جميعنا تقريباَ شاهدنا التحفة السينمائية (فورست جامب) للممثل العبقري الحائز على الأوسكار توم هانكس و هو واحد من أبطالي المفضلين، ولقد أستعرض الفيلم التاريخ الأمريكي من خلال شخصية (فورست) المؤدي لها توم هانكس استعراض ذكي كتبت عنه مئات المقالات، ولكن في هذا اليوم سننظر للفيلم من زاوية أخرى لا تقل أهمية علاقة (فورست) بحبيته التي بدأت من براءة الطفولة بدعم كامل من فورست لحبيبته ومن حبيبته له كانوا أطفال وكان (فورست) من أهم صفاته أنه مستمع ومتحدث جيد جداً بذكاء عاطفي فطري تلقائي لا يملك سوى مهارة الركض وأن يمنح الحب بلا مقابل، لذا عندما تحولت حبيبته لمراهقة تبحث عن المغامرة تخلت عنه، ووقعت في عشرات قصص الحب لشباب يستغلوها من أجل إقامة علاقة جنسية معها دون الاهتمام بها حقاً وتجاهل (فورست) لأنها أصبحت ترى أن العلاقة معه مملة وتحوله لصديق رغم أن ما جمعهم بالأساس علاقة حب وليست علاقة صداقة، ورغم ذلك فورست كان يمنح الحب والوفاء بلا أي مقابل ساعده كثيراً أنه يعاني من بعض الإعاقات الإدراكية والجسدية ((رغم أنه شديد الذكاء)) و هو ما جعله يتجاوز عن كل أخطائها لأن الشيء الوحيد الذي يدركه هو أنه يحب تلك الفتاة منذ الطفولة ولا شيء تغير ، وهنا عندما يتخلى العالم عنه ويبقى (فورست) مخلصاً لها، وهي التي هجرته بكل الطرق .. هنا تقع في حبه وتستلم لهذه العلاقة ثم تتخلى عنه مجدداً لشعورها أنها لا تستحقه ـ، طوال الوقت كانت هي صاحبة قرار لبقاء والرحيل طوال الوقت ((ورغم أنها أحبته)) لكن لم يكن أبداً بقدر حبه لها .. الحقيقة أنها أحبته بسبب حبه المفرط الغير مشروط لها وهو ما أدى بالنهاية لأن يجعل تلك الفتاة الحسناء تقع في حبه بشدة ويعيدهم القدر في كل مرة لتتقابل المسارات مجدداً و (فورست) يسأل سؤال يبدو ساذجاً ولكن عميق ((أنا لا أعرف لماذا سقطت تلك الفتاة لحسناء في حبي .. أعتقد أنني محظوظ)) ولكن في الحقيقة هي المحظوظة بوجود هذا الحب النقي الغير مشروط في حياتها، وهو ما يؤدي بالضرورة للسؤال الذي كتبت من أجله هذه المساهمة
فيلم forrest gump هل يجب أن نكون أغبياء بشدة صادقين في الحب للوصول لقصة الحب المثالية؟
لم أشاهد الفيلم ولكنا دعنا نسأل أنفسنا: هل يحدث أو يكون هذا في الواقع يوماً من الأيام؟ الحقيقة أني أستبعد ذلك جداً لدرجة المحال اللهم إن كان المحب ( الرجل ) متخلفاً حقاً لا يفقه من معنى الكرامة شيئ او كما قال الشاعر العربي:
وقف الهوى بي حيث انت.... فليس لي متأخر عنه ولا متقدم
أجد الملامة في هواك لذيذة.... حب لذكرك فليلمني اللوم
أشبهت أعدائي فصرت أحبهم.... إذ كان حظي منك حظي منهم
وأهنتني فأهنت نفسي صاغراً.... ما من يهون عليك ممن يكرم!!!!!!
