فيلم 6 أيام: لماذا يعد دفاع المرأة عن الرجل إهانة؟

هذا ما وجدنا عليه آبائنا! هناك أمور نعتنقها دون أن نفكر بأبعادها لأنها تتماشى مع تربينا وكبرنا عليه، فمنذ الصغر نقول خالي بالك من أختك واحميها، لا تكون ضعيفا وكأن الضعف بالمطلق مرفوض، يجب أن تكون قويا لا تبك، كل هذا يردد على مسامعهم منذ الطفولة، فطبيعي عندما تأتي المرأة لتدافع فهي تكسر الصورة التي كبر وهي مرسخة بذهنه قولا وفعلا، وأي تدخل بعكس هذه الصورة سنراه يهز صورة الرجل الاجتماعية لأن المجتمع سيقول له أنت فشلت في أداء دورك، مثلما حدث بالفيلم بالضبط والشاب عاير يوسف بما حدث

ربما لأن هناك أشياء من المفترض أن يقوم الرجل بها وإذا قامت المرأة هي بها فماذا سيفعل هو؟ سيكون بلا فائدة في نظر نفسه ونظر المجتمع لذلك قد ترين هذا الرد الفعلي العدواني.

من رأيي في المثال الأول الخاص بإسكات البنت للمتحرشين فكان عليها ترك الرجل يتكلم حتى تشعر هي نفسها أن هناك من يهتم بها ومستعد للدفاع عنها وليس مجرد شخص جبان، وإذا احتدت الأمور تحاول تهدأته ببعض كلمات.

أما في المثال الثاني للرجل الذي قتل ابنته فلا مبرر له بكل تأكيد ويجب أن ينال عقابه.

ادوار جاهزة ؟! لو أن اختي تزوجت ورأيت بموقف أن زوجها لم يستطع دفع الأذى عنها ولله لن تبقى معه يوم... أي ادوار هذه التي نبدلها حتى أجد فتاة تدافع عن رجل أن قلنا إنه هنا يصلح لأن يكون رجل أساسا!

أنا لست مع رأيك بشأن وصف الأمر بأنه ادوار جاهزة وفتح الحوار لتبادلها فالأمور لا تسير بهذه الطريقة، الرجل هو المكلف بهذا ومكلف بأن يكون مصدر امن حتى للعائلة وليس أسرته فقط

ما حدث بين يوسف وعالية يُظهر مشكلة حقيقية يواجهها كثير من الرجال الذين نشأوا على فكرة أنّ الرجولة تعني عدم قبول المساعدة من المرأة وأنّ عليه أن يظل الطرف الأقوى دائمًا لكن في الحقيقة العلاقة الصحية تقوم على الشراكة ويجب أن يكون فيها الحماية متبادلة من الطرفين ما فعلته عالية لم يكن تقليلًا من شأن يوسف بل كان بدافع الخوف عليه وهذا تصرّف طبيعي المشكلة أنّ بعض المجتمعات ما زالت ترى أنّ مساندة المرأة للرجل تمسّ كرامته مع أنّ القوة الحقيقية تكمن في وعي الإنسان وفهمه للنية خلف التصرف لا في رفض الدعم لمجرد أنه من الطرف الآخر نحن بحاجة إلى مراجعة نظرتنا للرجولة وإعادة التفكير في الأدوار التي يمكن أن يقدّمها كل طرف في العلاقة حتى تكون العلاقة متوازنة وفيها مودة حقيقية

الأمر يرتبط بالعُرف السائد، ولا حاجة لمقارنة المواقف بردود أفعال من يقدّسون أشياء أو أفكارًا بطريقة عمياء.

دفاع المرأة عن الرجل، رغم أنه قد يبدو تصرفًا نبيلاً، إلا أنه في بعض السياقات يُحدث أثرًا نفسيًا عميقًا على الرجل، إذ يشعر وكأنه فقد زمام الأمور، وكأن دوره قد تقلّص.

وقد ظهرت في السنوات الأخيرة فئة من الرجال تستهدف النساء العاملات لا من باب المشاركة أو التعاون، بل هربًا من مسؤوليات العمل والإنفاق، فيتحول الأمر إلى استغلال ناعم مقنّع بشعارات الشراكة. مثل هذه الحالات لا تمسّ صورة الرجل اجتماعيًا فحسب، بل تمتد لتؤثر على سلوكياته وثقته بنفسه، وحتى على قدرته في اتخاذ القرارات الحاسمة.

والدفاع عن الرجل – خاصة في لحظات النزاع أو التوتر – لا يتوقف تأثيره عند تلك اللحظة فقط، فهناك عرف منتشر بين الرجال، لا يقبل تدخل النساء في الخلافات الرجالية، بل يُفسّر هذا التدخل أحيانًا على أنه استغلال لثغرة أو ضعف.

تخيّلي لو واجهتم شخصًا لا يعترف بهذه الأعراف، ويؤمن بمفهوم المساواة الجندرية في كل شيء. فهل تعتقدين أن الكلمات وحدها ستحل الإشكال؟ وإن تعرضتِ للأذى في خضم النزاع، فهل سيمكنه التعايش مع ذلك الشعور بالذنب؟ بل ربما تُعتبرين عائقًا في نظره، لا سندًا.

لستِ مطالبة بالدفاع عن الرجل، ولا حتى بالمساهمة في أعباء المنزل. ما تقدمينه في هذا الجانب هو بادرة حسن نية، لا واجب.

أما التدخل في المواقف الحساسة – خصوصًا حين تغيب الحكمة – فقد يقود إلى نتائج لا يمكن التنبؤ بها.