فيلم عاشق 2024 يعرض في السينمات من بطولات أحمد حاتم وأسماء أبو اليزيد يتحدث في إطار رومانسي ودرامي، عن قصة حب تنتهي بالزواج بين الشاب مالك والفتاة فريدة، حيث يعمل مالك معالج لحالات الإدمان، بينما فريدة تتورط في العديد من المشكلات بسبب وقوعها في فخ الإدمان هذا هو أحد الخطوط الرئيسية التي يتعرض لها الفيلم في قصته المتشعبة وبالنظر لهذا الخط الدرامي، وبالنظر لتجارب إنفصال رأيتها في الواقع لأصدقاء لي لم تنجح زيجتهم بسبب إدمانهم المخدرات وحدث الانفصال رغم مراهنتهم على نجاح قصة الحب تلك ولكن النتيجة النهائية كانت الانفصال وللأسف في وجود أطفال يتم معايراتهم بوجود أب أو أم مدمنة، وهو ما دفع أسئلة طبيعية في ذهني مرتبطة بموضوع واحد هل تعتقد/ي أن الحب كافي لتغيير وإصلاح أخطاء الأخرين أم أن مصير تلك العلاقة الفشل من البداية؟
فيلم عاشق: أما زال الحب يصنع المعجزات؟
الحب قادر نعم ولكن بشرط أن يكون لدى الطرف الذي لديه العيب الـpotential من البداية لتغيير هذا، حتى لو أصابته انتكاسة في مرحلة ما فيكون الآخر موجودًا ليشده، حينها يكون الاثنان في نفس الاتجاه ولديهما نفس الرغبة. أما إن كان واحد منهما يود التغيير والآخر لا، فحتمًا مصير العلاقة هو الفشل.
هناك مشكلة أخرى بهذا الشأن قد تكون مدمر ففي بعض الأحيان يجذب المدمن شريكه إلى الأدمان بدون أن يدري في لحظة ضعف فبدلاً من أن يجذب الشريك السليم شريكه للتعافي يحدث العكس (بسبب الحب) حيث يخوض الأثنين التجربة معاً وهذا حدث مع أحد معارفي حيث أنه جذب زوجته التي تعمل دوماً على نصحه للإدمان فهي لم تنجح بالتأثير عليه في كل مرة رغم رؤيتها له أنه يحاول الإقلاع بشكل حقيقي، وفي أحد المرات التي لم يتواجد هو فيها حصلت هي على أحد العقارات التي كان يخبئها ويبدو أنه نساها وبدافع الفضول قامت بتجربته .. ثم بدأت بالتعاطي دون علمه ، وأضطر الأثنين لاحقاً للذهب لمصحة للتعافي ، وهو ما جعلني أقلق بشدة من فكرة أن البقاء مع شريك لعلاج الأدمان هو أمر فعال.
الحب أصلاً لا يدخل على موضوع إلا ويفسده برأي في العلاقة، أنا من دعاة الحب وأعدّ للزواج حالياً على أساس الحب ولكني لست مع أن الحل ينقذ بل الحب يعقد الأمور في حال تم الاعتماد عليه، الحب مثلاً يجعل الانسان يؤذي غيره باسم الحب، الحب يجعل الشخص يبتز الآخر عاطفياً باسمه، الحب لا يزيد من جودة العلاقة ويعفي الناس من مسؤولية زيادة أهمية وجودة علاقتهم، والحب لا يصمد أمام المواجهات الصعبة، وهذا الموقف الذي طرحته هو جزء من هذه المواقف التي لا يمكن للحب أن يصمد بوجهها.
لهذا أنا أرى من يعتمد على الحب في حياته لمواجهة المواقف التي سيتعرض لها هو كما قالوا بالمثل الشعبي القديم : الغريق يتعلق بقشة!
الأصح أن يعتمدوا على نقاش طويل وحوار يفرز سلوكيات جاكة ومحاولات إصلاح وتصليح وصبر، هذا ما يفلح وما يمكن الصبر عليه، غير ذلك الموضوع ميؤوس منه حتى ولو امتلكوا حب روميو وجولييت.
رغم أن هذه وجهة نظر إلى حداً ما صادة لكنها منطقية وتحوي بعض الموضوعية ، ولكن هل تعتقد بوجهة نظرك أن أثنين واقعين في الحب ((تتحكم مشاعرهم في قرارتهم)) سيقومون بنقاش طويل وحوار يفرز سلوكيات جادة ومحاولات إصلاح وتصليح وصبر كما تشير أنت؟
الحب أصلاً برأيي لا يأخذنا إلى هذه الطرق الطويلة، بل هو دائماً يذهب نحو الاختزال والصمت والاختصار إذا ما لاحظت ذلك بين المتحابين وهذا نراه حتى بالأفلام ولو يشكل مبتذل، نرى البطلة مثلاً تشرح وجهة نظرها وتحاول أن توصل لشريكها مشاعرها وغضبها ولماذا هي غاضبة وهو يرد عليها بكلمة "بحبك" كصخرة تسد وتكتم هذا الحديث ويعتقدون بها أنهم عالجوا كل شيء! على أنهم راكموا وسدّوا فقط كل شيء!.
