك، وتختار الشخصيات، وتعيش دور البطولة الذي لطالما حلمت به.

قد يبدو هذا نعمة… لكنه في الحقيقة لعنة لمن قلبه فارغ وروحه موجوعة

لم يكن يعلم أن الحلم قد يتحول إلى قيد، وأن التكنولوجيا حين تلامس الوجع، لا تشفيه بل تُعيد تشكيله على هيئة وهمٍ مغرٍ.

تخيل نفسه هناك، حيث لا ألم، حيث الأدوار موزعة بحسب ما يشتهي القلب، لا ما يفرضه الواقع.

وظنّ أن الأمر لا يتعدى تسلية ليلية أو تجربة نفسية جديدة…لكنه لم يدرك أن الضعف الروحي إن اجتمع مع الفراغ العاطفي، يصبح قابليةً للإدمان.

وهكذا وقع…تعلّق بشخصية حلمه، بل لم تعد مجرد شخصية، كانت كل ما تمنّاه من حب، حنان، فهم، حياة لم يعشها…

وبات ينتظر الليل بشغف العاشق، لا لينام، بل ليحيا.ترك بيته، تخلى عن نفسه، سرق من واقعه ليقدّم لحلمه.

وكان يظن أن هذا جنون مؤقت، حتى بدأ يشك:

هل الجنون ما أعيشه في الحلم؟

أم هذا الواقع هو الجنون ذاته؟

لكن الحقيقة، يا لسخريتها، لم تكن في البرمجة، بل في من وثق بها.

زوجته التي كان يظنها الأمان…

خافت أن يخسرها، لأنها لا تُنجب.

فقررت أن تحبسه في وهم، وتجعله يتيقن أنه مريض، وأن كل ما يشعر به مجرد خيال…

كانت تنزع عنه روحه باسم "الحفاظ عليه".

أي حب هذا الذي يخوّلك أن تسرق وعي الآخر؟

أي خوف ذاك الذي يجعلك تهدم إنساناً ليبقى بجانبك مكسورًا؟

لكن الله لا يغفل…وفي اللحظة التي كان على وشك الانهيار الكامل، انكشفت اللعبة.

تساقطت الأقنعة، وارتد الوهم على صانعيه.

وأدرك حينها…أن الحب لا يُبرمج، وأن الروح لا تُخدع طويلاً.

عاد إلى نفسه، لا إلى البيت،

عاد إلى الحلم الذي كان في الواقع أكثر صدقًا من كل المحيطين به.

لم تكن الفتاة التي رآها مجرد صورة، كانت صوته الداخلي، مرآة قلبه، نقطة الضوء التي انتشلته من الظلمة.

ومن هنا.. لا تكن أعمى حين يعطيك الحلم كل ما تريده…فأحيانًا يكون أقسى فخ في أجمل حلم.

وليس كل من أحبك، أحبك بالشكل الصحيح…فبعضهم يحبك ليستعبدك، لا ليحررك.

والذين يخافون خسارتك…قد يرتكبون في حقك ما لا يفعله الأعداء.

لكن اطمئن…فالله لا يترك من أخلص قلبه، حتى لو خانه أقرب الناس

الفيلم — وإن بدا خيالًا علميًا — إلا أنه يعكس واقعًا نفسيًا مريرًا:

أن الإنسان عندما لا يجد نفسه في واقعه، سيخترع لنفسه عالماً آخر، حتى لو كان "مبرمجًا".

ولعل أقسى ما في الحكاية أن يتحول الحلم الجميل إلى سجن، والواقع إلى فخ، والحب إلى تملّك، لكن…

دائمًا هناك باب يفتحه الله في اللحظة الأخيرة، ينقذك من أن تصبح عبدًا للوهم