في أحد الأحياء المكتظة بالحياة، وبين ضجيج الهواتف الذكية وضحكات المراهقين، جلس شاب في السابعة عشرة من عمره يتصفح هاتفه. يتنقل بين مقاطع الفيديو، يضحك على تحديات لا معنى لها، ويشارك صورًا على تطبيقات التواصل. فجأة، يسأله أحد أصدقائه: "هل تعرف كم عدد ركعات صلاة الفجر؟" يتردد، ثم يجيب: "أربع… صح؟" ويضحك الجميع، غير مدركين أن ما قاله ليس مجرد خطأ، بل انعكاس لواقع مؤلم.
هذا المشهد ليس نادرًا. بل يتكرر يوميًا في المدارس، الجامعات، وحتى البيوت. شباب ومراهقون لا يعرفون الفرق بين الفرض والسنة، ولا يميزون بين الزكاة والصدقة، وبعضهم يظن أن رمضان مجرد مناسبة اجتماعية تُزين فيها الشوارع وتُعرض فيها المسلسلات.
في جلسة عائلية، تسأل الأم ابنها عن معنى آية قرأها في المدرسة، فيجيب: "ما بعرف، بس الأستاذ قال إنها مهمة". لا فضول، لا رغبة في الفهم، فقط حفظٌ سطحي لا يترك أثرًا. وفي المقابل، يحفظ أسماء لاعبي كرة القدم، ويتابع أخبار المشاهير، ويعرف تفاصيل دقيقة عن حياة نجوم الغناء.
الجهل الديني بين الشباب لم يعد مجرد نقص في المعلومات، بل أصبح نمط حياة. البعض يرى الدين عبئًا، أو شيئًا "قديمًا" لا يواكب العصر. والسبب؟ غياب القدوة، ضعف الخطاب الديني، وتهميش التربية الروحية في المؤسسات التعليمية. حتى الإعلام، في كثير من الأحيان، يصوّر التدين على أنه تشدد أو تخلف، مما يدفع الشباب للنفور بدل الاقتراب.
لكن المدهش حقًا، أن هذا الجيل نفسه يملك أدوات المعرفة بين يديه. هاتف ذكي، إنترنت، منصات مليئة بالمحتوى الديني المبسط، لكن الاستخدام منحرف نحو الترفيه فقط. وكأن النور موجود، لكن لا أحد يمد يده إليه.
التعليقات