اختفى داخل الكهف مجموعة من الأصدقاء، كان كهفا كبيرا مظلما لم يتذكر أي واحد منهم طريق الخروج، مكثوا هناك لساعات وساعات صرخوا باستغاثة وبيأس شديد حتى فقدوا صوتهم، لكن للأسف لم يأتي أي شخص لنجدتهم.
أصابهم اليأس وانشلت أقدامهم من كثرة السير فتبعثروا على الأرض فاقدين الأمل
قال فادي مخاطبا أصحابه: علينا متابعة البحث، سنجد المخرج لا محال.
وافق البعض منهم ونهضوا من أماكنهم يلبون النداء، أما الآخرين فظلوا على حالهم نائمين على الأرض يقول أحدهم: لقد أهلكني التعب، والجوع يأكل من معدتي، أظن أن الوقت أصبح ليلا في الخارج دعنا ننام حتى الفجر.
وجاءت ساعات الصباح بسرعة، فنهض فادي واستدعى رفاقه من جديد، لب النداء نفس المجموعة الأولى، واستمر الآخرين على نفس شكاوى البارحة: لا طاقة لي، والجوع سيقتلني
لكنهم رغم ذلك انطلقوا رفقة فادي يفتشون عن الفتحة الذين دخلوا منها..
وفي أثناء رحلتهم قال أحدهم: هل تذكرون الضجيج الذي سمعناه البارحة، حتما لقد كان نتيجة سدهم للمعبر الذي دخلنا منه.
وردد آخر: سنموت من الجوع والعطش، ومشقة السير هذه ستسرع من الأمر لا أكثر.
وحين بلغ أحدهم هذا الكلام قال: أو لعل ثعبان سيجدنا قبل أن نجد المخرج، إنه كهف داخل جبل بالتأكيد أن نسبة الحشرات والعناكب فيه كبيرة.
وسارت بين الأصدقاء ضجة وانطلقت الأصوات تعلن عن نوع المخاوف التي تسكنها، فتوقفت الحركة لارتجاف الأطراف، تذكروا الجوع والعطش فازدادوا يئسا.
قال فادي آنذاك: حسنا ما رأيكم أن ننقسم إذن؟
والذي يجد المخرج سيعود ومعه المساعدة لإنقاذ البقية.
غادر فادي رفقة صديقين أعجبتهما الفكرة، وبعد مدة من السير قال أحد الأصدقاء: إن المكان يزداد برودة وهذا يذكره بالحفرة التي دخلوا منها.
وأيده الآخر، فبث هذا الكلام الروح في فادي وأعاد له الأمل الذي فقده، فزاد من سرعته اكثر وبعد لحظات صاح أحدهم قائلا: ألا تسمعون صوت المياه، إنها مياه النهر من الخارج فابتسم فادي وخفق قلبه بسرعة حتى قال هو الآخر: معكم حق يا أصدقاء فها هو المدخل.
هل رأيت يا صديقي كيف استطاعت الكلمات أن تغير من مصيرهم؟
يمكن أن تكون كلمات أصدقاء يائسين، أو أهل وخائفين عليك من الطريق المجهول، ولكن يمكن أن تكون أصوات أفكارك الخاصة، أفكار تخبرك عن مدى تعبك وتقنعك بأن تستريح كما يفعل الجميع، أو أفكار تكلمك بإيجابية عن النهاية التي ستحصدها إذا تابعت السير. وأنت وحدك يا صديقي من يقرر إلى من يستمع، ورأي من يطبق.
لقد كان الأصدقاء القدم لفادي من يعيقونه على المتابعة ورسموا له طريقا مملوء بالمخاطر كي لا يتجه نحوه وحين تحرر منهم واكتسب أراء إيجابية سار بخفة نحو غايته.
أخبرني يا صديقي القارئ كيف تتعامل مع أفكار التسويف والمماطلة التي تدعوك للراحة دوما.
كيف نخاطب عقولنا ونقنعها بالمقاومة في عصر المشتتات
قصة مما كتبت أحببت أن أشاركها معك، أتمنى أن تنال إعجابك
التعليقات