إن كانت الخسارة لها تركيبة، فهي عبارة عن شعور يحكي لك أنك ضعيف بسبب تجارب الماضي الفاشلة التي مررت بها، كأنها هي الوحيدة التي عشتها، فتتضخم وتكبر تلك الذكريات مع ضجيجٍ مُلِحٍّ وصارخ بتخوفات من المستقبل أن يكون مثل الماضي، وهكذا تكون في حلقة لا تنتهي من الألم والجهل بما يحدث داخلك.
وإن كنت تريد بناء شيءٍ جديد، فتعلّم عن الصفحة البيضاء، وتعلّم كيف تمسك القلم، وتعلّم كيف تكتب قَدَرك من جديد.
وبناء الشيء الجديد يحتاج أن تختلي بنفسك، وتنفصل كليًّا عن الصفحات التي امتلأت ببرامج لا فائدة منها في حياتك، ثم تُصْفِنَ في تلك الصفحة البيضاء دون أن يتشتت ذهنك بصفحات متعفنة.
وفي النهاية، الرسّام عندما يرسم لوحة جديدة، ينغمس فيها كليًّا، ويهب نفسه لهذه اللوحة، فتصبح عالمه بالكامل؛ عالمه الذي يسكن فيه ويخرج منه، ثم يريك قطعة بسيطة من ذلك العالم العميق، الذي هو ملجؤه وأمانه وطمأنينته. وهكذا يرسم وينحت ويكتب قَدَره الجديد، الآتي كليًّا من عالمه الخاص، الذي يحبّه وينغمس فيه.
والرسّام الحقّ يعلم جيدًا أن هناك لوحات يعتبرها غير مقنعة وغير جديرة بالثقة، وعلى الرغم من ذلك، يريها للعالم، لأنه يعلم في خَلَدِه: إن لم تُعجبني أنا، فهي مجرّد قطرة من محيط لوحة أكبر. ولهذا، يتواضع ويدرك ضمنيًّا أن الشيء الذي لا يُعجبه الآن قد يكون شيئًا ثمينًا لاحقًا. فلا يكره ما لا يُعجبه، بل يهب نفسه كليًّا لتلك الألواح.
Khadija_ija
التعليقات