قبل أن أرحل أردت أن أكتب للجميع، أن أحاول التوضيح لي و لهم، لا أريد لرحيلي أن يكون غامضا، لا أريد أن يتحدث الجميع عني و عن حياتي أو أن أفتح الباب لتخميناتهم.

كتبت لصغيرتي سابقا، أما اليوم فسأحاول التحدث إلى أمي..

أمي الجميلة أنا آسفة..

أتذكر أننا كنا على وفاق دائما و أنك كنت أقرب صديقة لي، أخبرتك بكل تفاصيل حياتي و لم أكن أخفي عنك شيئا فما الذي حصل ؟ ما الذي باعد بيني و بينك ؟

نتصل ببعضنا نتحدث برسمية لا تليق بنا أسألك أن أحوالك فتخبرينني أنك بخير و تفعلين المثل و أرد بمثل جوابك.. لا أنا بخير و لا أنت كذلك.

أما الحقيقة فهي أن صغيرتك كبرت لتصبح فقاعة، مجرد فقاعة هائمة في الجو تتقاذفها تيارات الهواء الخفيفة كما تشاء، فقاعة مفرغة من كل شيء، فراغ أقصى طموحه هو أن يرتاح و يتحول إلى عدم.

ليس هذا ما تمنيته لي، أعلم ذلك يقينا و لا يسعني سوى الاعتذار..

تسبب لك ضعفي في الكثير من الألم و سيفعل مجدداً، لن ينفعني الأسف و لا الاعتذار و لن يخففا عنك، أنا أم الآن و أدرك ذلك جيدا..

حاولي فقط نسياني .. حتى ذكرياتنا الجميلة بعيدة جداً، و ما نعيشه من ألم سيحجبها للأبد..

لقد اشتقت إليك كثيرا و أنا على قيد الحياة، و لا أعتقد أن رحيلي سيزيد هذا الاشتياق لوعة.. لا مجال لذلك، قد بلغ شوقي مداه. لأول مرة أفكر في نفسي أكثر من أي أحد. سأكون أنانية لأول مرة في حياتي و ذلك بإنهائها.. يا للمفارقة.

خانتك الكلمات، و اتخذت الكثير من القرارات الخاطئة، لكنك كنت على حق عندما وصفتني بالضعيفة عديمة الارادة.. ثم دفعنا بعضنا البعض لنسقط في بئر مظلم.. أمد يدي فيه لألتمس دفء حضنك فلا أجد سوى العتمة و البرد.

أتعبتني الكتابة إليك.. قد أكمل الحديث إليك و قد أصمت إلى الأبد..

أمي الحبيبة .. أنا أحبك جداً