منذ سنوات قليلة كنت أشعر بالحزن والأسى لرؤية الآخرين يعانون. إذا رأيت متسولًا في الشارع فإنني أبدأ في سرد قصة في مخيلتي عن معاناته وكيف وصل به الحال إلى سؤال الناس، أشعر بالإحباط الشديد لأنني لا أستطيع مساعدته أو تغيير حياته. لكن لاحقًا أدركت أن الضرر الوحيد يكون من نصيبي أنا؛ لأنني أتأثر سلبًا وأفقد التركيز على حياتي وأشعر بالذنب وكأنني المتسببة في خروجه إلى الشارع للتسول. لكن فيما بعد ومع ملاحظتي لأضرار الأمر بدأت وضع حد لتعاطفي، أو أتعاطف مع إدراكي لحدود قدراتي.

قد يبدو التعاطف مع الآخرين وكأنه أحد الصفات التي علينا جميعًا امتلاكها كأحد الشروط الواجب توافرها لتحقق الذكاء العاطفي لدى الشخص. ولكن التعاطف يبقى سمةً إيجابية حتى يتحول صفة سلبية عندما يتأثر المتعاطف بالحالة التي هو أمامها فيشعر بالحزن لأجلها ولكنه يكون غير قادر على تقديم المساعدة؛ لأنه ببساطة لا يملك من الأمر شيئًا.

فلنتخيل أن شخصًا في دولة أوروبية يشاهد عن بُعد آثار كارثة طبيعية على الناس في دولة إفريقية نائية، ولكنه حقًا غير قادر على تقديم المساعدة؛ لا يمتلك المال لذلك ولا القدرة على تغيير ما آلت إليه الأمور هناك؛ فما يكون منه إلا الشعور بالحزن والدخول في حالة نفسية سيئة؛ وقد تتوقف حياته لشعوره بالعجز. هنا أصبح لدينا متضررون في إفريقيا بفعل الكارثة الطبيعية، ومتضرر في أوروبا بعد سماع الخبر! أتمنى أن أكون نجحت في إيصال الفكرة.

التعاطف السلبي هو من صفات الأشخاص الذين يمتلكون حساسية عالية تجاه الأمور، فهم يهوّلون كل شيء ويبالغون في ردات فعلهم، ويتأثرون بسهولة، ولا يفرقون بين التعاطف السلبي والتعاطف الذي يأتي بفائدة حقيقية.

برأيك كيف يمكن للشخص وضع حد فاصل بين التعاطف الطبيعي وحالة التعاطف السلبي التي تضر بالمتعاطف نفسه؟

وهل ترى أن التعاطف السلبي حقيقة أم أنه دائمًا لدينا حل في أدينا يمكننا تقديمه؟