حقق كتاب فن اللامبالاة شهرة كبيرة؛ فهذا العنوان الجاذب والأفكار غير التقليدية التي طرحها الكاتب لعبت على فضول القراء المساكين. وها هو مارك مانسون مؤلف كتاب فن اللامبالاة ينشر مقالًا شيقًا وغنيًا بالمعلومات على موقعه مستخدمًا نفس الأسلوب التشويقي في اختيار العناوين حين وضع مقالًا أو بالأحرى مجموعة مقالات تحت عنوان: "حمية الانتباه".. وأنا في هذه المساهمة أستخلص أهم الأفكار التي تناولها المقال بشكل ملخص:
معاناة مع التشتت
يبدأ المقال بمقدمة يتحدث فيها الكاتب عن معاناته منذ وقت طويل مع انخفاض القدرة على التركيز وكيف أصبح التشتت هو سمة العصر، حتى أنه تصفح الهاتف وانشغل في أمور جانبية عند كتابته لهذا المقال آلاف المرات.
مشكلة العصر الحالي
بعد ذلك يجيب الكاتب عن سؤال: كيف بدأ التشتت؟
وفقًا للكاتب فإننا مع الوقت أصبحنا نقدس الوظائف المكتبية وقلت حركاتنا اليومية تدريجيًا، وأصبح نمط الحياة المريحة هو أكبر عدو لنا، وانتشرت أمراض كثيرة نتيجة لهذه الخمول. لقد تعدى الأمر الكسل عن بذل المجهود البدني إلى الكسل عن بذل المجهود الذهني أيضًا فتجدنا مثلًا لا نحب أن ندخل جدال طويل مع شخص.
ولما كان التغلب على الكسل والخمول يتطلب جهدًا بدنيًا كبيرًا وخطة غذائية (حمية)، يعتقد الكاتب أننا بحاجة إلى مقدار كبير من الجهد أيضًا لمقاومة كسل عقولنا.
التمهيد لبدء الحمية
مع هذا الكم الهائل من المعلومات والمدخلات التي تميز هذا العصر علينا الاختيار، اختيار ما يجب التركيز عليه (وهي الأمور التي تضيف قيمة حقيقية لحياة الشخص) وما يجب تركه، بالضبط كما يحتاج الشخص إلى الحد من أطعمة معينة والزيادة من أطعمة أخرى في وجباته عند اتباع حمية غذائية.
الخطوات بشكل نظري
- تحديد المعلومات والعلاقات المفيدة.
- قطع المعلومات والعلاقات غير المرغوب فيها.
- اكتساب عادات تحتاج إلى تركيز أعمق وفترة انتباه أطول.
المعلومات والعلاقات أمور يرجع تقييمها إلى الشخص من حيث فلترة الأمور والعلاقات التي يستفيد منها والأخرى التي تمثل عالة عليه ويؤذيه وجودها بلًا من إفادته. جدير بالذكر أنه أطلق على هذا النوع من المدخلات غير المفيدة junk information.
الخطوات في ثوبها العملي
- حملة تنظيف عاجلة لحسابات التواصل الاجتماعي
اقترح مانسون أن يطرح الشخص على نفسه هذه الأسئلة: "هل يضيف التواصل مع هذا الشخص قيمة إلى حياتي؟" و "هل يساعدني هذا الشخص/ المجموعة على النمو أم يجعلني ضعيفًا؟" وألا يكمل الشخص في متابعة الصفحات التي يكون متأكد أنه بحاجة إليها فقط فقط فقط.
- الهروب من خطط صفحات ومواقع الأخبار والتريندات
معظم ما تكتبه هذه المواقع ليس إلا لأجل مصلحة شخصية، إنهم يتبعون كل الأساليب لجذبك حتى ولو عن طريق الكذب والخداع، المهم لديهم عدد المشاهدات والقراءات، لا يوجد أحد مضطر لأن يكون جزءًا من هذا الهراء!
