التناقض.. كان ولازال حليفي..
فأنا.. لي صوتان... اجبر على الانصات لكل منهما..
بحكمة.. وانتباه..
لأن القرار الذي بيدي.. ينحصر فيهما..
ها هو ذا عقلي يثرثر هذه الأيام... بوجوب رحمة نفسي قليلا... من التفكير.. والثرثرة.. التي لا تطاق..
هو يقول إهدئي.. فحسب.. خذي الأمور ببساطة..
أين ستذهبين بنصف عقل وفشل متكرر..؟!
فشل في الخياطة...
فشل في الدكتوراه لأربع مرات متتالية..
وفشل في العمل المكتبي مرتين..
واستمرار رفض سيرتك الذاتية في طلبات التوظيف..
هل ستحاولين مجددا..؟! كفاكِ ارجوكِ..
في نفس الوقت وبكل تناقض.. وبصوت ثاني.. يلح علي عقلي باتخاذ مسار مهني.. بحكم أنني بلغت الثلاثين وانا عاطلة عن العمل بعد تخرج امتياز من الجامعة..
يلح علي بعدم الاستسلام ويذكرني بأمجاد الماضي... أين كنت متفوقة والمرض ينهش عقلي كل عطلة صيفية... بنوبة قاتلة... أعلن من خلالها أنني مجنونة بدرجة امتياز في الجامعة..
أفكر في العودة للدكتوراه..
العودة للعمل المكتبي..
العودة للخياطة..
والعودة للقيام بالأعمال المنزلية بنشاط..
لكن..
أحصد التشتت.. فلا أفعل ايا من هذا..
فقط.. أكتب مخططات لن انفذها..
وأكتب عبارات تشجيعية أشبه.. بحبة حلوى تم تقديمها لطفل يبكي..
فأعود لأستمع لصوت عقلي الأول..
وأشعر أنه يمثلني...
ليس كفاشلة.. بل كإنسان..
يعيش مرحلة قاسية من حياته...
فيفكر مرتين.. قبل أن يمارس القسوة على نفسه.. أيضا..
إنسان.. ضعيف.. في مواقف.. قوي في أخرى..
متوازن في مواقف.. متأرجح في أخرى..
إنسان هو بحاجة للتعايش مع الواقع، لا أن يسير على قدم مكسورة... ليثبت أنه خارق..
ويدرك بعد تجارب، أنه اختار مسارات لن تكون من نصيبه، فلماذا سيثابر في تحقيقها؟!
هل المثابرة وحدها تكفي؟!
لست مميزة لتلك الدرجة ولا مثابرة بطاقة مستدامة..
لي الحق في أن ارفع يدي بفخر واقول..
أنا بحاجة لرحمة.. أقدمها أنا لي..
وبحاجة لأن أعترف بشجاعة..
أن.. لي صوتان.. متناقضان.. وعقلي ثرثار..
والتوازن هو الإستماع لصوت واحد... يترجمني لإنسان..
التعليقات