قبل حوالي ٣ أسابيع توفي أحد أقاربي (إبن عمتي) في المستشفى ليلاً وقد كان مصاب بمرض السرطان، وقد ذهبت إليهم في المستشفى في ثلاجة الموتى لكي نستلم الجثة أو نؤجل الدفن إلى الصباح.

دخلت ساحة المستشفى وإذا بمجموعة من الشباب ما يقرب عددهم ١٠ شباب أعمارهم حوالي في العشرين سنة "عليهم الإعتماد" ، وإذا بهم يبكون وينوحون بجنون بكاء الجاهلية الأولى بصوتٍ عالٍ ويقولون كلام فيه عدم الرضا والقبول بأمر الله ؛ هؤلاء الشباب هم أبناء أخ وأخت المتوفي (المتوفي يكون خالهم وعمهم) نصحناهم وأخذناهم إلى البيت بعد أن قررنا أن ندفن المتوفي في صباح اليوم التالي.

في البيت تجدد النواح والصياح واللطم على الراس والوجه والصدر وقام إثنان منهم بتمزيق ثيابهم والثالث نزع ثوبه أما الرابع فقد أغمي عليه وتم نقله للطبيب ؛ النساء لم يفعلن ذلك بل العكس كانت بعض الأمهات تنصح أبناءها بالدعاء له وعدم اللطم ، ولكن في تلك اللحظة … لا مجيب.. فقد حضر الشيطان في تلك الساعة.

رأيت العجب العجاب هناك … في المستشفى جاء أحد أبناء عمومتي وهو شقيق زوجة المتوفي وهي الآخرى قد توفيت قبل بضعت سنوات بمرض السرطان أيضاً.

توجه إبن عمي إلى باب الثلاجة وفتحه ودخل إليها ، قلت لربما يريد أن يلقي عليه نظرة الوداع والسلام الأخير … ولكن سمعت نوع من الضوضاء داخل الثلاجة إختلطت بضوضاء الخارج فتوجهة إلى داخل ثلاجة الموتى فوجته قد رفع الغطاء عن رأس الميت وإبن عمي يصرخ بوجه الميت ومشير إليه بالسبابة قائلاً له : "كيف تموتان أنت وهي بنفس المرض … كيف ذلك؟!".

أسرعت فغطيت الميت وأخرجت إبن عمي خارج الثلاجة … عندها إنتابني شعور بأن ذلك كله مجرد جهل ورياء وغباء!

قلت في نفسي لو كان "أبو جهل" بيننا لما فعل ذلك وربما لكان زجرهم على أفعالهم… فليس من الرجولة شق الملابس والعويل كالنساء ولطم الخدود ، فكل تلك الأفعال مشينة وغير مقبولة بيننا، فضلاً على إنها محرمة في الشرع وتخرج الشخص من الدين.

قال رسول الله ﷺ : «ليس منا من لطم الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوة الجاهلية» … صحيح البخاري ورواية لصحيح مسلم.