2025/8/29
استيقظت الساعة ٤ بعد منتصف الليل، لم أنم جيداً، كانت ليلة صعبة علي جداً، قد انهرت تماماً. بعد عدة دقائق وجدت المقص أمامي وهنا قصصت شعري لأول مرة بحياتي. شعري طويل جداً، عمري عشرون عاماً ولم أقصه يوماً، اعتنت به جدتي كثيراً من الحناء والترطيب والتجديل وكذلك أمي وأنا، لذلك شعري يمثل مثلثاً يجمع بيني وبين أمي وجدتي. لكنني قصصته، قد بلغ بي الاكتئاب أشده ولم أعد أستطيع أن أعرف كيف النهوض. أشعر بالألم الشديد رغم عدم وجود مرض عضوي، لكن الألم النفسي أقوى، والآن أصبح جسمي يؤلمني كذلك.
في اليوم السابق لهذا الحدث كنت قد تجادلت مع أبي قليلاً، أو بالأصح لم أقل سوى كلمتين فقط حيال موضوع ما، لأنه كان قد وضع حكمه المسبق وحكم علي بالإعدام دون محاكمة. لأخبركم عن أبي قليلاً: لا أستطيع أن أقول كلمات ليست جيدة عنه، لكن هذا غريب، كيف تحب وتكره نفس الشخص، وكيف مصدر الأمان هو نفسه مصدر خوفك أيضاً؟ قرأت عبارة مؤخراً تقول: اختاري ليس فقط زوجاً جيداً بل أباً جيداً لأطفالكِ أيضاً، وهي صحيحة ١٠٠٪. لذلك لو أن أمي اختارت أباً جيداً ربما كل هذا لم يحدث.
لا أستطيع الآن أن أكف عن البكاء. قدمي تؤلمني لذا تمشيت قليلاً، طبعاً داخل حدود المنزل أو بالأصح غرفتي فقط، لأن الخروج غير مسموح لي. فقط تخيلوا أنني أبلغ العشرين عاماً لكنني أعيش بمكان أشبهه بالسجن المفتوح، نعم فقط لي الحق بالأكل والشرب والدراسة، لكن غير مسموح لي بالخروج أو ما غير ذلك. عندما يسافر أبي أحياناً أخرج، لكن هذا يتم بطريقة صعبة جداً بوجود أخوي الاثنين اللذين هما نسخة مصغرة عن أبي، رغم أني الأكبر وهم ما زالوا لم يبلغوا حتى ١٨، لكنني الأضعف هنا. وأمي امرأة مسكينة لا حول لها ولا قوة. كانت لها صحة، لكن بعد الإصابة بالسرطان بسبب أبي وقد شفيت منه، لكنها لم تعد كما كانت أبداً. أصبحت لا تخرج من المنزل أيضاً، وإذا خرجت أخوي الاثنين يجعلان هذا الخروج جحيماً بالنسبة لها.
أنا أرتدي ملابس كاجوال وأيضاً محجبة، اتفقت مع أبي سابقاً أنني أرتدي العباءة فقط في المنطقة لأنه يخاف على سمعته أمام الناس، وليس بسبب الدين (أبي يزني ويشرب الكحول ولا يصلي ولا يصوم ويكذب. ملاحظة: أنا هنا لا أتكلم بالسوء عن أبي فقط أوضح أن كل هذا بعيد عن الدين تماماً). أنا أصلي وأصوم وأقرأ القرآن، نعم وصحيح لا أرتدي العباءة لكن لبسي محتشم، وهذا نمط حياتي، ولا يستطيع أحد إجبار إنسان على شيء لا يريده أبداً.
بالأمس كانت صديقتي قد ألحّت علي بالخروج معها لعيد ميلادها، رفضت لأنني أعرف طباع أبي. لكن خالتي كانت ستذهب لهذا وافقت. المهم ذهبت أبحث عن ملابس ووجدت بصعوبة ونسّقتها، لأن أبي ملاحظة: هو غني جداً ومقيم بالإمارات ولديه ملايين، لكن لا ينفق لي مصروفاً للملابس مثلاً أو غيره، فقط طعام ودراسة. لبست وبعدها كان هو نائماً، انتظرت أن يستيقظ لأطلب المال للخروج. ربما كان سيعطيني ١٠ دولارات أو أكثر بقليل، وهو مبلغ قليل جداً بالنسبة للخروج في دولتي هنا.
تكلّم عني بالسوء ووصفني بكلمات سيئة جداً: إنني سافلة مثلاً، فقط لأنني لم ألبس العباءة. قلت له: أنت تعلم من زمان أنني هكذا ألبس. هو غضب جداً لأنه طبعاً كان مشغولاً بحياته والمجون الخاص به لدرجة لم يعرف طبيعة ثيابي، مع أننا قد خرجنا قبل سنة معاً وكنت أرتدي ملابس مشابهة. لكنه بسبب مشكلة لديه بالعمل ربما فقط أراد أن يصب غضبه على أحد ما وكنت أنا. المهم بعدها هددني بالقتل وعدم الخروج.
لم أعد أحتمل كل هذا، بكيت كثيراً وما زلت، أكتب وأبكي. ربما قد انهرت ليس فقط بسبب هذا الموقف لكن التراكمات ومدى صعوبة الحياة علي منذ صغري وإلى الآن. أفكر أن أنهي كل شيء وأذهب إلى العالم الآخر كثيراً ومنذ سنوات، لكنني لست شجاعة لهذه الدرجة. لا أعلم ماذا أفعل، وربما فعلاً قد يكون هذا حلي الأخير.
زينب، من سجني المفتوح
التعليقات