"قدمتُ عرضي على مشروع مناسب لمهاراتي، وانتظرتُ راجيًا أن يصلني إشعار. وبعد انتظار؛ أخيرًا جاءني استفسار من صاحب المشروع عبر الاستفسارات، أجبته بدون تردد بأفضل الشعارات المهنية والوعود الوردية بتقديم عملٍ ذي جودةٍ خيالية، وبعد نقاشٍ لم يَطُلْ... ذهبَ ولم يَعُدْ! لقد أوشَكَت الفرصة أن تقع بيدي، لكن تم توظيف مستقل غيري، يا ترى أين الخلل؟!"
كانت هذه شكوى افتراضية وواقعية في الوقت نفسه، واجهها ويواجهها كثير من المستقلين، وقد واجهتها شخصيًا عدة مرات خاصة في بداية عملي المستقل، الأمر الذي دفعني للتفكير، فإذا كان العميل قد قرر أن يتواصل معي، فهذا دليل أن عرضي ومعرض أعمالي قد لفتا انتباهه مبدأيًا، لكن نقاشه معي جعله أقل اقتناعًا وحماسًا لتوظيفي، وهذا ما دفعني لطرح هذا السؤال اليوم: كيف تُديرون الاستفسارات بفاعلية لإقناع العميل وزيادة احتمالية التوظيف؟
من خلال تجربتي على مدار عدة سنوات، فقد توصلت لاستراتيجية أدير بها النقاش مع عملائي، تلك الاستراتيجية تعود عليّ بفائدتين، الأولى: يصبح النقاش أكثر قيمة وإقناعًا للعميل -على قدر استطاعتي- والثانية: أن أشعر أنني قد استغللت فرصتي كاملة بمهنية، فلا أندم بعدها وأشعر بالرضا عن نفسي حتى وإن ضاعت الفرصة. سألخص استراتيجيتي النقاشية في التالي:
- عدم التطرق للكلام عن السعر أو الميزانية كأولوية للنقاش، بل أجعله في ذيل النقاش، بعد أن يستشعر العميل مهنيتي واستحقاقي مبدأيًا.
- الابتعاد تمامًا عن الشعارات الفضفاضة -وما أكثر مستخدميها- مثل: "سأقدم عملًا رائعًا خياليًا"، "أنا أفضل من يفعل هذا" "أنا أفهم كل شيء لا تقلق"، فالعملاء يدركون أن هذا طبل أجوف، الأفضل: التركيز كأولوية على عرض القيمة التي سأقدمها للعميل، وإبراز خطتي وجهوزيتي وأدواتي.
- فهم متطلبات العميل: الكثيرون يخشون أن يسألوا ويستفسروا من العميل حول تفاصيل العمل ومتطلباته وطبيعته، خشية أن يظهروا وكأنهم لا يفهمون، وهذا خطأ يجعل العميل يفكر قائلًا: "هو يدّعي فهم كل شيء ولم يستفسر حتى حول رؤيتي للعمل ومتطلباتي"، لكن عندما أسال العميل سيتحمس أكثر للاستفاضة والشرح ويشعر باهتمامي ودِقَّتي، حتى إني قد أسأله عن نماذج يراها تحاكي تطلعاته لأفهم تفكيره، فيقول: "أريد اسكريبت فيديو مثل قناة كذا" مثلًا.
- أعرض على العميل نماذج أعمالي السابقة ذات الصلة بمشروعه، لكن الأكثر أهمية أن متطلبات كل عمل قد تختلف في تفاصيلها مع اختلاف رؤية العملاء، لذا فقد يكون العميل مازال غير مقتنع تمامًا بعد، فلا أترك له فرصة للتردد، وأخبره باستعدادي لتقديم عينة تجريبية وفق متطلباته، للوقوف على أسلوب الكتابة وللتأكد أن ما سيحصل عليه بعد التوظيف يُحاكي تطلعاته، وحفاظًا على وقته ووقتي. (طبعًا هذه الفكرة لا تناسب جميع المجالات الأخري مثل التصميم والتقنية، فأرجو أن يقترح أصحابها بدائلهم وأفكارهم)
التعليقات