الصيدلي يحل محل الطبيب في تشخيص الأمراض، هذا ما يحدث في ولاية كوينزلاند الاسترالية!

لا أظن أن وزارة الصحة بأستراليا غاب عنها الأمر وقررت حلا ترقيعيا يضر صحة المواطنين كما هي عادة وزاراتنا, لقد اطلعت على الخبر وجاء فيه أن الأمر متبع به ببريطانيا ونيوزيلاندا وأستراليا ستقلدهما فقط, كما أن الصيدلي المعني سيخضع لتكوين مدة عام كامل حول الأمراض المراد تشخيصها قبل أن يتم اعتماده في تلك المناطق, وهي محصورة في بضعة أمراض شائعة, أضف أن التكوينات هناك أفضل بكثير من تكوينات جامعاتنا.

الصيادلة ببلداننا وببلدان نامية عديدة يشخصون الأمراض ويصرفون الأدوية فعلا عندما يشتكي المريض لهم, بل العديد من الأدوية عندنا تصرف دون وصفات طبيب هي بدول كأستراليا ودول أوروبا وأمريكا لا تصرف مطلقا بدون وصفة طبية, بل الألعن من هذا عندنا بالمغرب مهنة مساعد صيدلي غير مقننة, هناك أشخاص حاصلون فقط على المستوى الاعدادي (المرحلة المتوسطة) يعملون بمفردهم بالصيدليات يصرفون الأدوية للمرضى بلا وصفات طبية, في حين صاحب الصيدلية "دارس الصيدلة" نائم ببيته أو يمارس هواياته أو أيا كان ما يفعله بحياته...

وبالتالي مناقشة قرار دولة كأستراليا وبريطانيا وغيرهما من طرفنا هي كوميديا ساخرة, أو من طرفي على الأقل.

برأيك، هل يمكن أن يحل الصيدلي مكان الطبيب ولو حصل على التدريب والخبرة؟

حسبما أرى من مناهج أصدقائي في الصيدلة، فهم غير مُدرَّبين على كثير من النواحي التي نتدرّب عليها، خصوصًا في الفحوصات السريرية التي تكون بمثابة الأساس للتشخصيات المرضية.

مرَّ عليَّ هذا الخبر، وحسبما رأيت أنّهم سمحوا لهم بتشخيص ما يقارب 20 مرضًا في بعض المناطق في أستراليا، وصراحة هذه الأمراض قد يتعلّم تشخيصها طلّاب الطب البشري وهم لم يتخرّجوا بعد، لكن ما العمل إن أتت حالة خارج الـ 20 وظنّها المُشخص -لقصور معلوماته- أنّها من العشرين؟ في الأمر خطر على حياة الناس.

بالنسبة لهم هذا الحل "الأرخص" لمشاكل صعوبة الوصول إلى طبيب ممارس.

الأجانب لديهم فكرة "طبيب العائلة" الذي يمثّل الخطوة الأولى لتشخيص الحالات العامة قبل ارسالها لأخصائي إن تعقّدت، وموضوع صلاحيات الصيدلي محدود بمثل هذا الدور وأقل منه، أمّا في بلداننا فلا طبيب عائلة، والصيدلي يأخذ مكان الطبيب الاختصاص! :)

برأيك، هل يمكن أن يحل الصيدلي مكان الطبيب ولو حصل على التدريب والخبرة؟

لا أعتقد أن ما حدث يعني أن الصيدلاني سيحل محل الطبيب، ولكنني أعتقد أنه خطوة إلى الأمام لتعريف مهام الطبيب أكثر، في الحقيقة إن الصيدلاني، أخصائي العلاج الطبيعي، أخصائي الأشعة وجميع التخصصات الطبية يخضعون خلال دراستهم إلى مساقات دراسية تمنحهم القدرة على تشخيص العديد من الأمراض في إطار اختصاصهم، وعلى الجهة المقابلة لا يسمح لهم بممارسة مهنتهم بشكل كامل ولا يسمح لهم بالتشخيص ويترك هذا الأمر للأطباء، وما لا يدركه الكثيرين أن الأطباء لا يعرفون كثيرًا من الأمور المتخصصة في العلاج الطبيعي مثلًا، ولا يعرفون كل ما يخص الأدوية، ومن غير الطبيعي الاعتقاد أن الطبيب قادر على تشخيص فهم كل شيء، أعتقد أن القرار الذي تم اتخاذه في محله، بالتأكيد لا يمكن للصيدلاني أن يجري عملية جراحية ولكن يمكنه تشخيص الكثير من الأمراض في مجال اختصاصه