- مسح التطبيقات
بنفس الكيفية، مسح التطبيقات عديمة الفائدة على الهاتف حتى لو اضطررت لأن يكون خاليًا سوى من التطبيقات الضرورية. بدلًا من ذلك يمكن لنا الحصول على الأخبار ومواكبة متغيرات العصر من خلال إحدى المواقع التي تجمع كل شيء في مكان واحد، وضرب ويكيبديا كمثال على هذا. توجد أدوات أخرى وفعالة جدًا يمكن الاستعانة بها.
- استهلاك المحتوى الطويل
هنا دعوة إلى التوقف عن الإسراف غير العقلاني للمحتوى القصير الذي لا يجدي نفعًا، والوقوف على المحتوى الطويل حتى لو كان بغرض الترفيه. من الأمثلة على ذلك:
- كتب.
- بودكاست.
- مقالات طويلة.
- أفلام وثائقية.
- لعبة فيديو نقدية تساعد على بناء مهارة التفكير النقدي على المدى الطويل.
- تحديد وقت لكل مشتت
تصفح البريد الإلكتروني والسيوشيال ميديا كلها أمور تستحق أن يحدها الشخص بعدد ساعات أو مرات خلال اليوم، بمعنى أخر، يجب أن تُدار هذه الأمور لا أن تدير. ورشح الكاتب بعض الأدوات المحددة التي يستخدمها بشكل شخصي لحجب المواقع وتعينه التخلص من استعباد الهاتف.
اعتراضات على حمية الانتباه
- قد يقول البعض إن هذا سيجعل حياته مملة، فيرد عليه مانسون بأنه "إذا كانت الحاجة أم الاختراع، فالملل هو الأب." ما المشكلة في الملل؟! إنه إحساس وطاقة مختزنة جبارة ادفع الشخص إلى الإبداع.
- قد يخاف آخرون من أن تفوتهم الأشياء ويسبقهم العالم من حولهم، لكن هذا غير صحيح؛ فمعظم ما نهتم به هي أمور غير مهمة بالأساس ولا تنعكس على حياتنا بقيمة حقيقية. وبنفس الروح اللامبالية يخبرنا مستنكرًا: "تجعلك وسائل التواصل الاجتماعي على دراية بكل شيء، كما أنها تمنحك تصورًا خاطئًا بأن الأشياء أهم بكثير مما هي عليه."
- يوجد قسم طَموح يتصف برفع سقف توقعاته من إرادته، إرادته الضعيفة في الأصل. هؤلاء يرون أن ليس عليهم فعل كل هذه الأمور والاعتماد على إرادتهم بدلًا من ذلك. ولكنه يرد عليهم موضحًا: كيف ونحن بشر نعاني من لحظات ضعف كسمة بشرية فطرية فينا؟! إن أول شيء سيفكر به الشخص في لحظات ضعفه هي الأشياء التي تخلى عنها فيعود إلى الإسراف بها، وكما نعلم فالتحفيز والإرادة أمور لا يمكن التعويل عليها لأنها غير موجودة طوال الوقت. بعبارة أخرى، البعد التام أسهل وأكثر فعالية من قتل الرغبة بداخلنا.
وتعهد الكاتب في السطور الأخيرة بأنه سيحاول إلزام نفسه بهذه النصائح هو الآخر لأنه ليس مثاليًا وبحاجة إلى ضبط عاداته كما الذين ينصحهم.
وأخيــرًا: الحرية في نظر مانسون
يرى كاتبنا أن النقاط المذكورة هي السبيل إلى حياة متزنة؛ فالحرية في القرن الحادي والعشرين لا تتعلق بالحصول على المزيد، وإنما تتعلق باختيار التزامات بأقل.
وصلنا إلى النهاية، كل ما كتبته بالأعلى كان ملخصًا، وكما ينصح مانسون باستهلاك المحتوى الطويل فأنا أؤيده وأترك لكم رابط المقال الأصلي لربما يحب أحد الاطّلاع عليه.
والآن دورك، ما هو الحد الأقصى للمدة التي تستطيع الاحتفاظ فيها بمستوى تركيزك؟ أراهن أنها لا تتعدى دقائق معدودة :)
ما المشتتات التي تعيقك عند الاندماج في عمل ما؟ وكيف تتغلب عليها؟
رابط المقال الأصلي كاملًا:
التعليقات