صادفتُ زميلة في طريق عودتي من الكليّة، وكنتُ قد دللتها على موقع مستقل سابقًا، إذ لها اهتمامات في التدوين والترجمة، فاشتكت إليّ وقالت: هذا الموقع جعلني مُدمنة! لقد أصبحتُ أتصفح المشاريع في كلّ حين، حتى قبل النوم، أحيانًا أنام بُرهة ثمّ أصحو فقط لأفتح مستقل ثمّ أعود للنوم!

أضحكتني الشكوى، إذ رأيت فيها نفسي، وقلتُ لها: لستِ وحدك! *

تنبّهت بعد هذا الموقف أنِّي أتصفح الكثير من المواقع قبل النوم، بل أحيانًا أنام وأقطع نومتي للتحقّق من اكمال تحميل ملف أو برنامج، وأردتُ أن أعيد تذكير نفسي بخصوص أهميّة النوم وآثار التسويف به.

لماذا نسوف في النوم

1-احيانا البقاء هو الحل الافضل اذا تاخرت عن موعد لتسليم عمل، سيكون من الأفضل أن تذهب للأمتحان وأنت ناقص نوم بدلًا من ناقص درجات، لكنّ المشكلة أن تظن أن بقاءك لوقت متأخر من الليل هو الحلّ الأفضل للبقاء مُنتجًا.

2- الاختلاف في شعورنا في اليوم التالي، أحيانًا تنام 4 ساعات ولا تشعر بنعاس عندما تذهب للعمل في اليوم التالي، لكنّ المشكلة أن تعامل هذا اليوم بتعميم، فتظنّ أن جميع أيامك تسير بهذا النحو.

3-قصص من لا ينامون كثيرًا، اليون ماسك، ستيف جوبز، نيكولا تسلا، أو حتّى الناس الذين تعرفهم في حياتك وهم متفوقون في أعمالهم.

المشكلة أن الأمر قد يكون مُطاقًا لسنة أو ما يقاربها من الوقت، لكن لو تحدّثنا عن شخص يٌريد أن يعيش ويعمل لعقود (إن سمحَ له العمر) فالأمر لا يبدو معقولة، ثمّ أنّ جوبز مات لمرض، وتسلا كان يكتب رسائل حب لحمام، أما اليون ماسك فهو أغرب من تسلا!

4-الأرق، أحيانًا تحاول النوم ولا تستطيع، حتّى لو بقيت من دون هاتف أو شاشات في فراشك، لكنّ الأمر لا يدعو للاستسلام وتقبّل الأرق كقول القائل "أرق على أرقٍ ومثلي يأرقُ" فالأمر له علاقة بما تمرّ به في يومك، فلو كُنت على الانترنت طوال اليوم، ومرّت عليك الكثير من الأفكار، من الطبيعي أن لا تستطيع النوم حينما تستلقي.

الأشياء التي جربتها لأنام باكرًا

1-التخلّي عن الهاتف والحاسوب والقراءة من الأيباد

الأيباد يسمح لك بقراءة كتب بصيغة Epub وهي صيغة جميلة جدًا إذ تستطيع التعديل على الألوان وتكبير خطّها، والاضاءة أريح على البصر، لكن المشكلة أنّي أحب اخراجه من غطاءه والقراءة من دون ثقل اضافي على يدي، وهذه مصيبة لو غفيتُ ولم أحرص على ارجاع الايباد على مكانه.

ذلك اليوم في محاضرة الطبّ العدلي سمعتُ بأمرأة قتلت طفلها إذ نامت عليه من غير قصد، وقد أفزعني الأمر جدًا!

2- الاستماع لكتاب "Why We Sleep" الصوتي

هذا الكتاب جيّد جدًا، يُقنعك بأهميّة النوم بطريقة علمية وطبيّة، والكاتب في مقدّمته لا يمانع إذا نمتَ أثناء قراءة السطور، فهو جاء لهذا الغرض! وجدتُ أن الكتاب الصوتي أفضل من النصّي خصوصًا وأنا في الفراش.

3-أدفع سنتًا لكل دقيقة أتاخّر فيها عن موعد نومي.

هذه الطريقة حلبت مني الكثير من الأموال في شهر، والأفضل أن تتشارك مع شخص ما، وتدفع السنت على الفوارق بين تأخيركما للنوم، سيكون هذا أفضل للجيب!

4-الاستثمار في تطبيق Sleep Town

وهو تطبيق مُشابه لـForest ومن نفس الشركة، تحدّد موعد النوم ويعطيك نقاط أكثر كلما نمت أكثر، وفيه خاصية تحديد غرفة نوم افتراضية مع صديق، فتنامون معًا في نفس التوقيت، لكن احذر واشرح له فكرة التطبيق بهدوء قبل أن يظنَّ بك سوءًا!

التطبيق جيّد، لكنّي سرعان ما أهملت أشعاراته وحوافزه، لا أظنّ أن الأمر يتعلّق بوقت صارم لجدول النوم بقدر ما يتعلّق بتغيير العقلية حول أهميّة النوم.

5-احسب تاثيرات النوم على الانتاجية

النوم قرض، ولو لم تنم اليوم، يتأثّر جسمك غدًا أو بعده، أحاول أحيانًا حساب تاثيرات تأخّر النوم على انتاجيتي، وأرى الفارق الكبير فيحمّسني هذا على النوم من وقت أبكر.

وجدتُ بعد حسابات معقدة لأيّامي، أنِّي أخسر 3 ساعات من الانتاجية في كل يوم أتاخّر فيه بالنوم بعد الـ2 فجرًا، وساعتين بعد الـ1 فجرًا

وأنت؟ هل جرّبت طرقًا لتحسين جدول نومك؟ دلّنا عليها

-----

*هامش: قالت لي أيضًا أنّ مقالاتك في حسوب I/O تكشف الكثير عن حياتك، وأخشى أن تفضح هذا الحديث الذي يدور بيننا في مقال، فتذكرتُ ما ذكره زكي مبارك في كتابه الأسمار والأحاديث، من لوم الأدباء له اذاعته أخبار الجلسات الأدبية في مقالات الجرائد، وزكي وأسلوب كتابته من قدواتي!