يتحدث الفيلم عن كيف الذنوب تقود الشيطان إلى أبطاله بدايتاً من ساحرة تمارس الشعوذة لحماية حبيبها ، وفتاة ترتكب خطيئة مع حبيبها كي لا يتركها، وسكير يغني فقط كي يدفع ثمن الخمر ، وهو ما يقود الشيطان لهم المتمثل في مجموعة مصاصين دماء تطلب منهم الأذن بالدخول، وهو إسقاط فلسفي على أن كثرة الخطيئة تسمح للشيطان أن يقترب من كل شخص يرتكب الخطيئة دون أن يشعر ، أو ربما يشعر ولكن انغماسه الكامل في الخطيئة يجعله يتجاهل الأمر .. نعم الحقيقة أن البشر ظاهرياً يرفضوا الخطيئة ولكن معظمهم ينغمس فيها تماماً بمجرد أن تسنح له الفرصة فتجعل الشخص لا يفكر في عواقب ذلك عليه في الدنيا أو الآخرة .. والخطايا أنواع تبدأ برغبة بسيطة بممارسة شيء قد يظنه الشخص غير ضار مثل شرب السجائر وهي بالتأكيد خطيئة لكونها تدمر الجسد الذي منحه الله له إلى معاقرة الخمور والمخدرات والزنا و و و ... وكلما مارسها الشخص كلما أقترب منه الشيطان خطوة منه حتى يجده على الباب في اللحظة التي يصبح فيها أي شخص غير مبالياً بالخطيئة أو مستصغراً لها .. ليبرز سؤال ملح هل نرتكب الخطيئة لأن الشيطان أغوانا… أم لأننا كنا ننتظر فرصة لنفتح له الباب؟
ليس الشيطان من يغوينا… بل نحن من ندعوه، من فيلم Sinners
ربط الخطايا بالتمهيد لدخول الشيطان مفهوم له أساس ديني وفلسفي، لكن التعميم على أن البشر "ينتظرون فرصة لفتح الباب" قد يُغفل جانب الصراع الداخلي، والتوبة، وجهل البعض بعواقب أفعالهم.
الفكرة تحتاج إلى تفريق واضح بين الضعف البشري الطبيعي، والانغماس الواعي بالخطأ. كذلك، الحديث عن بعض الذنوب مثل التدخين ضمن سياق الخطايا الكبرى دون تفصيل، قد يُربك المتلقي بين ما هو محرم قطعًا وما هو مختلف عليه.
كما أن الإسقاط الرمزي في الفيلم مثير، لكن من المهم ألا يُؤخذ كمقارنة واقعية دقيقة، بل يُفهم كتشبيه لتوضيح فكرة معينة
ربط الخطايا بالتمهيد لدخول الشيطان مفهوم له أساس ديني وفلسفي، لكن التعميم على أن البشر "ينتظرون فرصة لفتح الباب" قد يُغفل جانب الصراع الداخلي، والتوبة، وجهل البعض بعواقب أفعالهم.
أنا لم أقصد التعميم ربما أغفلت إضافة جملة قد تكون مريحة للكثير (إلا من رحم ربي) لكن لا يوجد تعميم ، بالمقابل يوجد غالبية عظمى من البشر تنطبق عليهم تلك المقولة بدليل أن أهل النار أكبر بكثير من أهل الجنة كما تعلم
الحديث عن بعض الذنوب مثل التدخين ضمن سياق الخطايا الكبرى دون تفصيل، قد يُربك المتلقي بين ما هو محرم قطعًا وما هو مختلف عليه.
نعم التدخين لم يكن أبداً من الخطايا الكبرى ، ولكن لا تصتغر صديقي الذنب لأنك ببساطة لا تؤذي نفسك فقط به ـ بل أنت تؤذي المحيط بأكمله عن طريق التدخين السلبي ، وهو ما أثبتت الدراسات أنه له أثار مدمرة للرئة ، ويتسبب في الموت البطئ لأي مدخن ، والله منح الأجساد لنا أمانة للحفاظ عليها وسنسأل عنها ، مع ذلك التدخين لا يكون له أثر أكبر من السرقة والخيانة والزنا والشرك بالله وشهادة الزور و كثير من الخطايا التي ترتكب .
الشيطان لا يدخل إلا من باب فُتح له، نعم، ولكن الأهم أن من يفتح الباب هو الإنسان نفسه، أحيانًا دون أي مقاومة. لا حاجة لإغواء خارجي إذا كانت النفس أصلاً مهيأة، بل متلهفة. هذه الفكرة تعري الإنسان من حججه الجاهزة: "الشيطان أغواني"، "الظروف دفعتني"، "الحب أعمى"، كلها مبررات تخفف عبء الاعتراف: لقد أردت هذه الخطيئة، واخترتها.
