كثيرًا ما نتخذ قرارات في حياتنا اليومية نظنها نابعة منّا، من وعينا، من قناعاتنا الخاصة، دون أن نلتفت إلى يدٍ خفية تمسك بخيوط هذه القرارات منذ الطفولة.

حين نقرر إنهاء علاقة لا نشعر فيها بالتقدير، أو نُصرّ على التضحية في علاقة لا تمنحنا إلا الألم، أو نختار شريكًا يكرّر نفس نمط العلاقات التي شهدناها في صغرنا... في كل هذه اللحظات، ثمة احتمال كبير أن لا يكون القرار محض اختيار، بل صدى لنمط قديم زرع فينا باكرًا.

يُشير علم النفس إلى ما يُعرف بـ "البرمجة النفسية اللاواعية"، وهي أنماط فكرية وعاطفية نتلقاها في الطفولة دون وعي، نتيجة مراقبة تصرفات والدينا وتفاعلاتهم. نحن لا نتعلم فقط من الكلمات التي تُقال لنا، بل من النظرات، الصمت، ردود الأفعال، والتجارب المتكررة.

فمن نشأ في بيئة لا يُعبَّر فيها عن المشاعر، قد يجد صعوبة لاحقًا في الاعتراف بمشاعره، حتى أمام نفسه. ومن تربّى على ضرورة إرضاء الآخرين على حساب راحته، قد يتخذ قرارات حياته كلها بدافع الواجب، لا الرغبة.

ما يحدث أننا نكبر ظاهريًا، لكن تظل "نُسَخ صغيرة" منّا تعيش بداخلنا، تكرر أنماط الطفولة في علاقات العمل، الصداقة، وحتى الحب. نختار دون أن ننتبه، نحارب دون أن نعلم لماذا، ونتنازل ونحن نُقسم أننا نفعل ما نريد.

فمن تجاربكم، كيف تسللت التربية إلى قراراتكم؟