اسم الفيلم: amadeus (أماديوس)
التصنيف: موسيقي، تاريخي، درامي
مدة العرض: 3 ساعات
هو واحد من أهم الأفلام الكلاسيكية، حائز على ثمان جوائز أوسكار. و يؤرخ لفترة مهمة من تاريخ الموسيقى الكلاسيكية، بالضبط بضع سنوات من حياة أشهر ملحن على الإطلاق: موزارت. و الأهم أنّه يحمل جملة من العبر المثيرة و المعبر عنها بحبكة متقنة.
- قصة الفيلم:
تبدأ أحداث الفيلم بمستشفى للمجانين حيث يحاول العجوز ساليري الانتحار، لكن يتم إنقاذه، ثم يدخل الكاهن للاستماع لاعترافاته. ساليري كان موسيقي البلاط الملكي بفيينا، و الأكثر شهرة هنالك. رجل متدين، متعقل و هادئ الطباع. و ذات يوم، يأتي موزارت للمدينة، موزارت الذي تربى على الموسيقى منذ الصغر، و ألف أول مقطوعاته في طفولة مبكرة جدا. و هو الآن الشاب الموهوب الذي يعشق الموسيقى. موزارت يتفوق منذ دخوله البلاط الملكي بشكل مذهل على ساليري، و من هنا يشتعل فتيل الغيرة و الحسد في صدر هذا الأخير. و هنا تجتمع اثنتين من أكثر المشاعر تناقضا، في صدره: الحب المطلق لموسيقى موزارت التي لم يستطع هو نفسه إنكار روعتها، و البغض المطلق و الشديد لموزارت نفسه. و لأتوقف قليلا للتحدث عن شخصية موزارت: شاب ساذج، ماجن و طفولي لأقصى الحدود، و خاصة تلك الضحكة المجنونة (تضحكني كلما سمعتها). هذا هو موزارت، و يمكن القول أنه تماما على الطرف النقيض من الشخصية المتزنة لساليري. هكذا يتساءل ساليري بشيء من الغصة: ''لماذا يا الله؟ لماذا اخترت ذاك الفتى لينقل الموسيقى إلى عالمنا، و تركتني أنا: عبدك المطلق في الإخلاص؟'' و بالمناسبة، فعنوان الفيلم أماديوس، هو الاسم الثاني لموزارت، و قد اختير لأنه يعني حرفيا محبوب الله.
يتأجج لهيب الحسد في صدر ساليري، و يعمد لتدمير موزارت و حفر المكائد له. كما يستأجر خادمة لتعمل عند موزارت و تأتيه بأخباره. بيد أن موزارت، لا ينتبه لأي شيء من ذلك، و يظل معتبرا ساليري صديقه. و تظهر سمة أخرى في شخصية موزارت، فهو واثق بنفسه لأقصى الحدود، و يؤمن بشدة أنه الأفضل حتى عندما يفشل في بعض الأحيان.
في الأخير، يصل حسد ساليري لأعلى مستوياته، فيحيك خطة مثيرة. يذهب لمنزل موزارت متنكرا و يطلب منه تأليف موسيقى قداس مقابل مبلغ مالي، فتحثه زوجته على الموافقه نظرا لأنهما كانا مفلسين. أما عن خطة ساليري، فهو أنّه سينتظر انتهاء موزارت من تأليف المقطوعة، يأخذها، و يقتله. في الجنازة، سيعزف الموسيقى باعتبارها من تأليفه، و هكذا يقضي على عدوه للأبد و في ذات الوقت يستعيد شهرته (تلك المقطوعة بالمناسبة هي lacrimossa) لكن الحمى تقعد موزارت الفراش، فيطلب من ساليري أن يساعده في كتابة المقطوعة، هو يلحن و الآخر يكتب. و هو ما يفعله ساليري بكل سرور، متغاضيا الحالة السيئة لموزارت. تأتي زوجة هذا الأخير و ابنها على حين غفلة. تأخذ المقطوعة و توبخ ساليري. عندما تذهب لإيقاظ زوجها، تجده قد مات. ساليري يتهم نفسه بقتل موزارت، و يجن.
ماذا استفدت من الفيلم؟
أكثر فكرة أعجبتني بالفيلم، هي أنّ ساليري كان موسيقيا موهوبا و له عدة مقطوعات مهمة. لكن منذ أن جاء موزارت صار همه الوحيد الإيقاع به بأي طريقة اللهم أن يؤلف موسيقى تنافس موسيقاه. فلم يكن يحاول على الإطلاق أن يوزع موسيقى ممتازة، لم تكن هنالك أي محاولة. بدل ذلك، كان يقضي وقته في الصلاة، و يطلب من الله أن ينزل عليه الإلهام فيؤلف موسيقى تبهر الجميع و تنسيهم موزارت و موسيقاه، لكنه -أعيدها مرة أخرى- لم يحاول و لو مرة واحدة أن يبدأ فعليا بتأليفها. على الضفة الأخرى، كان موزارت رغم كل مجونه و فحشه، لا يتوقف عن تأليف الموسيقى طوال اليوم. و المثير، كلما سأل ساليري الخادمة الجاسوسة عن ما يقعله موزارت، تقول: إنه يعمل طوال اليوم. و هو ما كان يفعله بالضبط. يؤلف الموسيقى على الدوام، و يؤمن بموهبته رغم لحظات الفشل، حتى إن أعابها أمير البلاط نفسه.
هذا عبر عنه (على ما أذكر) كاتب المسرحية التي اقتبس منها الفيلم، قائلا فيما معناه أنّ: الإلهام مثل ماء في بئر عميق، كان ساليري يطل على البئر و ينتظر أن يصعد الإلهام إليه، في حين أنّ موزارت قفز في البئر و انغمس فيه حتى أخمص قدميه.
هل شاهدت الفيلم؟ ما العبرة التي استفدتها أنت منه؟
و من جهة أخرى، هل توافق على تلك الثقة المطلقة التي يتمتع بها موزارت؟
التعليقات