كثيرة هي واجباتنا العربيّة، الأصحّ بالمعنى: قيودنا. ترى الواحد منّا يخاف أن يطلق لسانه أو قلبه أو حتى مزاجه في الحياة دون أن يجد لهُ ألف رقيب ورقيب والأكثر طبعاً دون أن يشعر هو ذاته بألف قيد وقيد.
ولكن ما لا أفهمه ولا أريد أن أفهمه هو تلك القيود التي تدخل علاقاتنا وصداقاتنا الطوعيّة، تلك الصداقات التي أقبل الشخص عليها بطوعه واختياره، ألا يحق فعلاً لشخص دخل أمراً بطوعيّته واختياره أن يخرج منه أيضاً (إن أراد) بطوعيّته واختياره؟.
شاهدت فيلم banshees of inisherin. فيلم يدور عن هذا الموضوع بين مُغفّل وحيد وذكيّ شعرَ بالغنى عنه فجأة وبدون أي أسباب نهائياً، كره لأجل الكره، أو ربما ليحظى بكل الوقت لهدفه وفي الفيلم هدفه: الجلوس وحيداً كلّ الوقت (هدف قد لا يُعجب الجميع منّا ويراه سبباً فارغاً وتافهاً) هي علاقة إجبار من هذا المُغفل يحاول فيها أن يستعيد صداقته بالقوّة، غصباً. إنّهُ تماماً ما نفعل وإن كان ما نفعله قد لا يبدو بهذه الطريقة ولكنّنا نفعل ذلك، نريد لصداقاتنا أحياناً البقاء ولو بالقوّة!
ولا نستطيع تفهّم أن للإنسان أحياناً مزاج وخطط بديلة للحياة قد تُنفّذ بأيّ لحظة، أي أنّنا حين نُرفض من شخص علينا أن نتقبّل ذلك، نحن نرفض أن نتقبّل هذا التغيير أو كما يقول الكاتب أحمد سعداوي: "ولكنّها طاقة الكراهية النائمة التي تستيقظ فجأة اتجاه الشخص الغير مناسب".
لماذا نرفض أن نقتنع فعلاً أننا هذا الشخص الذي يُصبُّ عليه الكره وعليه أن يُغادر بهدوء؟ لماذا نتشبّث بأصدقائنا بطرق طفولية مُضحكة في كثير من الأحيان؟ والأسوء طبعاً نفرض أسلوباً وقواعد للصداقة يجب أن يمشي عليها الجميع غصباً لمُجرّد أنّها لائمتنا جداً في حياتنا وتناسبنا وتنناسب أفكارنا.
الصداقة علاقة حُرّة من كُل شيء، فيها البقاء والمُراهنة ضرباً من ضروب الآن برأيي، أي أن لكل يوم قرار ولكل قرار مزاج أحياناً لا داعي للأسباب، هي علاقة يحكمها اليوم، وحرّة من كل قيد، من لا يتكيّف معها عليه أن يُعالج لديه فكرة التملّك التي تستشري بحياته.
أو هذا ما أظنّهُ أنا، وأنت هل لديك رأي آخر؟ أو مخالف حتى عن ما قِيل؟
التعليقات