ڤيولا ديفس | مشاعر
شاهدت منذ فترة لقاء تلفزيونيا تحدثت فيه إحد الممثلات عن اختبار خاضته لتحصل على دورها الأول كممثلة فى عمل درامي، عبّرت وقتها أن لجنة الاختبار طلبت منها أن تعبر عن شعور بملامح وجهها فقط، مثلا أن تُعبر عن السعادة، الحزن، الشجن،.. إلى آخره.
عندما سألها المحاور عن تفاصيل أكثر، قالت: " إن التعبير بملامح الوجه أكثر ما يميز الفنان الجيد عن غيره " تفسيرا منها لطلب لجنة الاختبار، كان حوارا عابرا استمعت له أثناء تصفحي لوسائل التواصل الإجتماعي، لم أتوقف عنده قط ولم أفكر فى الأمر.
لكنني بالفعل أجد أن فيولا ديفس، وخلال أربعة وأربعين ثانية تُثبت أنها فنانة عن استحقاق وجدارة، وأن التعبير بملامح الوجه اكثر ما يميز الفنان الجيد عن غيره!
بالرغم من أن هذه مشاهد من أفلام مختلفة للممثلة فيولا ديفيس إلا أن كلامك أظهر لي فكرة هامة، وهو مدى قدرة أحد على إظهار مشاعر مختلفة في نفس الوقت، خاصة أن الحالة الشعورية تتطلب شحناً داخلياً لتبعاتها، فملامح الحزن تختلف عن الحيثيات التي يستجديها الإنسان داخل نفسه ليخرج مثلاً ملامح الفرح!
شاهدت فيلم Blue Jasmine للمثلة كيت بلانشيت وكان هذا الجانب بارز في أدائها، كانت تعابيرها تنتقل بسهولة من شعور إلى آخر وكنت أصدق ذلك تماماً.
لكن في نفس الوقت أفكر أنها نجحت بتأدية ذلك بسبب إنفصال المشاهد، فالمشهد الأول يمنح لها في يوم واحد بينما مشهد آخر يأتي في يوم ثاني بالتالي تكون لها الفرصة في استحضار المشاعر بدقة ومن ثم تمثيلها.
لكن السؤال فعلاً هل يستطيع الشخص اخراج تعابير مختلفة في آنٍ واحد أم أن الأمر له علاقة بالجانب التمثيلي فقط؟
لكن السؤال فعلاً هل يستطيع الشخص اخراج تعابير مختلفة في آنٍ واحد أم أن الأمر له علاقة بالجانب التمثيلي فقط؟
أجد أن الأمر غير مقتصر على الجانب التمثيلي، ففى الحياة الواقعية بالتأكيد صادفتي مثلا أن شخصا ما يبكي ثم يضحك، أو العكس، أو من يشعر بالملل فجأة رغم أنه كان فى أوج طاقته قبل قليل!.. أرى أن الإنتقال من تعبير شعوري لآخر قد يعد طبيعيا جدا فى ظل الحياة السريعة التي نواكبها بكل جهدنا اليوم.
تخيّلي معي يا دينا، كم المشاعر التي نتعرض لها خلال اليوم الواحد، بل حتى خلال الساعة، كم من مُدخلات يتم تخزينها بداخلنا كل ثانية ونحن لا نشعر.. فظهور ذلك على هيئة إنتقالنا من حالة شعورية لأخرى يبدو طبيعيا جدا بالنسبة ليّ.
أما بالنسبة للفيلم، هل اعتبره ترشيحا منك؟
التعابير والمشاعر الحقيقية التي تحدث يومياً لنا بالتأكيد هي أصدق وأقدر على طرح شيء نحن قد لا نتحكم بخروجه، الضغط الذي قد يكون محبوساً طوال فترات معينة من الحياة ويأتي في لحظة الفرح ليخرج على هيئة دموع!
كل هذه الأمور لها مكانتها بالتأكيد في فهمنا لها وفي عدم تحكمنا بها أيضا.
وهذا ما يجعلني أرى الموهبة العظيمة في قدرة الممثلين على استحضار هذا التحكم في عالم السينما، هذا حقاً مدهش لأن تَبنّي شخصية والتحكم في هذه التراكمات لتظهر كجزء من الشخصية في الفيلم بحيث يتم إلغاء شخصية الممثل الحقيقية، هذا حقاً بديع.
أما بالنسبة للفيلم، هل اعتبره ترشيحا منك؟
حصلت بلانشيت لأول مرة على جائزة الأوسكار في تاريخها السينمائي بسبب دورها في هذا الفيلم مع أن دو البطولة ثلاثي بين عدة ممثلين، على الصعيد الشخصي أحببتُ أدائها والفيلم به شيء مُحاك جميل لكنه يحكي قصة عادية، إن كنتِ مهتمة بهذا النوع بين عمق الأداء واجتماعية القصة فهو فيلم جميل حقاً لتشاهدينه.
التعليقات