مع تزايد التطور البشري تزداد التحديات، وتُخلق العديد من الفرص سواء في مجالات العمل أو في الحياة بشكل عام. كل هذا يجعلنا نقف حائرين حول الخيار الذي يجب علينا أن نتخذه، وعلى سبيل المثال: هل أتعلم هذا المجال أم ذاك؟ هل أعطي الأولوية للعمل أم للزواج؟ هل سأندم إذا لم أجرب التجربة الفلانية أم سأندم لتجربتها؟ كثرة الخيارات هنا تجعلنا بلا شك مشتتين لدرجة أن نضيع على أنفسنا كافة الفرص؛ لأننا لم نستطع انتقاء أحدها، وكان هذا ما وقعت به بطلة العمل هنا حتى كان من السخرية أن يتم تسيمة الفيلم بأسوأ شخص في العالم إشارة لها، ولكن على الجانب الآخر لا يمكن أن ننكر أنها رفاهية كانت تتمنى أجيال كثيرة ولو جزء قليل من ميزاتها، وهو من المفارقات التي أشار لها العمل كذلك حين قارن بين حال بطلة العمل وجدتها التي على عكسها تمامًا لم يكن بيدها اتخاذ أي قرار بخصوص حياتها، فقبلت بما توفر لها. لذا بالنسبة لكم كيف ترون تعدد الخيارات نعمة أم نقمة؟
فيلم The worst person in the world: تعدد الخيارات نعمة أم نقمة؟
تعدد الخيارات هو سيف ذو حدين، يمكن أن يكون نعمة ونقمة في آن واحد، حسب كيفية التعامل معه وتأثيره على الشخص.
كما أشرت في حديثك، الفيلم "أسوأ شخص في العالم" يعكس هذه المفارقة بوضوح، حيث تعيش البطلة في زمن يتمتع بتعدد الخيارات، بينما كانت جدتها تعيش في زمن حيث كانت الخيارات محدودة وقبول المتاح هو الخيار الوحيد. هذا يعكس التغير الكبير في الظروف الحياتية والاجتماعية بين الأجيال.
في النهاية، يمكن النظر إلى تعدد الخيارات كنعمة إذا تم التعامل معها بحكمة ووعي. من المهم تطوير مهارات اتخاذ القرار وتقييم الأولويات الشخصية. استخدام بعض الأدوات مثل تحليل الفوائد والمخاطر، والتفكير طويل الأمد، يمكن أن يساعد في اتخاذ قرارات أكثر توازنًا وفعالية.
يمكن أيضًا الاستفادة من نصائح الآخرين وتجاربهم، دون أن تكون هذه النصائح هي العامل الحاسم في اتخاذ القرار، بل تكون جزءًا من عملية التفكير الشاملة.
تعدد الخيارات هو جزء من الواقع المعاصر، ومعرفة كيفية التعامل معه يمكن أن يحول التحدي إلى فرصة. يتطلب الأمر مزيجًا من التأمل الذاتي، والتخطيط الجيد، والقدرة على التكيف مع النتائج مهما كانت، سواء كانت ناجحة أم لا.
ماذا عنك يارنا؟ ماهو رأيك في هذا الأمر؟
من المهم تطوير مهارات اتخاذ القرار وتقييم الأولويات الشخصية. استخدام بعض الأدوات مثل تحليل الفوائد والمخاطر، والتفكير طويل الأمد، يمكن أن يساعد في اتخاذ قرارات أكثر توازنًا وفعالية.
هذه هي الخلاصة فعلا، فعملية اتخاذ القرار تأتي دوما مع تعدد خيارات، ومن يتمكن من تقييم الخيارات المتاحة أمامه بشكل صحيح سيتخد القرار بطريقة أفضل، لأن هناك نسبة منا قد يجلس يحلل ولا يتخذ القرار، ويصاب بما يسمى بالشلل التحليلي.
قرأت عنه مساهمة هنا على المنصة وفعليا هي مشكلة عند عدد لا بأس به
أنا أتفق معك تماما في كل ما قلته. وحده الإنسان وطريقة تعامله مع الخيارات هي من تحدد الإجابة على السؤال، حتى بطلة العمل هنا كانت مشكلتها أنها غير محددة الأهداف أو الطموحات تتنقل بين الوظائف بدون سبب معين رغبة فقط في "التجربة" تجربة الشعور بشكل عام، حتى وجدت نفسها في النهاية قد خسرت كل الفرص التي كانت أمامها، ولم تحقق شيء.