البيت الأخير برأيي يجسد فحوى علاقة البطل بتلك الفتاة؛ فالحب إذا أزيل منه عنصر الكرامة فهو ليس حباً سوياً برأيي؛ فلن يكون بتلك العلاقة إلا متخلف عقلياً أو فاقد للكرامة غير جل. ثم إن الواقع يقول لنا أن من يكون بريئا بهذه الدرجة لن ترجع له فتاته وتعترف له بصدق حبه وأن حبه غير مشروط. ثم إن الحب غير المشروط لن يقوم بين رجل وامراة أبداً وهذه طبيعة الحياة. أعرف ان الحب المشروط قد يكون بين الوالدين و الولد أم غير ذلك فلا يكون إلا في عالم الخيال و الأفلام....
ثم إن الحب غير المشروط لن يقوم بين رجل وامراة أبداً وهذه طبيعة الحياة
أتفق في عدم وجود ما يسمى بالحب الغير مشروط، ليس له معنى بالأساس، لماذا أحب شخص يهينني أو يقلل من كرامتي واحترامي ، يقلل أو يسخر مني، أو يجعلني في قائمة أخر أولوياته! حقيقة أن ما يقدمه الكثيرون من تنازلات قائمة على فكرة الحب الغير مشروط سخيفة وغير منطقية، هؤلاء الأشخاص لا يعرفون قيمتهم، ولديهم شعور أنهم دائما ما يستحقون الأقل في كل شيء، لهذا تجدهم متسامحين مع كل القسوة و الرفض والإهانة التي يتعرضون لها باسم الحب.
هذا حقيقي؛ وأنا لا أتصور كيف تقوم علاقة نسميها نحن حب وفيها لا يحفظ كل طرف كرامة الآخر!! فمن الحب لي أن تكرمني ومن الحب لك أن أكرمك. قديماً وانا طفل كنت أسمع من الاهل لما تقوم مشادة أو خناقة بين زوج وزوجته وترفض الزوجة أن تعود لزوجها لأنه ( أهان كرامتها) فتأتي إحداهن وتقول: ولكن ليس هناك كرامة بين الرجل وامرأته؟!!! كنت آخذ هذا القول على علاته وأنا صغير أم الآن فقد عرفت أنهذا عين الخطأ وأن حفظ الكرامة هي عين الحب ودليله.
أتفق معك يا @rana_512
وأتفق معك يا @kjhj
في أغلب ما قولتوه فيما يتعلق بأن الحب الغير مشروط لشخص غير مستحق لهذا الحب هو إهانة للكرامة ، لذا تحتاج تلك العلاقة الغريبة في الفيلم لكي تنجح إلى شخص يملك غباء إدراكي غير محدود (منفصل عن العالم الواقعي) ويعيش في عالم خيالي يكون فيه مفرادت (يحبها) ويصدقها بشدة حتى لو مجرد وهم ... مثل العروسة بنكويو الخشبية التي حلمت أن تحولها الجنية لشخص بشري ... وتطالبها كل يوم أن تفعل ذلك المستحيل ... ولأننا نعيش في قصة خيالية فهذا سيحدث عاجلاً أم أجلاً .. فورست سيحب الحسناء والحسناء ستحبه مهما بدا هذا خيالياً ومهيناً و غير واقعياً .. لكن هل حياتنا منطقية أم أننا كبشر تأتي لنا تلك اللحظات التي نفعل فيها كل شيء قمنا برفضه يوماً ما ؟
أنت فقط عندما تحب يجب أن تكون غبياً مثل فورست حتى تحصل على حبيبك أو تعيش وحيد تبحث عن علاقة مثالية لا توجد في الواقع .. أظن هذا ما كان ييحاول الفيلم قوله طوال الوقت من خلال قصة الحب والدراما الحياتية التي عاشها فورست
هذا حقيقي مئة بالمئة إذا ما طبّقته، سوف تصل بهذا السلوك الغير طبيعي، البراءة المتناهية والتسامح اللامحدود إلى هذه النقطة من الحب، إذا دمجت الغباء مع ذلك سوف تصل أسرع وأسرع، سوف تقع في قصة الحب التي تريدها، بالمناسبة أعرف واحد من أصدقائي يجسّد شخصية فورست غامب بالضبط فعلاً بحياته حين أحبّ صديقتنا في الجامعة، كانت ترفضه فعلاً وتستغرب إصراره ولكنه تقريباً عاش حياة شبيهة له، وفي النهاية هم الآن متزوجين، ولكن لدي سؤال، سؤال لا أستطيع أن أتجاهله، هل فعلاً يستطيع المرء أن يعيش بهذه الطريقة كل حياته أم أنّهُ مؤخراً سوف يسقط ويفقد القدرة على مزيد من الغفران والتجاوز؟ برأيي لإنهُ ليس المهم أن تحبّ وتُحَبّ، المهم أن تحافظ على من تحب حياتك كلّها وتعيشوا بشكل رائع، باعتقادي هذا غير ممكن.
