دائما أرى أن الخبرة في العمل الحر ليست شيئًا واضحًا يمكن عدّه أو قياسه، ليست بعدد السنوات، ولا بعدد العملاء فقط، فأحيانًا نشعر بها كمستقلين عندما ننقذ مشروعًا في آخر لحظة، أو حين نفهم ما يريده العميل قبل أن يقوله. الخبرة تظهر في قرارات صغيرة، مثل أن نرفض عملًا لا يشبهنا، أو عندما نجرؤ على تجربة شيء جديد وننجح فيه، أعتقد أنها تلك اللحظات التي لا يراها أحد، لكننا نعرف أنها غيرتنا. شاركونا كيف تقيسون خبرتكم كمستقلين؟
كيف نقيس خبرتنا كمستقلين؟
بصراحة أنا لا أعترف بخبرتي في شئ، ليس بالقصد ولكن هذا يحدث بطريقة لا أدرك كيفيتها، دائماً ما أشعر أنني لا أمتلك مهارة ولا مستوى متقدم، وأنه لأسباب التوفيق وربما الحظ أنا أحصل على هذه المشاريع ويتمسك بي هذا القدر من العملاء.
هذا يسبب لي ضغط نفسي أنا أشك في قدراتي طوال الوقت ولا أعرف كيف اتخلص من هذه الأزمة واقيم نفسي بطريقة موضوعية تجعلني أعرف أين أنا وكيف اخطو
قرأت من قبل أن هذه المشاعر طالما أنها موجودة، فأنت في أمان وستستمر، لأنها تعني ببساطة أنك تراجع نفسك بصدق، وأنك لست غافلا أو مغرورا، بل حريص على التطور وتحمل المسؤولية، فالشك أحيانًا دليل وعي وليس ضعف، والمهم أن لا يتحول إلى عائق بل إلى دافع للتعلم والنمو بثقة متزنة، لأن الشخص إذا تيقن تماما من خبرته قد يصاب بغرور يمنعه من التقدم ويغلق عليه أبواب التعلم والنقد البناء.
بالفعل ليس بعدد السنوات لأن ممكن يكون حسابك لعدة سنوات لكن خلال تلك السنوات لم تُنفذ مشاريع كافية أو تتعاملين مع عملاء.
الخبرة فعلاً شئ صعب قياسه، لكن يمكن الشعور به من اختفاء لحظات الصعوبة لتحدي نفسك أكثر ارتياحاً عند العمل، هذا مؤشر جيد للخبرة من وجهة نظري.
أعتقد أن الخبرة تكون واضحة في طريقة تعاملنا مع كل شيء في المشروع، بداية من ادارة المناقشة مع صاحب المشروع للوصول الى السعر والمدة المناسبين لنا دون التنازل عن أي شيء والاتفاق على جميع التفاصيل المطلوبة لكي لا نترك مساحة للاستغلال أو الخلاف فيما بعد، مرورا بالسلاسة التامة أثناء تنفيذ المشروع وعدم وجود أي شيء يدعو للقلق أو أننا غير قادرين على تنفيذ المشروع، وصولا إلى تسليم المشروع وترك انطباع جيد لدى العميل. كلها مؤشرات على مدى خبرة المستقل وتمكنه
أن الخبرة في العمل الحر أقرب لأن تقاس بجودة البصمة لا بعدد الخطوات. فمثلاً مستقل يمتلك عامًا واحدًا من العمل لكنه أنقذ ثلاثة مشاريع معقدة، وبنى علاقة مستدامة مع عميل راجع خمس مرات، قد تكون خبرته أعمق عمليًا من آخر عمل مع خمسين عميلًا في خمس سنوات لكن بعلاقات عابرة ، يمكن الاستعانة بإطار الخبرة الظرفية أو Situational Expertise الذى يستخدم فى تقييم المهنيين الذين يطورون حسًّا عاليًا فى اتخاذ القرار داخل مواقف معقدة ومتغيرة. هذا النوع من الخبرة لا يُقاس بالكم، بل بقدرتك على اتخاذ القرار الصحيح فى اللحظة الخاطئة.
صحيح الخبرة في العمل الحر لا تقتصر فقط على التجارب الناجحة أو عدد العملاء، بل هي مدى قدرتنا على تحديد نقاط قوتنا وضعفنا. كثيراً ما نكتسب خبرة أكبر عندما نتعلم من الأخطاء أو نواجه تحديات قد تبدو صعبة في البداية، ولكنها تفتح لنا آفاقاً جديدة. على سبيل المثال، التعامل مع عميل يطلب تغيير مفاجئ في المشروع قد يُعلمنا كيفية التكيف بسرعة، أو كيف نُقوّم حدودنا المالية والتوقيتية بشكل أفضل. أيضًا، حين نبدأ في مشاركة معرفتنا أو إرشاد الآخرين، نجد أن هذا يعكس مدى تطورنا ويعزز خبرتنا في العمل الحر. إذاً، الخبرة ليست فقط في المواقف التي ننجح فيها، بل أيضًا في قدرتنا على الاستفادة من كل تجربة، سواء كانت إيجابية أو سلبية.
التعليقات