لا شك أن تعدد الخيارات يؤثر فينا سلبيا أحيانا وخاصة من التشتت والتخيل أن كل خيار لم نتخذه ربما نندم على عدم اختياره، ولكن لو نظرا بنظرة إيجابية للأمر فسنجد أن تعدد الخيارات هي من أكبر النعم التي ممكن أن نحصل عليها لأنها توسع مداركنا ففكرة وجود أكثر من خيار تجعلنا نبحث وبالتالي نتعرف على الاحتمالات التي تخص الاختيارات المتعددة ممكن يكسبنا معلومات قد تفيدنا في المستقبل فلو قارنا شخص يعيش في مدينة صغيرة فلديه من الخيارات أكثر ممن يعيش في قرية سواء على مستوى فرص العمل أو التقدم في المجتمع وكذا بالنسبة لمن يعيش في مدينة أكبر مقارنة بالمدينة الصغيرة فالفرص فيها أكبر ليس على مستوى العمل والدراسة وحدها بل على مستوى الترفيه والثقافة أيضا فمثلا غالبا ما تكون عواصم الدول هي المكان الذي يذهب له الشخص الذي لديه طموح ليظهر بشكل أكبر في المجتمع ويكون له تأثير.
ربما الأمر يتوقف على الشخص نفسه، وليس فقط الظروف المتوفرة لديه، فإذا نظرنا للشخص الذي يعيش في قرية صغيرة محدودة الفرص لربما يعيش حياة أفضل من الذي لجأ للمدينة طامعا في كثرة فرصها ولا يعرف ماذا يختار منها وعلى أي أساس يختار، الشخص الأول قد تجده يعيش حياة تقليدية حيث يعمل في وظيفة تسد له احتيجاته ويتزوج بشكل تقليدي كذلك ولكنه يرضى بحياته ويهنأ بها، والآخر قد يجري ويلهث وراء مئات الفرص والتجارب ولا يثبت على أحدها أبدا لأنه في كل مرة يريد تجربة شيء جديد وهكذا هي دوامة لن يستطيع أن يخرج منها.
تكون عواصم الدول هي المكان الذي يذهب له الشخص الذي لديه طموح ليظهر بشكل أكبر في المجتمع ويكون له تأثير.
لماذا تربط الطموح والسعي بالتواجد في المدن الكبرى وعواصم الدول؟
لاشك أن فرص العمل أكبر ومساحة التطور للفرد أكبر أيضا بالمدن عن القرية، حتى من بالقرية يذهب للمدينة من أجل إنجاز ما يريد، سواء عمل أو تطوير مثل كورسات أو مهارات، بالنهاية القرية محدودة جدا بإمكانياتها، والدليل على ذلك أن أغلب من يحقق نجاحا أو توسعا بعمله لا يبقى بالقرية التي نشأ بها.
هذا صحيح بنسبة كبيرة، لكن الأمر غير مسلم به تمامًا فمع تزايد الفرص في المدن كما تقول فإن المنافسة عليها أكبر، أرى أن الإنسان يمكنه ان يبدأ مشوار نجاحه أينما كان، فإن كان طريقه يأخذه إلى مكان آخر للاستزاده فلا مانع، لكن ربما يكون الشخص ذو امكانات تنافسية ضعيفة وطموح عالي فلن يغير شيئًا حقيقة تواجده بمدينه أو قرية فما زال نفسه.
أن أغلب من يحقق نجاحا أو توسعا بعمله لا يبقى بالقرية التي نشأ بها.
نتفق هنا أنه ناجح بالفعل ولديه طموح، ولم يمنعه وجوده بالقرية من تحقيقهلكنه يسعى للتوسع، وليس منقبًا عن الفرص بلا هدف.
لكن ربما يكون الشخص ذو امكانات تنافسية ضعيفة وطموح عالي فلن يغير شيئًا حقيقة تواجده بمدينه أو قرية فما زال نفسه.
تنافسيه ضعيفة وطموح عال لا أراهما يتفقان، إلا بحالة واحدة وهو شخص جاهل التعامل مع نفسه، لأن الطموح غالبا ما يوجه صحبه للتطوير، والبحث والتنقيب هنا وهناك، وبالتالي لن يكفي التواجد بالقرية لإرضاء طموحه، سيظل لديه ثقة أنه يمكنه الحصول على الأفضل لأنه يستحقه، لكن من سيتبقى بالقرية هو الشخص القنوع الراضي، أو الشخص الذي تكون القرية هي البيئة مناسبة لعمله مثلا مزارع، أو مقاول، أو حتى طبيب مشهور بقريته ويعلم أنه لو خرج سيفقد شعبية كبيرة مثلا. وهذه نماذج نراها كثيرا
تنافسيه ضعيفة وطموح عال لا أراهما يتفقان، إلا بحالة واحدة وهو شخص جاهل التعامل مع نفسه
هذا ما أقصده، لكني لن أقول جاهل، فكثير من بسطاء التفكير يظنون أن المدينة المبهرة بفرصها الرائعة ستمنحهم دور المدير التنفيذي أو قائد فريق العمل، بمجرد تخرجهم من جامعة مرموقة أو ذكائهم (وفقًا لتقديرهم الذاتي)، دون بذل جهد في تطوير المهارات وإنفاق الوقت في اكتساب الخبرات اللازمة لتحقيق النجاح. ما أعنيه أن كيفية التقدم في طريق النجاح تعتمد على الشخص نفسه ومؤهلاته وخبراته، وامتلاكه لخطة واضحة لكيفية توظيف مهاراته و قدراته، وليس فقط مكان وجوده هو ما يصنع الفارق.
