عدم التلذذ (الأنهيدونيا): ما أسباب فقدان الاستمتاع بالحياة؟

من خلال تجربتي الشخصية، أظن أن السعي للمثالية بطريقة غير صحية كان أكبر سبب أفقدني الاستمتاع بالحياة.

الكمال هو هدف لا يمكننا نحن البشر العاديين تحقيقه، وهو وَهْم نطارده باستمرار، مما يولد ضغوطًا نفسية مستمرة تلحق بنا في كافة جوانب حياتنا. هذه الضغوط ترفع مستويات التوتر والقلق أحيانًا، وتؤدي دائمًا إلى جلد الذات والإحباط عندما لا تتحقق الأهداف المثالية.

لقد عانيت من هذا السعي غير الواقعي في طفولتي، لكن سرعان ما تخلصت منه عندما أدركت أنه كان السبب وراء الكثير من المشاكل النفسية في حياتي، وأدركت جيدًا أن الوقت الذي نهدره في محاولة الوصول إلى الكمال يأتي على حساب الاستمتاع بالأشياء البسيطة والجميلة في الحياة. وحتى عندما تحقق أي إنجاز، قد لا تعترف به إذا لم يكن مثاليًا بنسبة 100%.

فقط عندما تخليت عن فكرة المثالية، بدأت أجد السعادة والرضا في اللحظات البسيطة والإنجازات الصغيرة. تعلمت أن أقبل نفسي وأعمالي بما هي عليه، وأدركت أن السعي للتحسين لا يعني السعي للكمال.

كنت قد كتبت عن هذا الموضوع سابقًا، كونه العرض الأول لاضطرابات الاكتئاب تحديدًا، وعادة لا يمكن تشخيص هذا العرض في البداية لأنه من الصعب تمييزه، ويمكننا القول هنا أن لو الحالة مستمرة لفترة طويلة ومعها أعراض أخرى، مثل البكاء المفاجئ وبشكل مستمر، عدم القدرة على القيام من السرير، الرغبة في الانعزال، الشعور بفقدان قيمة اي وكل شيء، عدم القدرة على إيجاد أي معنى للحياة، بالإضافة لبعض الأفكار المؤلمة، هنا يجب التحدث من طبيب نفسي وبشكل فوري.

أما فقدان التلذذ فقد يكون بسبب حالة الاحتراق النفسي أو Burnout بمعنى أن الشخص منهك نفسيًا وجسديًا، سواءًا بسبب وظيفته، عمل منزلي شاق (رعاية مريض مثلًا، رعاية توأم وهكذا)، هنا قد يُفيد أخذ أجازة لفترة ما للتخفيف من أعراض التوتر والضغط، وفي نفس الوقت الحصول على دعم من المقربين سواء في الأعمال المنزلية أو غيره، وبالنسبة للوظيفة، ففي حالة أن بيئة العمل سامة ومؤثرة على نفسية الشخص للدرجة التي قد تُمرضه، فالاستقالة هنا هي أفضل حل، وفي نفس الوقت التحدث مع أحد المختصين لمعرفة كيفية التعامل مع هذه المشاعر.

بالنسبة لي افقد الاستمتاع إن لم أشعر بالنجاح، فالمتعة عندي مقرونة بنجاحي حتى لو كان نجاح صغير، مجرد شعوري أني موجودة وأثرت بشيء جيد حتى لو بكلمة طيبة أشعر بالاستمتاع كثيرا

بالنسبة للجانب البيولوجي، فأود لفت الانتباه إلى أن الأنهيدونيا هي عَرَض لمرض أكثر من مجرد كونها حالة نفسية من التعاسة وفقدان الشغف، حتى لا يُطبق الجميع هذا العَرَض على نفسه فنعتقد جميعًا أننا نعاني الأنهيدونيا! وتكون أسباب فقدان الاستمتاع في هذه الحالة تتطلب تشخيصًا للمرض الذي أدى لتلك الأعراض، مثل الاكتئاب الحاد أو الفصام، لأن الأعراض قد تصل إلى الانعزالية والعدائية أو فقدان الشهية أو الهلاوس أو السوداوية ونحو ذلك حسب التشخيص.

فما هي أسباب فقدان الاستمتاع بالحياة من خلال تجاربكم؟

بعيدًا عن الأسباب البيولوجية، 5ارى أن احد أسباب فقدان الاستمتاع بالحياة هو "ألفة النعمة"، بمعنى أن يكون الشخص قد اعتاد وجود الكثير من النعم والرفاهيةبحياته لدرجة أنه اعتاد وجودها فلم تعد تبهره أو تسعده، بدلًا من شكر الله على تلك النعم، ثم يفقد التمتع بها تدريجيًا حتى ربما يقول أنه يفتقد كثيرًا من الأمور ولا يتمتع بما لديه.

من وجهة نظري، الأسباب المحتملة لهذه الحالة تشمل:

1. الضغوطات النفسية والعاطفية

الضغوط النفسية المستمرة، مثل الضغوط العملية أو العلاقات الشخصية الصعبة، قد تقلل من قدرة الشخص على التمتع بالأنشطة التي كانت تجلب له السعادة.

2.الإكتئاب والقلق

الأمراض النفسية مثل الاكتئاب والقلق قد تكون وراء عدم القدرة على الاستمتاع بالحياة. هذه الحالات تؤثر على النشاط العصبي والهرمونات التي ترتبط بالمتعة والمكافأة في الدماغ.

3.التعب الشديد ونقص النوم

التعب الجسدي والنفسي الشديد قد يقلل من القدرة على الشعور بالمتعة والاستمتاع بالأشياء.

4. التعرض لصدمات أو أحداث قاسية

الأحداث الصادمة أو الصعبة في الحياة قد تؤدي إلى فقدان الاستمتاع بالأشياء التي كانت تعطي متعة سابقًا.

5.الانعزال الاجتماعي

عدم وجود دعم اجتماعي أو الانعزال الاجتماعي قد يسهم في فقدان الاستمتاع بالحياة.

6.الأمراض الجسدية المزمنة

بعض الأمراض الجسدية المزمنة مثل الألم المزمن أو حالات الإعاقة قد تقلل من القدرة على التمتع بالحياة.

هذه الأسباب تعتمد على تجارب متنوعة، ويمكن أن تتفاوت أسباب فقدان الاستمتاع بالحياة من شخص لآخر بناءً على عوامل متعددة تؤثر على حالتهم النفسية والجسدية.

السبب هو نقص في تنظيم الوقت و إدارة احتياجات الذات ..

من المهارات التي ينبغي أن يتعلمها كل طفل و كل شاب مقبل على الحياة هي مهارات ترتيب الوقت و الأولويات و كذلك ممارسة الامتنان للموجود و إعطاء اعتبار للأهم دون السعي عشوائيا وراء كل شيء ينادي علينا و يخبرنا بأنه مهم ..