لدي صديقة مستقلة محترفة أخبرتني أنها لا تسلم أي مشروع قبل مرور 72 ساعة على الأقل، حتى لو أنجزته خلال ساعة واحدة فقط، تقول إن التسليم السريع يقلل من قيمة العمل في نظر العميل، ويجعله يظن أن الأمر بسيط ولا يستحق المبلغ المدفوع. هي تؤمن أن جزءًا من التسعير ليس فقط في المهارة، بل في إدارة الانطباع والوقت. هل تتفقون مع استراتيجيتها؟ أم ترون أن هذا نوع من المماطلة والتصنع؟
التسليم السريع يقلل من قيمة العمل في نظر العميل، ما رأيكم؟
أنا أتفق مع هذا ما دمنا لن نتجاوز وقت التسليم المحدد.
فعلا، الكثير من العملاء (وليس كلهم) يشعرون أن التسليم السريع يدل على أن العمل بسيط جدا ولا يستحق المبلغ المدفوع، ويعتقدون أنهم يوظفون المستقل بناء على الوقت وليس الخبرة.
ليس هذا فقط هارون بل بعضهم يعتقد أن التسليم السريع يقدح في جودة العمل المسلم. فطالما ( في وهمهم بالطبع) أن العمل أنجز سريعًا فهو يعني أنه أنجز بلا كبير تدقيق أو بإهمال.
ليسوا كل العملاء هكذا بل هذا يرتبط أكثر بفهم العميل أو صاحب المشروع لفكرته فطالما هو يعي جيداً (النتيجة النهاءية التي يرغب بها) وطالما يدرك قيمة الوقت بالنسبة له فقد يكون حينها التسليم السريع بجودة عالية هي ميزة أساسية قد يدفع عليها حتى نقود أكثر، لكن هذا لا ينطبق على الجميع فأنا قابلت الفئة التي تهتم بالسرعة والجودة ، والفئة الثانية التي تنطبق عليها ردودكم لذا قراءة العميل أو صاحب المشروع هي عنصر أساسي حاسم في تحديد الطريقة الخاصة بالتعامل معه.
صحيح ما تقول، ولكن لا يمكن إنكار أن السرعة أحيانًا تكون سببًا رئيسيًا في تدني جودة المحتوى، فالاستعجال قد يؤدي إلى إغفال التفاصيل المهمة أو الوقوع في الأخطاء، لذلك فإن التوازن بين السرعة والجودة هو ما يضمن إنتاج عمل متميز دون تأخير ممل أو ضعف في الأداء.
هل تتفقون مع استراتيجيتها؟ أم ترون أن هذا نوع من المماطلة والتصنع؟
الحقيقة أنا أفعله شخصيًا وإن كنت أرى وجاهة رأيها هذا لأن بعض العملاء يظنون ذلك فعلاً. وليس العملاء في العمل الحر فقط بل حتى العمل الحرفي. يعني مثلاً علمت من بعضهم أن سباكًا يقول لابنه ما معناه أنه لا يصح أن يُنهي الشقة - تأسيس سباكة كاملة - في يومين مثلاً وهو يستطيع ولكن عليه أن يماطل حتى أسبوع مثلاً. في رأيه أن صاحب العمل أو الزبون سيبخسه حقه و أجرته وينظر له فيما اتفق عليه من أجرة لان العمل كان يسيراً سهلاً انتهى في يومين! أعتقد أنه يفعل ذلك حتى لا يجلب الحسد على نفسه أو بخس قيمة عمله.
بالفعل، الناس يختلفون في طبائعهم، لكن صراحة السباكون والحرفيون لا يمكن تشبيههم بالمستقلين، فلهم عالم خاص أحيانًا أشعر وكأنهم من كوكب آخر! لدي معهم تجارب كثيرة تجعلني أقول إن لديهم قانونًا سريًا، وكأنهم يتفننون في المماطلة بهدف استنزاف أضعاف المبلغ بحجج فارغة، بدلًا من التركيز على الجودة والإتقان، وهذا بالطبع لا يمكن تعميمه، لكن جميع تجاربي وتجارب عائلتي كانت سيئة في هذا الجانب.
