أحيانًا يقول بعض المستقلين أنهم يجب أن يتركوا بصمتهم وانطباعهم على العمل المطلوب منهم، ويبادروا باقتراحات وتعديلات على رؤية العميل، في حين يرى آخرون أن المطلوب منهم هو تنفيذ رؤية العميل وفق متطلباته ولا يبادروا بالاقتراح ما لم يُطلب منهم، خاصة وإن كان العميل يعرف فعلًا ما يريد. وعندما فكرت في الأمر، لم أستطع أن أحسم القول أي الرأيين يغلب عليه الصواب، لذا فضلت أن أطرح الأمر للنقاش لكن من وجهة نظر العملاء لنحاول أن نكتشف كيف يفكرون، كعميل: متى تترك للمستقل حرية الاقتراح ومتى تطلب منه الالتزام بالمطلوب فقط؟
كعميل: متى تترك للمستقل حرية الاقتراح ومتى تطلب منه الالتزام بالمطلوب فقط؟
بالنسبة لي فأرى أن الفيصل هو مدى الإلمام بتفاصيل المشروع ووضوح متطلباته ومدى إدراكي أيضًا كعميل لمجال المشروع المطلوب. فمثلًا من واقع مجالي هناك عملاء يطلبون مشاريع تقنية ولكنهم غير مدركين بالكامل لتفاصيلها وإمكانية عملها وتفاصيلها الدقيقة إلخ وفي هذه الحالة فالاستماع لاقتراحات المستقل وربما تعديلاته واجب حتى يصل العميل لأفضل تصور تقني وممكن في الوقت المتاح وكذلك الموارد المتاحة.
وفي كل الحالات أعتقد أن تشجيع المستقل على الابداع والخروج بالأفكار الجديدة أمر جيد وصحي للعمل سواء تم تطبيق هذه الأفكار في المستقبل أم لا خاصة إن كان المشروع كبيرًا أو مستمرًا فهو يجعل المستقل يشعر بالانتماء أكثر للعمل والرغبة في تحقيق تغيير إيجابي فيه.
أعتقد أن تشجيع المستقل على الابداع والخروج بالأفكار الجديدة أمر جيد وصحي للعمل سواء تم تطبيق هذه الأفكار في المستقبل
هذا هو أحد هو أساس كل استراتيجيات الابتكار سواءً في المؤسسات أو حتى العمل الحر، لأنه يعطي مساحة لكلًا من العميل والمستقل، فلو أنني أتعامل كمستقل ملم برؤية كاملة لهدف المشروع ولديَّ مساحة كافية للتعبير عن أفكاري دون أي تخوف من انتقادات أو رفض دون أسباب واضحة، هذا يعني أنني سأرغب دائمًا في تقديم الأفضل للمشروع لأنه يمثلني بشكل شخصي ولأنني أشعر براحة لوجود تعاون بيننا.
في رأيي لا مشكلة في التناقش مع المستقل وخصوصًا لو محترف في هذا المجال، لأنه قد يكون مُلم بحيثيات مختلفة مرتبطة بمجالات ذات صلة، فهنا سيفيدني أن أعطي له مساحة آمنة للتعبير عن رأيه والتفكير فيه، إذا كان مناسب لمشروعي سأضعه في الاعتبار ونتناقش في كيفية تنفيذه أو التعديل عليه، إذا لم يكن مناسب، سأطلب منه فقط الالتزام برؤيتي لأن لدي هدف محدد وأعرف بالضبط النتيجة المطلوبة.
أنا دائما أترك المستقل أو الموظف يقترح ويبتكر وينفذ؛ لكن دائما ما يكون شرطي الوحيد هو عدم الإخلال بالسياق العام.
فمثلا كان عندنا تطبيق خاص بمنحة تعليمية؛ اقترح المطورون إضافة بعض الميزات الإضافية التي لم تكن موجودة بال UI/UX فوافقت عليها خصوصا وأنها لن تؤثر في خطة التنفيذ أو حتى أساسات المشروع.
والمفاجأة أن هذه التطويرات نفعتنا جدا بعدها واستخدمناها مع أننا لم نعد لها من قبل وجاءت كفكرة من قِبَل الشباب وهم يعملون بالتطبيق؟
فمثلا كان عندنا تطبيق خاص بمنحة تعليمية؛ اقترح المطورون إضافة بعض الميزات الإضافية التي لم تكن موجودة بال UI/UX فوافقت عليها خصوصا وأنها لن تؤثر في خطة التنفيذ أو حتى أساسات المشروع.
هذا مثال جيد جدًا. بالنهاية المستقل له خبرة في المجال ورؤيته المختلفة عن رؤيتك، وكلاهما من الواجب تقديرهما.
وأنت كصاحب مشروع إن كنت ترغب في أن يكون المستقل مجرد منفّذ فقط وأن ينجز كل التفاصيل حسب وجهة نظرك، فلماذا لم تقم أنت بالمشروع بنفسك؟
لكن الخبر الجيد الحمد لله أنّ معظم أصحاب المشاريع يفكرون بنفس الطريقة التي تفكر بها حسين، فهم يوظفون أحد المستقلين كنوع من التفويض لانشغالهم بأعمال أخرى، وبالتالي يتركون المجال للمستقل ليقوم بما يرغب وفق رؤيته.
بالأمس يا رغدا كنت أجهز عرضا استثماريا لأحد العملاء، فلما أرسلته له أرسله بدوره إلى مديره ليرى لو في تعديلات.
فعدل المدير أشياء غريبة ليست مهمة على الإطلاق بالعرض فلما أرسلها لي صاحبنا سألني عن جدواها فأخبرته بأنه ليس لها قيمة فامتنعنا عن التعديل.
