بالتأكيد نعلم جميعا هذه الحالة، التي نعمل فيها على أمر ما ونركز به كليا رغم وجود المؤثرات الصوتية حولنا من كل مكان، فقد نعمل على مهمة ونتعمق بها لدرجة أننا قد لا نسمع أي مؤثرات أخرى حولنا، وكأن العالم من حولنا صامت تماما، هذه الحالة تحديدا نصل لها نتيجة ما يُسمى بالانتباه الانتقائي.
الانتباه الانتقائي، هي استجابة لا إرادية بعقولنا تعمل كالمرشح، فهو يحدد العنصر الأكثر أهمية من بين كل العناصر الموجودة حولنا ويحول انتباهنا إليها، هو العملية التي يوجه بها دماغنا البشري انتباهه، لشيء محدد واحد بعض الوقت مع استبعاد المنبهات الخارجية، فقد ينخرط دماغنا في الانتباه الانتقائي لدرجة عدم سماع الضوضاء الخلفية، باختصار هي الآلية التي تسمح لنا سماع محاضرة والتركيز بها رغم الأصوات الموجودة بالخارج ورغم وجود الزملاء الثرثارين بالجوار.
وأهمية هذا الانتباه الانتقائي تكمن في أنه يسمح للعقل البشري بالعمل بفاعلية، فعقلنا دون الانتباه الانتقائي أشبه باللابتوب عندما يكون مفتوح العديد من النوافذ وعلامات التبويب والبرامج مفتوحة، بطيء جدا. لذا الانتباه الانتقائي مهم جدا للحفاظ على عمل الدماغ على النحو الأمثل للقيام بالمهام.
أيضا لأنه يضمن الاهتمام بجميع مهامنا اليومية المهمة، إذ يتيح لنا تحديد أولوياتنا، وبالطبع هذه نقطة مهمة جدا في تحقيق الأهداف، وأداء المهام، والحفاظ على سلامتنا أيضا، فقد ينبهنا الانتباه الانتقائي إلى أن معدتنا خالية وبدأنا نتألم بسبب الجوع، أو الانتباه إلى صرخة شخص يستغيث بنا ونحن نعمل بكل تركيزنا على مهمة معينة.
يعمل الانتباه الانتقائي من خلال خطوتين، الأولى يبدأ عقلنا في جمع المعلومات التي يراها ويسمعها ويرسلها إلى نظام تصفية كخطوة ثانية والذي يحدد بعد ذلك، المحفزات الأكثر أهمية.
يمتلىء دماغنا بتريليونات من نقاط الاشتباك العصبي، ومليارات من الخلايا العصبية، كل منها قادر على أداء مهام متعددة، والانتباه الانتقائي خير مثال لهذه المشابك العصبية والخلايا العصبية التي تؤدي وظائف متعددة وترشح المعلومات التي يتلقاها الدماغ.
فمثلا هناك أجزاء مسئولة عن التعرف على البصر والأنماط والتجارب عن قرب، والأجزاء أخرى مسئولة عن الإشارات السمعية، وأجزاء مسئولة عن الصورة كاملة، كل هذه الأجزاء تعمل جنبا إلى جنب لتأدية المهمة ثم فلترة المعلومات.
وبالطبع الانتباه الانتقائي كما يمكننا من التركيز على مهمة في وسط الضوضاء والمشتتات والفوضى من حولنا، يمكننا أيضا بأخذ أمثلة متعددة من المحفزات الخارجية مما يسمح لنا بالتحكم في تركيزنا، ومثال على ذلك الأشخاص الذين يستمعون للموسيقى أثناء العمل، أو أثناء المذاكرة، فهؤلاء الأشخاص لديهم القدرة على تحويل انتباههم بين هذا وذاك دون عائق.
والآن أخبروني متى تشعرون بأنكم بكامل انتباهكم وتتمتعون بالانتباه الانتقائي؟ وما هي الوسائل التي يمكننا تعزيز الانتباه الانتقائي لدينا؟
التعليقات