في شركة أدخلت أنظمة ذكاء اصطناعي حديثة، وجد موظف أمضى 15 عامًا من عمره في خدمة المؤسسة أن كل ما بناه بدأ ينهار أمام عينيه. كان معروفًا بين زملائه بدقته وحرصه على تفاصيل العمل، لكن فجأة أصبحت تقاريره التي يتعب في إعدادها بلا قيمة، إذ تُنجز ببرامج جديدة في وقت أقصر بكثير. ومع مرور الشهور، لم يكتفِ المديرون بتجاهل خبرته، بل نقلوه إلى مكتب صغير بعيد عن فريقه، دون مسؤوليات حقيقية، وكأنهم يضعونه على الهامش بانتظار رحيله. أصبح يجلس لساعات طويلة دون أن يُطلب منه شيء، يشعر أن سنوات عطائه تُمحى بجرة زر، وأن ما كان يُعتبر فخرًا لم يعد سوى عبء على الشركة. إلى أي مدى يتحول الذكاء الاصطناعي من أداة للتطوير إلى قوة تهدد بطمس قيمة الإنسان وخبراته؟
إلى أي مدى يتحول الذكاء الاصطناعي من ميزة تنافسية إلى شرط أساسي للتوظيف؟
لو كنت مكانه لرحلت في اليوم الأول من ذلك، خصوصاً على حد قولك أنه خبير وماهر وعنده الكثير ليقدمه، ولو كانت شركته ستبدله بنموذج فهناك ألف شركة تحتاج خبير مثله وليس عندها القدرة على دعم بيئة العمل بنموذج اصطناعي، وبالمناسبة لا لوم على الشركة هنا فلا تلوم من يحاول مواكبة التطور خصوصاً أن العالم بأثره يتجه نحو الرقمنة وبيئات العمل البدائية على وشك أن تفقد القدرة على السير في سباق المنافسة عن قريب
إذا كانت الشركة اليوم لا تستطيع دعم بيئة العمل بالذكاء الاصطناعي، فهذا لا يعني أنها لن تكون قادرة على ذلك في المستقبل القريب، لأن التطور في هذا المجال يسير بسرعة رهيبة.
من الأفضل في رأيي أن يتم تشجيع الموظف على السعي لتطوير مهاراته بشكل أكبر رغم خبرته، بدلًا من أن يترك الشركة ببساطة، أو على الأقل تقديم النصح لمدراء الشركات للاستفادة من خبرات مثل هؤلاء الأشخاص بدلاً من أن يخسروا تلك العقول المبدعة، فالشركات التي لا تستثمر في تطوير موظفيها أو في تحديث بيئات العمل الخاصة بها تصبح متأخرة في المنافسة.
لكن أرى أن أغلب الشركات سيكون ردها نفس الشيء لأن الجميع يريد أن يواكب التطور ولن تختلف شركة عن أخرى في هذا الأمر بل قد يزداد الاتجاه أكثر مع الوقت لأن الاعتماد على الذكاء الاصطناعي سيصبح شرطًا أساسيًا لأي شركة تريد البقاء في المنافسة والشركات التي لا تفعل ذلك ستخرج من السوق بسرعة ربما الآن يمكن للخبير أن ينتقل من شركة إلى أخرى لكن بعد فترة لن يكون أمامه إلا أن يطور نفسه ويجمع خبرته مع التكنولوجيا بدلًا من أن يحاول الهروب منها
شخصيا لا أعتقد هذا، أظن أن وقوع هذا السيناريو وارد، لكن بشكل ضرفي، لأنه سرعان ما سيستبدل الموظفون الباقون حتى مع خبرتهم المعظظة بميزة الذكاء الصناعي، سوف نصل الى مرحلة سصبح الذكاء الصناعي يدير ذكاء صناعي بدون الحاجة الى بشر في الكثير من الوظائف.
يمكن للخبير أن ينتقل من شركة إلى أخرى لكن بعد فترة لن يكون أمامه إلا أن يطور نفسه
لكن هل يكون من السهل أن يطور نفسه في المستقبل؟ إذن فلماذا لا يطورها الآن بدلا من كل هذا الجدل حول بقائه في مكانه أو رحيله! المشكلة التي تحتاج إلى تفكير أعمق هي هل قد تكون الأزمة في فريق التطوير والتدريب في الشركة والذي لا يستطيع تطوير قدرات الموظف؟ ما هو طالما أنه قادر على تطوير نفسه في المستقبل فما الذي سيستجد في حالته لتأتي له هذه القدرة؟
لو كنت مكانه لرحلت في اليوم الأول من ذلك،
لكن موظف بهذا العمر ربما أصلا لا يجد من يقبله إذا استقال فماذا يفعل المسكين؟
ولو كانت شركته ستبدله بنموذج فهناك ألف شركة تحتاج خبير مثله وليس عندها القدرة على دعم بيئة العمل بنموذج اصطناعي
ولكن هل هذه الشركات التي لا تستطيع إدخال نموذج ذكاء اصطناعي في عملها قادرة على دفع نفس ال Pachage الذي يأخذها موظف في خبرته وسنه؟ وماذا لو أصبحت في الغد لديها القدرة فستبقى المعضلة قائمة أليس كذلك؟
ما حدث مع هذا الموظف يعكس جانب مظلم من ثورة الذكاء الاصطناعي، فالتقنية لم تُخلق لتُقصي الإنسان بل لتسانده. المشكلة ليست في الآلة بل في الإدارة التي فضّلت الاستغناء عن الخبرة البشرية بدل دمجها مع الأدوات الجديدة. ألا يجدر بالمؤسسات أن تستثمر في إعادة تأهيل موظفيها بدلًا من تركهم في مواجهة التهميش؟
هذا كان سيكون ردي يا كريم فعلاً لأنه كان يجدر بالشركة وبمدرائها وبعد خمسة عشرة عام من الولاء للشركة ان يقوموا بتأهيل ذلك الموظف ليعمل ولكن باستخدام تقنيات جديدة لا أن يتجاهلوه ويجبروه على الرحيل بتلك الطريق المهينة! وأعتقد هنا أن شركة تفعل ذلك فهي شركة بلا قلب لن يكتب لها البقاء طويلاً لأنها أشبهت في مشاعرها ذلك الذكاء الإصطناعي الذي يعمل دون أحاسيس أو لمة بشرية
ألا يجدر بالمؤسسات أن تستثمر في إعادة تأهيل موظفيها بدلًا من تركهم في مواجهة التهميش؟
ذكرني تعليقك يا كريم بموظف في الخامسة والخمسين ويعمل كمدير إدارة ببنك من أكبر بنوك مصر وقد كلفه البنك بحضور تدريب في إدارة الأعمال بالذكاء الاصطناعي ليرفع من أدائه، الرجل قال لي نصا: "يعني بعد ما شاب ودوه الكتاب مش فالحين يعملوا التدريب ده غير دلوقتي" يعني أحيانا تكون المقاومة من قِبَل الشخص نفسه وليس من قِبَل المؤسسة.