مرحباً ضياء
إذا كان متأخر إدراكياً أو لا يفهم الأمور التي نفهمها نحن بشكل طبيعي وإذا كان محباً مخلصاً سيستمر على هذا النحو ، ولكن ما تعلمته أن الطرف الثاني الذي يتعود على الأخذ سيرى هذا كحق وليس كميزة لذا لن يتحمل الطرف الأخر ، وإلا لما كان أدم أكل التفاحة المحرمة .. نحن طوال الوقت نرفض أي وضع أمن مستقر ونتمرد دون فهم مثلما فعلت (جيني) حبيبة فورست
رأي أن قصة الحب هذه مزعومة ومقحمة من حيث الكتابة والإخراج فشخصية جيني شخصية هوائية لا تعترف بحب ولا تشعر بشيء سوى شعور بكونها ضحية وشعور بالذنب نتيجة ما امتهنته من عمل قامت فيه ببيع جسدها. جيني مدمنة للمخدرات وشخصية فاسدة لا تلجأ لفورست إلى كقط أليف يمحو عنها بعض آثار أفعالها وتركن إليه حين تشعر بضيق الدنيا، جيني هي شخصية شر في جوهرها حتى مع محاولات الكاتب والمخرج في تبرير ما فعلته أنه نتيجة ما تعرضت له في تربيتها من الصغر، لكنها ظلت طوال الفيلم تستغل مرض فورست ولا أقول هنا طيبته بل هو مرض جعله لا يستطيع فهم معنى الحب والخيانة وما إلى ذلك. أما عن فورست فأرى أنه من السذاجة التعامل معه كشخصية طبيعية، وكأنه في كامل قواه العقلية فالحب ليس مجرد من الفكر والعقل وكونه يملك مرض يقلل من قواه العقلية بحيث لا يقدر على فهم معنى الحب والخيانة وما إلى ذلك، يجعل من حبه المزعوم لجيني منقوص فهو مجرد مشاعر طارئة لم يستطع تخطيها كأي إنسان طبيعي بعد أن ثبت له أنها لا تستحقه.
مرحباً إسلام أسعدتني مشاركتك جداً لهذا الرأي القوي الذي يعبر عن فهم عميق للطبيعة شخصيات الفيلم دعني أشير لما أتفق وأختلف معك فيه
- قصة الحب لم تكن أبداً مقحمة لأنها المحرك الأساسي لشخصية فورست ليقوم بالركض وهي ما حولته لأن يصبح ريشة في مهب الريح يتحرك في مسارات مختلفة
- جيني شخصية معقدة تعرضت للإساءة الجسدية من أب سكير وهذا بالتأكيد أمر لا يمكن التغافل عنه في تكوين شخصية مستغلة لسلطة نفسية لشخص يتحكم في شخص أضعف لا حيلة له ويعذبه الأب يعذب أبنته الأضعف ، الحبيبة تعذب حبيبها الأضعف إدراكياً
- أتفق تماماً أن فورست مريض وأن جيني شخصية فاسدة ولا تستحق هذا الحب المثالي الممنوح بلا قيد أو شرط
- أتفق أن (فورست) يسامح لأنه مريض لا يفهم ما نفهمه نحن كبشر طبيعيين عن أبعاد العلاقة وهو بالفعل ما أحاول قوله من المساهمة المقدمة هل يجب أن نكون أغبياء نعطي بلا قيد أو شرط لتحويل علاقة ((مذلة)) لعلاقة حقيقية
في النهاية يجب أن أشكر رؤيتك الجميلة للفيلم (تحياتي)
لا أؤمن أن "الغباء الشديد" يؤدي إلى قصة حب مثالية، ربما الفيلم مرتبط بسيناريو محدد يتوقف لدى نهاية سعيدة وهي أن البطل وهو الذي كان يسامح على أي خطأ وصادق العهد والنوايا قد تكللت نقاوته تلك بأن عثر على الحب.