تعجبني تلك الفلسفة التي تبدو بسيطة ولكنها في الحقيقة تحوي لفهم عميق لطبيعة أو لحقيقة العلاقات ، وإن كنت أنا من الأشخاص الذين يميلون أكثر للتأويل الرومانسي للأمور .. مثل التصديق بأن الحب قادر على أن يفعل كذا وكذا ، وأنه من أجل الحب يجب أن نضحي بكذا كي ينجح ويستمر ويقود في بعض الأحيان ، فأنا من مدرسة تفضيل نعيم الجهل في الحب ، أفضل من خيار الإدراك الكامل لحقيقة العلاقات وما تجلبه من مشاكل بأسمها .. فتجدني أتغافل وأقوم بتأويل أمور على غير حقيقتها لكوني أميل كما قلت لك للتأويل الرومانسي للأمور.
ولكنك مصيب تماماً برأيي حتى في رومانسيتك، لإنك قلت جملة مهمة تعطينا المثال الوحيد الذي يمكن فيه الاعتماد على الحب بشكل كبير:
وأنه من أجل الحب يجب أن نضحي
بالفعل، مفهوم التضحية يرتبط تماماً الآن بالحب، اي تضحية لابد أن ترتبط بالحب لكي يستطيع الانسان القيام بها، لا يمكننا أن نقوم بأي تضحية بلا حب، ولذلك قال الله أننا لا نطعم الأسير ونضحّي بكرهنا لهذا الأسير ونكرم الأسير إلا على حبّه، حب الله ولأجل هذا الحب فقط!
كلمات مؤثرة لك كل الحق فيها وأعجبني هذا المثل كثيراً :
لا يمكننا أن نقوم بأي تضحية بلا حب، ولذلك قال الله أننا لا نطعم الأسير ونضحّي بكرهنا لهذا الأسير ونكرم الأسير إلا على حبّه، حب الله ولأجل هذا الحب فقط!
و وفقاً لهذا المنظور أستاذ @Diaa_albasir أليس من الممكن أن نعتبر أن تضحية شريك من أجل حبه الصادق لإنقاذ شريكه يمكن أن يحقق معجزة ويخلص هذا الشريك من الإدمان؟
نعم ولذلك أنا اومن بنافذة التضحية كثيراً، هناك مئات إن لم يكونوا آلاف من الزوجات مثلاً غالباً ما يضحيين بأوقاتهم وأعمارهم في سبيل إصلاح أمر في شركائهم.
الحب لاينتج الا من خلال تشارك عميق في الحياة
كان تحب اخوك او صديقك او اباك او امكن لانك تعيش معهم وتعرف سلبياتهم وايجابياتهم
علاقات الحب مجرد وهم بالنسبة لي، ويظهر الحب الحقيقي بعد الزواج وليس قبله. وقتها ستظهر السلبيات والايجابيات واختلاف الثقافات ونرى الى اي مدى سيصمد ذلك الوهم.
يبدو كلمة وهم (رغم دقتها الوصفية) هي كلمة شديدة القسوة في تأويل علاقات الحب ، أنا أظن أن الحب هو وهم جميل ، ولكنه أيضاً حقيقة مستمرة باستمرار تصديقها من قبل المحبين ، والأنسان يصدق (الكذبة) حتى تتحول إلى (حقيقة) وهو الأمر نفسه الذي يمكن تطبيقه على الإدمان لأن الأدمان هو بحقيقة الأمر ((حقيقة ثابتة يستحيل تقريباً التخلص منها)) إلا في حالة أن صدق المدمن أنه [يستطيع] التخلص منه .. وهو وهم جميل لأن الأدمان في حقيقة الأمر وبحسب أغلب الأحصائيات ذو التأثير الأقوى ، لكن ما أن يصدق (المدمن أنه الأقوى) ويظل يتعامل على هذا الأساس أنه قادر على الإقلاع حينها قد يتحول الأمر إلى حقيقة أقوى فيقلع عن الإدمان... أليس كذلك؟
الحب ليس مبرر لكي نذبح أنفسنا قرباناً لإصلاح عيوب الآخرين، نساعدهم وندعمهم ونقدم لهم يد العون، ولكن من يمتنع عن إدراك المشكلة ويعمد للتغيير فلن يساعده أحد، وبصراحة تستفزني هذه العلاقات التي نلوم بها على الطرف الذي قرر أن يتخلى، ربما لن نحب كهذا الشخص مرة أخرى ولكن هذا لا يعني أن نتأذى بوجوده.
رغم أنني أتمنى أن أخالفك في هذا الرأي ، لكن الحقيقة والواقع يبرهن مصدقية كل ما تقول ، فالحب أحياناً يدمر الشخصين بدلاً من أن ينقذ الأثنين هذه التجربة واضحة يمكنك قراءتها في ردي على أستاذة @raghd_agaafar فنحن حقاً نرغب بالتضحية عندما نحب من أجل من نحب ((لذا لا نفكر)) وبعض أنواع المشاكلات ومنهم مشكلة الإدمان تحتوي على الكثير من زوايا التفكير التي يجب وضعها في الاعتبار وهي من أكثر إن لم تكن أكثر أنواع المشكلات التي تخرب العلاقات، ولكن هل هذا يعني بالضرورة إن أحببت شخص بشدة و وجدته يعاني الإدمان فهل ستتخلى عنه لتنقذ نفسك أو تقفز من المركب الغارقة طالما توفر قارب للنجاة؟
التعليقات