تتـأثر الطريقة التي نتصرف بها كأفراد بسياقنا الثقافي، وقد تحدثت الدراسات الثقافية عن هذا الأمر منذ سبعينيات القرن الماضي. حيث أوضحت هذه الدراسات أنّ الثقافة هي برمجة ذهنية جماعية للعقل البشري، تميز مجموعة من الناس عن المجموعات الأخرى، وتؤثر على أنماط تفكير أفراد هذه الجماعات وطريقة تصرفهم واتخاذهم للقرارات.

تعي الشركات جيدا هذا الاختلاف بين ثقافات المجتمعات المستهدفة وحتى بين الجماعات الصغيرة التي تشكل هذه المجتمعات، ولهذا تحاول زيادة الوعي بين أفراد فرق التسويق والمبيعات بخصوص هذا الاختلاف، كما تسعى لفهم الأبعاد الأساسية للثقافة المحلية التي تستهدفها من أجل التواصل بشكل أفضل مع العملاء. لأنّه وكما هو معلوم فإنّ تقديم رسائل إعلانية أكثر تناسبا مع ثقافة المجتمع المستهدف يعني تحقيق إقناع وتأثير أكبر عند العملاء المستهدفين، وعلى العكس منه تجاهل الثقافات المحلية للعملاء المحتملين يعني فشل الحملات الإعلانية في تحقيق هدفها.

وحتى تكون الصورة أوضح، سأشارك معكم هذا المثال

 يتم التركيز في الإعلانات في بريطانيا على العاطفة وعلى إظهار الكيفية التي سيساعد بها المنتج على تغيير حياة العميل، وهو عكس ما يتم العمل به في ألمانيا، حيث يفضل العملاء الألمان الأساليب الأكثر عقلانية، والتي تتضمن تقديم معلومات أكبر حول طريقة عمل المنتج وثمنه وضماناته وإمكانية ربطه بمنتجات أخرى.

وكمثال واقعي على هذا الفرق، عندما عرضت سلسلة المتاجر الألمانية الشهيرة Lidl إعلاناتها الموجهة للسوق الألماني في بريطانيا فشلت في جذب المستهلكين البريطانيين، ما اضطرها إلى تغيير الإعلانات الأولى وتعويضها بإعلانات جديدة تركز بشكل أكبر على التصورات الإضافية التي يمكن للمنتجات تقديمها بدل التركيز على السعر والقيمة كما كان معمول به في الإعلان الألماني، وبعد هذا التغيير حققت Lidl نتائج مذهلة.

ولكم أن تتخيلوا إذا كان إعادة استخدام إعلان في مجتمعات لا يبدو ظاهريا الاختلاف الكبير بينها فاشلا إلى هذه الدرجة، فما حجم الفشل الذي كان سيتلقاه لو عرض في مجتمعات مختلفة كليا مثل مجتمعاتنا العربية؟

هل ترون بأنّ الإعلانات التي تبث على القنوات العربية تحترم ثقافة المنطقة؟ 

في رأيكم، كيف يمكن لمسؤولي الإعلانات دراسة الثقافة المحلية للجماعة المستهدفة بطريقة دقيقة؟