يكتب صناع المحتوى المرئي التلفزيوني وبالأخص طبعاً السينمائي والسينمائي العربي شخصيات الرجال لتكون مثيرة للاهتمام، معقدة، قوية حيناً ومغلوبة على أمرها أحيان أخرى، لكن هل لاحظنا حال الشخصيات النسائية؟

معظمهم (أي الكُتّاب) يكتبون الشخصيات النسائية بوصف واحد دون أن يكون له أحياناً أي ثاني في عدّة أعمال أو مواسم متتالية من الصناعات الدرامية لبلد كامل: قوية. متجاهلين عمداً على ما أعتقد العمق أو فرصة التعمّق بالشخصيات النسائية.

ليس من المهم أن تكون ويكوّن الصانع سواء مخرجاً أو كاتباً شخصية نسائية مركبة أو متكاملة، يكفيها فقط أن تكون قوية، ألم نلاحظ ذلك في كثير من المسلسلات؟ قادرة على سحق جيش من الرجال وأحياناً نصر قضايا بأكمّلها وكأنّها بطلة سوبرهيرو أو على الأقل قادرة على إنقاذ نفسها من دون الحاجة إلى بطل، إلى رجل ينقذها أو مجتمع يحميها ويحتضنها.

أصبحت الشخصية النسائية القوية مجرد شخصية جاهزة تعمل كمضاد لشخصية سابقة كانت مسيطرة أيضاً في الزمن الماضي على نقيض ما نعيش اليوم: الفتاة في ورطة!. التي ميزت الثقافة الشعبية لفترة طويلة من الزمن، في الأعمال الفنية التجارية يصعب إيجاد خيارات غير جاهزة ومعلبة من ناحية هذا الموضوع وللصراحة إلى اليوم أجهل السبب الحقيقي لهذا الأمر فإما تكون الأنثى في الدراما شخصية قوية تنقذ نفسها وإما في محنة يتم إنقاذها، كل التفاصيل والفروق الدقيقة الأخرى (عمداً أو ربما سهواً متراكماً "أشكّ في السبب الثاني طبعاً") التي يتم كثيراً الاعتناء بها في الشخصيات الرجالية والتي بالمناسبة هي التفاصيل التي تجعل أي شخصية نابضة بالحياة، كل هذا يتم حذفه وتجاهله بالتعامل مع الإناث.

لذلك ومن زمن صار بعيداً نسبياً لا أستطيع إلّا أن أكره الشخصيات النسائية (أعتقد أنّكم لامستم مقصدي، خاصة بعد هذا المثال): يمكن للملك فسيريس للمسلسل الأشهر لهذا العام house of the dragon أن يكون عبقريًا، منعزلًا، وقحًا، سحريًا، شجاعاً، حزيناً، متلاعباً، عصابياً، مغروراً، فوضوياً، حساساً، مجاملاً، وقحاً، أما رينيرا ابنته، وريثة العرش في المسلسل لا يتسنى لها ولا نراها إلى في أنها قوية…

أحاول بما سبق أن أصل إلى سؤال، هل كُل هذا يعود بالضرورة إلى عدم فهم الكُتّاب، مُعظم الكُتّاب لشخصيّة المرأة؟ أم أنّ للأمر أهداف مجتمعية وهو إنصاف ساذج لها على الأقل في الدراما؟ أم أنّ وهذا هو الأخطر طبعاً: يعتقد المجتمع أنّ غايات المرأة وشخصيّتها كامنة كتيمة غير مؤثّرة بالمحيط، لا مكان لها على الساحة الفعل والحياة، التغيّر والتغيير؟