نعم لأن النفس الأمارة بالسوء أشد خطراً من الشيطان ، وأكبر برهان أن الأنسان قد يستلزم مجهود كبير من الشيطان ليوقعه في شرك الفتنة في المرة الأولى ، لكن في المرات التالية بعد أن ألفت النفس الخطيئة وأحبتها تصبح هي التي تسعى للمعصية أو الخطيئة بكامل إرادتها بل وتتلهف لها ، ولكن بوجهة نظرك يا ياسين كيف لأنسان غارق في الخطيئة أن يتخلص من إدمانه لتلك الخطيئة .. كيف تغلق الباب في وجه الشيطان؟
وكيف تعجبك أفكار شيطانية تعرف جيداً إنها إغواء من الشيطان! .. ربما أحتاج منك توضيح لتلك النقطة فضلاً ؟
دعني أوضح ما قصدته:
ليس كل إغواء شيطاني يأتي في صورة قبح أو دمار مباشر، الشيطان لا يأتيك بقرونٍ ووجهٍ مخيف، بل بثوب الأناقة، وبصوتٍ ناعم، وبفكرة تبدو لوهلة وكأنها منطقية، بل أحيانًا نبيلة! هذه هي حرفته، أن يقدّم لك الانحراف على هيئة "تحرر"، والخطيئة على هيئة "تجربة"، والضعف على هيئة "صدق مع الذات".
حين قلت إن بعض أفكاره تعجبني، لم أقصد أنني أتبناها، بل أعيب على نفسي ذلك الانجذاب اللحظي لها، لأنها في كثير من الأحيان تُغلف بالدهاء والإغواء الناعم. أفكاره تسوّق للذة مؤقتة، لحل سهل، لهروب أنيق من واجب ثقيل. فالنفس تتوق أحيانًا إلى ما هو سريع، سهل، و"يُرضيها" الآن، حتى وإن كانت تعلم في أعماقها أنه سمٌ مغلف بالعسل.
أتفق مع هذا المنظور وأحبذه بل وألمس الكثير منه بحكم الخبرات الشخصية وبعض التجارب ، لقد وصفت الأمر بالفعل بالكلمات المناسبة ، والغريب أن الشخص يجد نفسه بشكل ما منجذب لتتبع تلك الحيل محاولاً إقناع نفسه أن هذا ليس حقيقي أو إنه غير منجذب أو إنه يستطيع المغادرة في أي لحظة كناموس يقترب من ضوء صاعق كهربي .. فيرى الضوء يلمع بشكل مبهر ولكن لا يعرف أن في كل لحظة يقتر فيها فأنه سيحترق.
لا أحبذ فكرة لوم الشيطان على كل ذنوبنا وأخطائنا وذلاتنا، فلقد خلق الله لنا عقلًا مفكرًا مُدركًا وقلب وروح نقية، كما أن هناك من بني الإنس من قد يتفوقون في الشر على الشياطين بجدارة، وفي الواقع عمل الشيطان هو عبارة عن وسوسة، بينما الشخص نفسه هو من يرتكب الفعل، فلنتخيل مثلًا أن شخصًا قال لآخر ارمي نفسك بالماء، هل يرمي نفسه ونقول أن الذنب بأكمله ذنب من قال له! فأين عقل الفاعل؟! نعم الأول اشترك في الجريمة عن طريق التحريض لكن الثاني هو من قرر الخضوع لكلامه وتنفيذه وكان يمكنه الرفض أيضًا، وبالمثل وسوسة الشيطان.
وهو ما يقود الشيطان لهم المتمثل في مجموعة مصاصين دماء تطلب منهم الأذن بالدخول، وهو إسقاط فلسفي على أن كثرة الخطيئة تسمح للشيطان أن يقترب
حتى في كلامك هنا الشياطين طلبت الإذن والإنسان هو من سمح لهم بالدخول!
ولكن هناك أساليب شيطانية تجرك للشهوة جراً ، فنحن نعيش في عالم يشجع على المعصية والخطيئة في كل ركن من أركانه ، فالجميع يحبذ الشخص الذي يرتكب الخطايا - لأنه يشبه الجميع - ولا يحبذ مثلاً شخص يقاوم أو ينصح بالتوقف عن المعاصي فيجدوه شخص غريب وقد ينبذ اجتماعياً ويتحول مساراً للسخرية ، لذا أظن أن الشياطين تفعل ما بوسعها لتستقطب البشر للمعاصي التي تملئ الأرجاء .. ولكن كيف لشخص أن يقاوم كل هذا .. فمقاومة الفتن أمر يبدو شديد الصعوبة ويزداد صعوبته يوماً بعض يوم بالأخص لهؤلاء الذي تحيط بهم المعصية والذنب من كل جانب .
لا يمكننا التعميم، فهناك صالحون وأشرار بكل مكان، هناك من يشجع الخير ويعين أصحابه، وهناك من يشجع الشر ويعين أصحابه، وعلى الإنسان اختيار لأيهما ينتمي وأيهما يهمه رأيه.
وقد تكون مقاومة الإغراءات صعبة أحيانًا ، لكنها ليست مستحيلة.