نعم صحيح أنا هنا لا أقصد تشبيه المستقل بالحرفي السباك مثلاً وإنما أريد أن أقول تشابه الطبائع البشرية وهي واحدة فيما أظن بين عميل يتعامل مع مستقل أو عميل يتعامل مع حرفي سباك مثلاً في إتمام أعمال شقته أو بيته. الطبيعة واحدة: فالعمل طالما اكتمل سريعًا فإذن لا يستحق الأجر المتفق عليه أو أن المستقل أو العامل قد أهمل العمل وسلقه بالعامية.
أنا أراها من زاوية أخرى صراحة! إذا كنت سريعة في الإنجاز مرة فعلي أن أكون سريعة دائما لأن الانطباع الذي سيترك أن العمل بسيط ولا يحتاج لوقت طويل وبناء عليه فلقد ألزمت نفسي بمدة لا يمكن تغييرها إذا أردت وهذا خطأ كبير، لأن السرعة في الإنجاز لا تعني بالضرورة أن العمل لا يحتاج لوقت كبير، ولكن هي مرتبطة بعوامل كثيرة خارجية لا أستطيع ضبطها طوال الوقت مثلما صادف مناسبتها لي هذه المرة، على سبيل المثال أن أكون متفرغة لهذا المشروع وهذه المهمة فقط، أن أكون في أفضل حالاتي الذهنية من حيث التركيز والنشاط بفضل عدم وجود مشتتات أو أعباء أخرى خارج العمل أنا ملزمة بها، في الوضع الطبيعي أنا أحدد مهلة تراعي كل هذه الظروف بحيث أعطي موعد مناسب لا يؤخر العمل ولا يضغطني على المدى الطويل إذا كان المشروع طويل ومتعدد المهام.
أعتقد أن السرعة تعتمد على طبيعة العمل المطلوب، فإذا كان المشروع بسيطًا أو مرحلة منه واضحة ومحددة، يمكن أن تكون السرعة حليفًا رائعًا، لكن عندما يكون العمل معقدًا أو متعدد المهام، فلا بد من ضبط الإيقاع بمنطقية ومرونة، فالمهم ألا نلزم أنفسنا بمعايير صارمة لا تراعي ظروفنا الشخصية أو الذهنية، لأن الجودة تحتاج أحيانًا وقتها، والنجاح الحقيقي هو معرفة متى نسرع ومتى نأخذ وقتنا بهدوء.
أحترم وجهة نظر صديقتك وأفهم ما تقصده من حيث بناء الانطباع لكنني لا أتفق معها تمامًا أرى أن القيمة الحقيقية للعمل تكمن في جودته واحترافيته لا في المدة الزمنية التي يستغرقها الإنجاز العميل يقدّر النتيجة النهائية خاصة إذا كانت تفوق توقعاته بغض النظر عن الوقت الذي استغرقه تنفيذها أحيانًا التسليم السريع يعكس الكفاءة والتمكن لا التسرع أو التقليل من الجهد لذلك أفضل التعامل بشفافية وتقديم العمل في الوقت الذي أراه مناسبًا دون تأخير متعمد ما دام يلبي احتياج العميل بالشكل المطلوب
ليس الجميع، بل أكثرهم.
أحيانًا أُطبّق استراتيجية، وقد يستخدمها الكثير، وهي العمل حسب الأولوية: أُحدّد الخدمة بمبلغ، والسرعة في التنفيذ بمبلغ مختلف ضمن التطويرات.
أتفق مع العميل على موعد محدد، ويفضَّل القيام بهذه الأمور قبل بدء المشروع، حتى لا يعتقد العميل أنك تجبره في منتصف المشروع على خدمات إضافية.
السرعة في الأداء قد يراها من هو خارج المجال أمرًا سهلًا، ولو قام بها بنفسه أو وكّلها لمستقل آخر، لربما استغرقت أضعاف المدة وبجودة أقل.
في بدايتي كمستقل، كانت هناك مهام تستغرق مني ساعات، ونتيجة للتعلّم من الأخطاء، والتعليم الذاتي، قلّصتُ المدة ربما إلى أقل من العُشر، وبجودة أفضل.
أما من هو خارج المجال، فلا تهمّه خلفيتك، بل تهمّه النتيجة، وأنت يهمّك المال (ليس بطريقة أنانية)، لذا لا تتذمّر، بل توصّلا إلى اتفاق رابح/رابح.
التعليقات