أربعينات القرن الماضي كانت بمثابة القشة التي قسمت قلم جورج أورويل الى مجموعة من الصفحات التي يكسوها حبره الغالي، صانعًا تحفته الخالدة " مزرعة الحيوان"

ولعل في صفحات أورويل ما يُعد تلخيصًا لما يدور منذ تلك اللحظة للان.

مستر جونز صاحب المزرعة البخيل الذي يستمد سعادته من جني المال وإستغلال حيواناته المُخلِصه التي لا يوازي طعامها الذي يمدهم إياه بحجم العمل المطلوب منهم، تعرض لإنقلاب مُخطط من قِبل الحيوانات التي سئمت العيشة تحت إمرته، أو ربما هو انقلاب القدر نفسه.

و كان حصول الحيوانات على حريتهم أشبه بالحلم.

ولكن لكل حلم نهاية، ظنت الحيوانات أن عصر الإضطهار قد إنتهى بتوليهم حكم أنفسهم، ولكن قانون المزرعة يلزم وجود قائد لذلك عينوا خنزير منهم حاكم عليهم.

وكعادة كل الخنازير إستغل الفرصة وطغا على أبناء جِلْدَتِهِ.

وإستعبدهم كما كان يفعل جونز وأكثر حتى إنتهى الحال كما ينتهي دومًا بأن أصبحت جميع الحيوانات متساوية، لكن بعضها أكثر مساواة من غيرها - كما أنهى أورويل حكايته.

في التسعينات في مصر ظهر لنا مجموعة من نجوم الشاشة الصغيرة تحت قيادة "ملك الترسو" كما كان يسميه عشاقه، فريد شوقي أخذ منه العمر ما أخذ حتى ترك المشاهد القتالية واتجه بقوة للكوميديا التي أبرع فيها، ولحسن الحظ قام بكتابة تحفته العائلية " البخيل وأنا "

قصة بسيطة تحكي عن أب بخيل، لا يجود على أبناءه حتى بطعام مناسب، يستمتع بجني المال دون إنفاقه.

حتى تحولت حياة أبناءه لجحيم دفعهم لتمني مرضه وربما وفاته، حتى تحققت الأمنية الأولى ومرض الأب في سيناريو أشبه بإنقلاب القدر، واختار الأبناء الأخ الأكبر لتمثيلهم وينوب عن الأب لأنه يعي تمامًا مطالبهم وما يحتاجوه.

ولكن لأن جورج أورويل وضع خارطة الإنقلابات جميعًا منذ أكثر من خمسين سنة، إضطهد الإبن إخوته الذين عانوا معه أشد أنواع العذاب تحت حكم الأب الظالم من قبل.

الأمر الذي يجعل من تصرفاته لا تتخطى تصرفات خنزير مزرعة مستر جونز.

والذي يجعلنا أمام سؤال رُبما كان هو السؤال الذي سأله جورج أورويل لنفسه قبل أن يبدأ في تأسيس جدران مزرعته؛ لماذا نتفنن دومًا في إختيار الخنازير ونوليهم زمام الأمور؟