لا يمكننا التعميم، فهناك صالحون وأشرار بكل مكان، هناك من يشجع الخير ويعين أصحابه، وهناك من يشجع الشر ويعين أصحابه، وعلى الإنسان اختيار لأيهما ينتمي وأيهما يهمه رأيه.
معك حق ، ولكن الصالحون الحقيقيون قليلون جداً إلى حد الندرة ، في حين من يشجع على الشر كثيرون جداً وبوفرة
وقد تكون مقاومة الإغراءات صعبة أحيانًا ، لكنها ليست مستحيلة.
مقاومة الإغراء تستلزم إرادة قوية وعزم على أن لا يعود مرتكب الخطيئة إليها، وهؤلاء أكثر من يستهدفهم الشيطان ويعمل بل ويتفنن في غويتهم بكل الطرق إما بالإلحاح أو تيسير الظروف أو تجميل الخطيئة أو حتى إلبساها لبس الفضيلة أو وضع مبرارات ظرفية لإرتكابها ، وقد يبدأ بدفع الشخص لجزء صغير جداً منها .. مثل أن يوسوس الشيطان .. ما الذي يحدث إنها مجرد رشفة خمر صغيرة أنت تحتاج فقط لتجربتها ا حاجة لك لتجربتها مجدداً إن لم تعجبك .. ويمكنك القياس بهذا المثل على كل شيء.
شخصيا أعتقد أن الإنسان بطبعه يفضل اتباع شهواته، لكنه يجاهد نفسه لكي يرتقي بها ولا يكون مثل الحيوانات. وهذا هو مدخل الشيطان الرئيسي الذي تتفرع بداخله العديد من المداخل تبعا لكل شخص. فكل انسان له مدخله الخاص، وهي نقطة ضعفه التي توقعه في الذنب مرة بعد الأخرى، والشيطان حين يجدها يستغلها أسوأ استغلال ويضغط عليها ليوقعنا، لكن في نهاية المطاف فهو يغوي فقط لكنه لا يجبر أحد، إنما نحن من نختار
الإجابة في قوله تعالى بسورة ص ( فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين)، برأيي الشيطان لا يغوي إلا من تقبل الغواية فقط، الوساوس في آذان الجميع وأن نصغي لها أو لا نصغي هذا قرار شخصي، وبرأيي هذا الرأي الصائب
لأنه لو ذهبنا للرأي الآخر فبذلك نقول إننا مجبرين على الذنب فقد اذنبنا لأنه اغوانا ووسوس لنا، وهذا مفند في سورة إبراهيم في قوله تعالى (وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ ۖ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي ۖ فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم ۖ مَّا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُم بِمُصْرِخِيَّ ۖ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ ۗ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)
دعني أخبرك برأيي الذي يؤيد رأيك ولكن سيطرح فكرة من زاوية مختلفة قد تكون محل إعتبار لك
قدرة الشيطان على الغواية تكمن في كونك أولاً لا تراه .. ثانياً قدرته على تجميل بضاعته ، وثالثاً جعل صوته وكأنه صوتك الداخلي
والفكرة أن الشيطان قد يملك في تصرفاته أبعاد ميتافزيقية قد لا تشعر بها ولكن لها تأثير مرعب .. فتخيل مثلاً أن تقول أنني لن أقيم علاقة مع فتاة معينة أبداً لأنها لن توافق ولن تسنح الظروف أبداً لذلك .. فخمن ماذا يحدث (نعم صحيح) يتم تهيئة كل شيء لتجد نفسك في ظرف كل شيء ممكناُ .. فقط عليك أن تخطو فقط الخطوة نحو الخطيئة وسيتكفل الشيطان بباقي التفاصيل .. هذكا تكون رسالته بوضوح .. أكثر ما يرعبني أن الفتن دوماً تأتي في أكثر الأشياء التي تظن أنك قوي فيها وكأن الشيطان يختبر مدى قوتك فعلياً ، لذا ستجد واحدة من الآيات التي أستشهد بها عن الابتلاء والاختبار: وهو المعنى الأصلي لكلمة الفتنة ، كقوله تعالى: ﴿أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ﴾ (العنكبوت: 2).
لذا الاختبار يأتي للؤمنين أكثر بمراحل من الارقين بالمعاصي .. فمن غرق بالمعصية لن يسبب عناء للشيطان في الوسوسة فنفسه الأمارة بالسوء كافية لتوجيهه ، لكن الفتن التي تلاحق المؤمنين أكثر قوة وأشد ابتلاءاً لذا ما هي طريقتك الفعالة لمواجهة الفتن الصعبة؟
برأيي لا أحد يرتكب الخطيئة مجبرًا بالكامل، فالشيطان قد يوسوس، لكنه لا يجبر أحدًا على الفعل، في كثير من الأحيان نكون نحن من ترك الباب مواربًا، ننتظر من يدفعه لندخل، نعم الشيطان له دور لكنه لا يعمل وحده هناك هوى في النفس وضعف في القرار، وربما رغبة خفية تبحث فقط عن مبرر.
التعليقات