تم تشخيص حالتي قبل أكثر من أربع سنوات بعد أن أمضيت حوالي السنة في ارتياد عيادات الطب النفسي على أمل معالجة مشكلتي "الغريبة" أو هكذا كانت تبدو لي..
عانيت من الكثير من المشاكل و عشت الكثير من الأزمات، و كنت فخورة جدا بنفسي لأنني تجاوزت كل ذلك و استطعت أن أشق طريقي و أن أبني لنفسي حياة مستقلة. أما مشكلتي الجديدة و التي لا تقارن بما عشته سابقا فكانت هي نوبات البكاء التي كانت تصيبني من دون إشعار سابق و حتى من دون سبب أو هكذا كنت أظنها..
في اجتماع عمل، أثناء تناول وجبة لذيذة في مطعم هادئ .. عند الاختيار بين قطع جميلة في محل ملابس.. عند مداعبة قطة مشاغبة في حديقة عامة.. بكاء هستيري لا أستطيع مقاومته و لا أستطيع حتى فهم سببه.. فكرت في أنها مخلفات ما عشته من ألم سابق و لم أجد للأمر من حل سوى اللجوء الى الطب النفسي. و هنا بدأت الرحلة.
أغالب النسيان في هذه اللحظة و أحاول تذكر ماحدث ..
أرى أمامي الكثير من مضادات الاكتئاب و من معدلات المزاج و من المنومات .. جلسات يوغا و تأمل.. كتب دين و علم نفس و تنمية بشرية .. محاضرات ودروس.. و الكثير الكثير من نوبات الهلع، من الخوف، من الدموع، من التشنجات، من الصداع النصفي، الألم الصدري و ضيق النفس .. ثم الكثير الكثير أيضا من المجازفات و القرارات اللامسؤولة، من العبث و اللامنطق، من الضحكات العالية و الصخب و الموسيقى العالية.
تعبت من عيش حياة لا أتحكم فيها، من التعب و الخمول الذي تسببه العقاقير، و مللت حالة التحول "العجيبة" من أقصى درجات الحزن إلى الابتهاج المفرط و اللامنطقي. فقررت التوقف عن أخذ الدواء و عن زيارة طبيبتي ( تبدو كلمات مثل قررت أو أردت... غريبة علي إذ أحس دائما أنني مدفوعة من قوة أكبر مني و كأنني لعبة ماريونيت تحركها أصابع خفية) ..
ثم كان أنني تزوجت و أنجبت طفلتي في أقل من سنة من الاقلاع عن تناول الأدوية.. لا أعلم كيف عشت تلك الفترة، من الواضح أنني ألجأ إلى التناسي لتجنب الألم..
أن تكون لي أسرة صغيرة محبة هو أقصى ما كنت أتمناه. و هو فعلا ما أمتلكه اليوم بغض النظر (تناسي) عن كل العثرات و الأحاسيس السلبية التي رافقت هذا الانجاز و التي تنغص علي فرحتي بتحقيقي لما كنت أتمناه.
أنا اليوم تائهة و لا يكاد يخلو يوم واحد من نوبة هلع و بكاء هستيري و إحساس عميق بالندم على إشراك صغيرتي في هذه الدوامة. كان علي إدراك أن الإنجاب و تكوين أسرة متوازنة ليس متاحا للجميع. أو أنه ليس متاحا لي على الخصوص.
التعليقات