برأيك، هل يمكن أن يحل الصيدلي مكان الطبيب ولو حصل على التدريب والخبرة؟

لا أرى أنّ الصيدلي يمكن له أن يعوض مكان الطبيب

حتى وإن كان واسع الاطلاع في مجال الطب، فلاشك ستفوته أمور كثيرة، وسيبقى آداءه ناقصا مهما حاول.

وأي تقصير أو خلل أو اختلاط المعلومات سيعود ذلك بنتائج سلبية على المريض بالدرجة الأولى.

وهذه الفكرة قد تتعدى إلى مجالات أخرى، من يدري قد يصبح البيطري طبيبا بشريا إذا دعت الضرورة؟

بالتأكيد لا يمكننا الاستغناء عن دور الطبيب في حياتنا. لكن كي نكون منصفين، فإن المهام العلمية المتعلّقة بالصيادلة ليست قاصرة كما نعرفها نحن، فإن الصيدلي يمتلك الخلفية العلمية التي تمكّنه من تحديد الجرعات المعنية بالعلاج، حيث أن الدور الرئيسي للطبيب يتمثّل في مراحل التشخيص والجراحة، وفي العديد من الدول المتقدّمة، يعتني الطبيب بكتابة ما يحتاجه المريض من مركّبات علاجية، بينما يحدّد الصيدلي الجرعات وأسماء الأدوية بشكل عام.

أمّا بالنسبة لما هو مطروح في المساهمة حول إمكانية أن يحل الصيدلي محل الطبيب، فأنا أرى أن ذلك غير ممكن تمامًا بالتأكيد، فلكلٍ منهما دوره العلمي والأكاديمي والمهني الذي لا يمكن استبداله بدور الآخر.

السؤال مشروع تماما. وبصفتي صيدلي سريري وبخبرة لا تقل عن 21 من العمل في المستشفيات، وفي القطاع الخاص، أجد أن الفكرة ليست القيام منفردين بمهمة التشخيص ووصف العلاج، فهذا من اختصاص الأطباء كونه يناسب دراستهم وتدريبهم وخبراتهم. ولكن في السنوات الأخيرة أصبح للصيدلي دور متقدم ومهم في المؤسسة الطبية وهذا يسمى بالصيدلة السريرية اي القيام بمهام مساندة وحوارية مع الطبيب من خلال التعديل والاقتراح والتداخل والاستبدال والمشاركة في المرور على المرضى وتبديل العلاجات وتغييرها وبهذا أصبح للصيدلي دورا متقدما في مهامه والتي لا تنتقص من حق الطبيب ومهامه ولكنها تساعد في خدمة المرضى ورفع مستوى الجودة.

وبالعودة للمحتوى المنشور من حضرتك، فانا كصيدلي لا يمكنني الموافقة على تحمل مسؤولية المريض الا بالحدود المنصوص عليها طبيا، فهناك مجموعة من الأمراض التي يمكن وصف علاج لها من الصيدلي او صرف علاجات بدون وصفه وهي محددة وصرفها ليس عشوائيا بل وفق آلية محددة وواضحة تماما.

أرى أنه كان من الأفضل لتلك الولاية الاعتناء بالأطباء وزيادة عددهم أو محاولة استقطاب عدد أكبر من الأطباء أفضل من أن يضغطوا الصيادلة بمهام إضافية ليست من اختصاصهم.

نعم قد يقوم الصيدلي أحيانًا بالتشخيص ولكن هذه لا تتعدى بعض حالات منشرة والمشورة الأولى والأخيرة للطبيب وهذا لاختلاف المجالين اختلافًا كبيرًا حيث أن الصيدلة تختص بالدواء أكتر من الإنسان بينما الطب يضع الإنسان محورًا له.

والتدريب العملي ليس كافيًا لتعويض الخبرة النظرية التي يكتسبها الأطباء بعد سنوات وسنوات من الدراسة الشاقة، قرار غير موفق برأيي وسيؤدي إلى نتائج سلبية كثيرة