شاهدت الفيلم المصري "اللي بالي بالك"- من بطولة الممثل محمد سعد بدور والممثلة نيفين مندور وثلة من الممثلين الاخرين- منذ زمن طويل جدا، إلا أنني منذ بضعة أيام وأنا أشاهد أحد الفيديوهات لمدرب تنمية بشرية، استعان بهذا الاقتباس للإشارة إلى الدور الكبير الذي يلعبه الأصدقاء في تحديد سقف نجاحاتنا وتطورنا. فأنا أيقن المقصود تماما بهذه المقولة، خاصة أنني تربيت على مثل شهير لطالما رددته جدتي، وهو "من عاشر قوما 40 يوما، إما صار منهم أو رحل عنهم".

ولكن موضوع اختيار الأصدقاء ليس بهذه البساطة، فجميعنا لدينا أصدقاء أعزاء فرضتهم الحياة علينا، إما لظروف جمعتنا أم لصلة قرابة، أم أنها صداقات تكونت في فترات كانت فيها اتجاهاتنا وطموحتنا ورؤيتنا للحياة مختلفة اختلافا جذريا، ولكن هذه الصداقات تحتل مكانا عميقا في قلوبنا ومكانة خاصة نظرا لذكرياتنا المميزة مع أولئك الأشخاص والمحبة التي نكنها لشخصهم. ولكن ما يحدث هو أننا نتغير لاحقا، فنكون شخصيتنا ونسلك اتجاهات جديدة أو نبني قناعات لم تكن من قبل، وبذلك نفقد ذلك الانسجام مع كثر من أصدقائنا السابقين، فتخف متعة الحديث معهم، ونشعر بأننا أصبحنا غير قادرين على مشاركتهم أفكارنا وتطلعاتنا الجديدة للعديد من الأسباب، إما أنهم قد لا يفهموننا، قد يعارضونا، أو غير ذلك.

من جهة أخرى، يحصل أننا قد نتطور في الحياة تطورا أسرع منهم، أو قد نحاول الحفاظ على نمط حياة يدعم إنتاجيتنا واستغلالنا لوقتنا وقدرتنا، بينما هم قد لا يكونون قد وصلوا إلى هذه الدرجة من الوعي والنضج، ونشعر أننا نضيع وقتنا معهم بدلا من الاستفادة منه، أو نشعر بهبوط في العزيمة أو تشتت معهم، بينما نجد أشخاص جدد يزيدون من عزيمتنا وتلتقي مساراتنا معهم. فهل يوجد أجمل من أفراد تشعر بتشابه كبير معهم؟

فما الذي يجب أن نفعله في هذه الحالة؟ هل نضحي بجزء من وقتنا فقط في سبيل العشرة وكي لا نجرح أولئك الأصدقاء الذين بالطبع نكن لهم المحبة؟ أم نختار الصحبة التي تصب في صالح تطورنا ونمونا؟ وهل سنكون "غير أوفياء" إن تغيرنا مع أصدقائنا في سبيل تطوير الذات؟