لكن النتيجة الحقيقة تمتد إلى الجزء الثاني من الفيلم (وهو الذي خفل عنه المخرج فلم يقم بإنتاجه!)..
إن الشخص الذي يسامح بلا تردد ويعطي عطاءً لامشروطا لشخص آخر بناءً على ميل كلّي وحب أعمى، ليحتقر نفسه للغاية، هو خلال قيامه بذلك لا يرى الأمر على هذا النحو، بل يراها تضحية مثالية، لكن أتدري ما الذي سيجعله يغير رأيه؟ ببساطة تغيير الأدوار سيفعل ذلك:
لو أخطأ هذا الشخص مرة وعامله الآخر عكس تلك الطريقة اللامتناهية في الغفران ستبدأ النظرة لشريكه في فقدان بريقها، وخطأ تاليا مع ترصف مماثل سيشعر كم كان غبيا من قبل لا مثاليا في التضحية والحب كما كان يتصور.
أعتقد أن رأيك مبني على فهم قوي وعميق لفكرة العطاء الغير محدود وغير مشروط في الحب ، وأن هذا بذاته قد يدمر العلاقة عندما يصبح المنح والعطاء الغير محدود عادة ثم حق مستحق أقرب للعلاقة العبودية حينها يتوقع أن يكون المحب عبد والمحبوب رب ولا يمكن عكس الأدوار بينهم ، لأن هناك كيان أسمى وكيان أحقر ولا يليق أن تتبدل الأدوار بينهم
عندما يصبح المنح والعطاء الغير محدود عادة
وهو كذلك أخي العزيز، أن نجعل الطرف الآخر يعتاد على فكرة الخضوع التام له هو بمثابة صنع طاغية في العلاقة سينكد كثيرا لأجل الحصول على ما يراه حقه ولا يراه جهدا مبالغا فيه لإرضاءه.
وهذا ما يدعوني للسؤال أخي العزيز
كيف يمكن التعامل مع نموذج سام نحبه بشدة (إذا وقعنا في هذا الأمر؟)
للأسف فآخر العلاج الكيّ كما يقول المثل، الانفصال والاستغناء رغم صعوبته ليس كقرار بل كتبعات أيضا إلا أنه الكيّ هنا إذا ما قمنا بالفعل باستنفاذ كامل الحلول العلاجية من مصارحة الطرف الآخر بمدى الأذية التي يلحقها بنا سلوكه أو حتى محاولة جره للتغير.
التخلي عن شخص تحبه هو خسارة عاطفية حقا، لكن التخلي لأجل حفظ الراحة القلبية والسلام الداخلي هو نقيض ذلك، هو انتصار للذات.
ما قلته حقيقة لا يدركها الكثيرين ولا يتوفر فهم كامل لها ، فالوحدة في ((كثيراً جداً من الأحيان أفضل)) بكثير من عيش قصة حب خيالية غير مطابقة للحقيقة ومؤية جداً للنفس ، رغم ما تسببه الوحدة من الألم
ولكن هل نستطيع نحن معالجة هذا الأمر بذلك الحسم .. نختار الوحدة رغم كل ما تمثله من ألم و وحشة ، أم نختار العيش في قصة حب غير مثالية على أمل أن تجعل الحياة الشخص الذي نحبه (كما نحبه)
التعليقات