نحن لا نعيش الأيام، نحن نخدّرها.

نمرّر الوقت كمن يمرر إبرة مخدر في عصب الألم، لا لشفائه بل لإسكاته. نظن أننا تجاوزنا، تخطينا، نسينا... لكن الحقيقة؟ أننا فقط أجّلنا المواجهة.

أحيانًا، نؤجل قرارًا نخشى اتخاذه، فنحشو أرواحنا بالسكوت، بالانشغال، بالتظاهر بالقوة، حتى تحدث تلك اللمحة العابرة – كلمة، موقف، نظرة – فتنهار كل مسكناتنا، كأن أحدهم نزع الغطاء فجأة عن جرح لم يلتئم.

ربما هي رسالة من الحياة تقول لنا: "لقد كنت قويًا أكثر مما يجب، والآن... حان وقت أن تنهار."

تأتي لحظة لا يكون فيها الانهيار ضعفًا، بل احتياجًا لتصحيح مسار. حتى لو كنا نعلم أن اتخاذ القرار سيفتح باب ألم آخر، نظل نؤمن أنه لا بديل. فالبقاء ساكنين هو العذاب ذاته، والصبر على اللاشيء محال.

وما يؤلم في لحظة الانهيار ليس فقط ثقلها، بل غياب الكتف الذي نُسند عليه هذا الثقل. هؤلاء الذين حسبناهم ملاذًا، ظهروا كظل لا يحمل ولا يدفئ. كل الحنان الذي أغرقونا به من قبل، كان محض مجاملة... أو شفقة.

وهكذا... نواجه الوجع عاريين من كل سند، ونكتشف في منتصف الضعف أننا كنا وحدنا منذ البداية.