لكن من سيتبقى بالقرية هو الشخص القنوع الراضي، أو الشخص الذي تكون القرية هي البيئة مناسبة لعمله مثلا مزارع، أو مقاول، أو حتى طبيب مشهور بقريته ويعلم أنه لو خرج سيفقد شعبية كبيرة مثلا. وهذه نماذج نراها كثيرا
أليس من ذكرتهم وغيرهم من الأمثلة هم أشخاص ناجحون قادرون وفاعلون في المجتمع، هل يقتصر النجاح على ريادة الأعمال والمشاريع الناشئة والمستشفيات الكبرى وشركات الدعاية؟
أليس من ذكرتهم وغيرهم من الأمثلة هم أشخاص ناجحون قادرون وفاعلون في المجتمع، هل يقتصر النجاح على ريادة الأعمال والمشاريع الناشئة والمستشفيات الكبرى وشركات الدعاية؟
لا أحد أنكر نجاحهم ولكنهم باقيين فقط لأنها بيئة مناسبة لعملهم بخلاف ذلك لم تكن لتناسب طموحهم، ليس لأنها سيئة، فأنا أحب حياة القرى جدا، ولكن لضعف الفرص بها، هي محدودة بالتأكيد مقارنة بالمدن
لماذا تربط الطموح والسعي بالتواجد في المدن الكبرى وعواصم الدول؟
لأن تركيبة المجتمعات لدينا هكذا حيث القوى المركزية للدولة، ليس لأنني أفضل هذا، فأنا في مدينة كبيرة ولكنها ليس كبيرة مقارنة بالمدينة المجاورة لي وفرص عملي أكبر من مدينتي ومقارنة بالعاصمة وهكذا وصولا إلى دولة مختلفة، لا أقول لا يوجد نجاح في مدينتك ولكن لو تبحث عن التأثير الأكبر عليك البحث عن مدن أكبر، فالفرص ليست عملية فقط بل ثقافية أيضا في العاصمة مثلا يجري بشكل شهري عروض ثقافية ودورات تعليمية مجانية في مختلف المجالات ثقافية وعلمية وعملية وهذا يحدث قليلا جدا في المدن الصغيرة أو حتى المدن الكبيرة التي عمادها الصناعة مثلا. فالأمر ليس مفاضلة عن من أفضل من ولكن عن الفرص المتاحة بشكل أكبر وتنوع أكبر، وليس حلما طفوليا بأن العاصمة بها كل شيء ولكن كما قلت هي تركيبة المجتمع ومركزية الدولة.
كيف ترون تعدد الخيارات نعمة أم نقمة؟
أعتقد أن الاجابة تشمل الاثنين، ففقد تكون الخيارات المتعددة نقمة لمن لا ي يملك هدفًا محددًا أو تصور لما يريد ان تكون حياته عليه، بمعنى أن يكون مشتتًا، أو قد يكون جشعًا فيقع في حيرة من اختياراته خوفًا من فقدان ما قد يفوته بترك باقي الخيارات.
وقد تكون نعمة إن كان الشخص عازمًا على انتهاج طريق محدد للوصول لما يريد، وبناء عليه يخدد اختاراته بسهوله دون النظر إلى ما قد يفوته
لمن لا ي يملك هدفًا محددًا أو تصور لما يريد ان تكون حياته عليه.
وربما يكون مدرك لشكل الحياة التي يريدها ولكن لا يعرف الطريق الذي يجب عليه أن يسلكه من بين عدة طرق لكي يحققها، فما نصيحتك لهذا الشخص في هذه الحالة؟
تعدد الخيارات قد يكون نقمة و لكن نقمته أرحم من نقمة وجود خيارات قليلة غير مضبوطة أو خيار واحد لا يناسبنا و قد تمت النيابة فيه عنا .. لأنه من المهم جدا أن يتعلم و يكتسب الإنسان بنفسه مهارة القدرة على التفكير و التحليل الذاتي و القدرة على تحديد الإحتمالات الجيدة من مجموعة و حزمة احتمالات ..
على قياس ( لا تعطني سمكا و لكن علمني كيف أصطاده بنفسي )
التعليقات