الفيلم الأخير من ثلاثية المخرج النرويجي واكيم تراير الذي تم ترشيحه لجائزتي أوسكار وجائزتين من مهرجان كان العام الماضي يدور حول البطلة العشرينية "جولي" منذ أن كانت في أواخر العشرينات حتى دخولها الثلاثينات. يتمحور الفيلم حول بحث "جولي" عن شغفها في الحياة، فيبدأ الفيلم بكونها طالبة طب ثم قرارها بتغيير مسارها لتدرس علم النفس بدلا منه، ثم قرارها بأن تغير مسارها الجامعي مرة آخرى بأن تدرس الفوتوغرافيا. حسنا، بداية مرتبكة لبطلة الفيلم.

بعد ذلك ننتقل إلى علاقتين مهمتين في حياة "جولي". الأولى مع رسام كوميكس أربعيني يدعى "أكسل"، والثانية مع عامل بمقهى يدعى "إيفيند". علاقتها مع رسام الكوميكس تسير على نحو جيد باستثناء غيرة "جولي" منه بسبب شيئان: الأول هو انشغاله أغلب الوقت بعمله، والثاني هو شهرته الواسعة بسبب رسوماته. تنشغل "جولي" كثيرا بالمقارنة بين حياتها حيث تقوم بالعمل كبائعة في مكتبة، وبين حياة حبيبها المليئة بالإبداع والشغف والنجاح. تأتي سخرية القدر في أن علاقتها بحبيبها الثاني تنتهي لسبب مضاد تماما، حيث أنها تستنكر وتسخر من الحبيب الثاني لكونه محدود الطموح ويكتفي بكونه بائع في مقهي ولا يريد ولا يبحث عن هدف أسمى لحياته.

في الفيلم قامت "جولي" بتغيير مسارها الجامعي ثلاث مرات حتى تجد ما تحب وتشعر أنه شغفها بالحياة، لكننا في الوطن العربي نادرا ما نختار مسارنا الجامعي بناءا على مدى شغفنا بالموضوع، بل نختار ما سيمكننا من إيجاد وظيفة بسوق العمل وما سيعود علينا بعائد مادي جيد، وأحيانا كثيرة يختار لنا أهالينا مسارنا الجامعي بالنيابة عنا. تعاني "جولي" في الفيلم من ربطها للنجاح بالنجاح المهني والسعادة عندها متوقفة على مدى سعادتها بعملها. 

 وهنا نصل لموضوع المساهمة: هل ضروري أن يكون لكل شخص شغف يقوم بدفع حياته للأمام دائما؟ هل البحث عن الذات شئ أساسي أم رفاهية لمن لديهم الطاقة والوقت؟ هل الرضا بالحياة المهنية للفرد كسل من نوعا ما؟ هل يجب أن نسعى دائما نحو إضافة جديدة لحياتنا المهنية لنكون سعداء في حياتنا وليصبح لحياتنا معنى أسمى؟