في العوالم التي تكتبها الروايات، هناك دائمًا من يبتكر شرابًا للنسيان، قنينة صغيرة تكفي قطرة منها ليمحو قلبك ما شاء من الذاكرة.
كنتُ أحلم بقارورة لا قاع لها، أرتشف منها كلما وخزني موقف، أو غرز أحدهم في قلبي كلمة جارحة.
لو تحقق هذا الحلم، لكانت نظرتنا للحياة أقل سوادًا، ولأشرق الأمل حتى من قلب المعاناة.
لكن… هنا، في هذا العالم الصلب، لا شراب للنسيان، ولا قلوب لينة كما في الحكايات. كل شيء صار خشنًا، حتى الأحاديث، حتى النظرات، حتى الضحكات التي تُلقى ببرود.
تخيلتُ لو أننا نحتسي هذا السائل السحري عند كل جرح، لما بقي في قلوبنا أثرٌ لحقد، ولا ضغطٌ نفسي يجبرنا على الغفران ونحن عاجزون عن النسيان. كنا سننسى أولًا بأول، ونعيش بخفة الطيور.
أما الآن، فأصعب من البغض نفسه هو المسامحة. كيف أسامح من يحاربني نفسيًا قبل أن يجرح جسدي؟
أولئك الذين يضغطون كل يوم على أوتار قلبي الحساسة، يتلذذون بآلامي كما لو كانت موسيقى خفية لا يسمعها سواهم.
إنهم يتغذون على الدموع، ويبتسمون كلما رأوا صمتي يتهشم من الداخل.كيف؟
التعليقات