حقيقي أحيانا تكون الأشياء التي يريدك صاحب العمل أن تنفذها ولا تناقش فيها هي في الأساس ليس لها قيمة ولو لم تكن أنت ذو خبرة تسمح لك بالتفريق بين الشيء الاحترافي وغيره لوقعت في الفخ.
لذلك فإن عبارة الزبون دائما على حق من وجهة نظري قالها شخص يبيع المخللات والطرشي وليس شخصا محترفا.
وأنت كصاحب مشروع إن كنت ترغب في أن يكون المستقل مجرد منفّذ فقط وأن ينجز كل التفاصيل حسب وجهة نظرك، فلماذا لم تقم أنت بالمشروع بنفسك؟
وما المشكلة في ذلك رغدة! هذا نوع من العملاء، عميل له وجهة نظر وخطة تنفيذ ولا يريد زيادة عليها، ويقابله كثير من المستقلين المستعدين لتنفيذ هذا، أما مسألة فلِم لم ينفذه بنفسه فهذه ترجع إلى العميل، وهو ليس بملوم أن له وجهة نظر يبحث عمن ينفذها له، لا مشكلة أبدًا. لاحظي حتى في المثال الذي ذكره الزميل حسين قال:
فوافقت عليها خصوصا وأنها لن تؤثر في خطة التنفيذ أو حتى أساسات المشروع.
يعني أن خطة التنفيذ وأساسات المشروع من الأساس تكون وفق رؤية العميل نفسه، وإذا ما سمح للمستقل بالاقتراح ففي حدود ضيقة، ليس أن يأخذ كامل حريته وينفذ وفق خطته ورغبته.
لقد جرّبت الحالتين.
فأنا كمستقلّ أحبّ فعلًا أن أترك بصمتي الخاصّة في كلّ عمل، ولا أحبّ أن أعمل في قالبٍ محدّد، والحمد لله دائمًا ما أتعامل مع أشخاص مرنين في التّعامل، ويسعدون جدًّا عندما أضع لمساتي الإضافيّة في العمل.
في المقابل، عندما أطلب مشروعًا من أحد المستقلّين أعطيه الخطوط العريضة ووجهة نظري وأترك له القيام بالعمل على طريقته وحسب أفكاره وتجاربه وخبرته.
حرية الاقتراح يجب أن تكون مفتوحة دائماً ولكن غير مفروضة، بمعنى ومثال عملي، أنا أعمل مع وكالة إعلانات،تطلب مني محتوى لعميل معين، هذا العميل غير منفتح دائماً على الاقتراحات، اشتغلت له العمل وقدمت له الاقتراح عند تسليم العمل وقلت له سأكون مسرور بالعمل على هذا الاقتراح بالمجان، حين طالعه ورأى مدى حماسي وافق على مقترحي وبهذه الطريقة فتحت له خط ثقة بيني كسنتقل وبينه كعميل. السؤال الآن: هل المستقلين يتصرفون بهذه الطريقة؟ لا بكل تأكيد بحسب مراقبتي، يريد غالباً أن يعبث بعمل العميل مباشرةً وكأنه يقدّم امراً على نفقته الخاصة! العميل يخاف على أمواله وهذا الموضوع مزعج بالنسبة له وغير مريح، لذلك أنا كعميل مثلاً لا أفتح مساحة لاقتراحات المستقل إلا لو فتح لي مساحة ثقة بطريقة من الطرق المبتكرة التي يجب عليه العمل عليها.
بالعمل على هذا الاقتراح بالمجان، حين طالعه ورأى مدى حماسي وافق على مقترحي وبهذه الطريقة فتحت له خط ثقة بيني كسنتقل وبينه كعميل
لم أفهم تحديدًا أين هو خط الثقة، هل لأنك ستنفذ المقترح بالمجان؟ لا أعتقد أن هذا وحده كفيل ببناء الثقة، وماذا بشأن التعاون المستقبلي معه إن كان لديك مقترحات أيضًا هل ستظل تقدمها بالمجان أم كيف تدير هذا الأمر في المستقبل؟
السؤال الآن: هل المستقلين يتصرفون بهذه الطريقة؟ لا بكل تأكيد بحسب مراقبتي
لا أتصرف بتلك الطريقة أيضًا، لا أستهدف مقايضة مقترحاتي بالمجان مقابل بناء الثقة، بالنسبة للثقة فهناك سُبُل متعددة لتعزيزها خاصة عندما يكون التعاون مستمر، ستُبنَى الثقة تلقائيًا مع حصول العميل على جودة مناسبة وتجربة عمل مُرضية.
الأفضل القيام بالمطلوب بعدها الإنتقال إلى الإبداع الشخصي، وحاول دائما عرض أكثر من نموذج. فالمنتج يجب مبدئيا أن يكون قياسي.
ونصيحة كمستقل حاول جمع المعلومات المطلوبة قدر الإمكان مع وضع حدود للخدمات، كي تعلم ما عليك من حقوق وإلتزامات
"إذا كان عندي ست ساعات لقطع شجر سأقضي الأربع ساعات الأولى في سن الفأس" إبراهام لينكون
وبالمقابل كعميل تأكد من حصولك على الحد الأقصى من طلبك ثم يمكنك النقاش حول الإبداع. كما يمكنك اعطاء المستقل رؤوس أقلام وتفتح له مجال الإبدع، لكن لا يخرج عن سياق العمل، واعطاره ذلك المجال قد يلزم مشروعك بالعودة له دائما في ما يخص أي إضافة أو تحسين، يعني سلب وإيجاب، سلبية ستتعامل معه هو فقط في مجالات محددة وإيجابية نفسها سيزيل عنك كاهل ذلك العمل.
التعليقات