الشركات مجرد طفيليات تأخذ ولا تعطي . وأي شيء يوفر لها في المصروفات سوف تقوم به حتى لو حساب الموظف . الموظف ماله علاقه في الرقمنه والذكاء الإصنطاعي أو بيئة العمل القديمة . شركات تبحث عن أي شيء يقلل المصروفات فأول شيء تفكر تقليل الموظفين والبحث عن موظفين يعلمون براتب قليل وتكاليفهم بماهم كثيره .
شركات تبحث عن أي شيء يقلل المصروفات فأول شيء تفكر تقليل الموظفين
في النهاية أخي محمد هذا لا يعيب الشركات لأنها بنهاية الأمر كيانات ربحية وليست جمعيات خيرية.
بعض الممارسات غير الأخلاقية التي تتبعها بعض الشركات في السعي لتحقيق الربح. فليس من الضرورة أن تكون الشركة جمعية خيرية، ولكن يجب أن تتسم أساليبها بالعدالة والإنسانية في التعامل مع الموظفين.
رغم أن تحقيق الأرباح أمر طبيعي ومشروع في سياق العمل التجاري، إلا أن تجاوز الحدود ليصل الأمر إلى استغلال الموظفين وكأنهم أدوات أو عبيد يعد تصرفًا غير مسؤول. بعض الشركات تسعى إلى تحقيق معادلة تقوم على توظيف موظفين ذوي أداء بارز مقابل أجور متدنية، حيث يُطلب منهم بذل جهود عالية دون أن يُكافأ ذلك بما يتناسب مع المجهود المبذول. ولتطبيق هذه المعادلة، تستهدف هذه الشركات عادةً العمالة القادمة من الدول ذات الدخل المنخفض، مستفيدةً من الحاجة الاقتصادية لتلك الفئة.
إضافة إلى ذلك، هناك ميل ملحوظ لبعض هذه الشركات للحصول على الدعم الحكومي، سواء كان ذلك مستحقًا أو غير مستحق، فقط لضمان استمرار تحقيق مكاسب مادية. مثل هذه الممارسات تثير تساؤلات حول أخلاقيات العمل ومدى التزام تلك الشركات بمبادئ المسؤولية الاجتماعية.
بالنهاية، ينبغي تحقيق الربح بطرق تتسم بالنزاهة والإنسانية، بحيث يتم مراعاة حقوق العاملين وضمان بيئة تسهم في تحقيق التوازن بين المصالح الاقتصادية والاعتبارات الأخلاقي
هذا الموقف يمثل أحد أكثر تحديات الذكاء الاصطناعي تعقيداً: تحويله من مجرد أداة إلى قوة قد تمحو قيمة الخبرة الإنسانية. في الحالة التي طرحتها، لم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد وسيلة لتحسين الأداء، بل أصبح منافساً يهدد مكانة الموظف وخبرته التي اكتسبها على مدار سنوات طويلة.
في رأيي، هذا التحول من "أداة تطوير" إلى "قوة تهديد" يحدث عندما تفشل المؤسسات في فهم أن الهدف ليس استبدال الإنسان، بل تمكينه. كان من المفترض أن تُستخدم هذه الأنظمة لتعزيز قدرات الموظف، لا لتهميشه. الحل ليس في التخلص من الذكاء الاصطناعي، بل في إعادة توجيه استخدامه ليكون شريكاً في العمل، لا خصماً يمحو تاريخ سنوات من العطاء.
الذكاء الاصطناعي في وقتنا الحالي مهم، هو كالة الحاسبة، اذ علينا استخدامها في الحساب، اليوم نحن في وقت التغيير اصبح سريع للغاية، ولبد من ان تضيف لنفسك مهارات عالية كل فترة، ونحن في زمن عليك بتعلم حاجة وممارسة 5 سنوات، وتركها وايجاد بديل، لان العالم اصبح كثير التغير، سريع التخلص منك أذا كنت لا تلاحقه.
التعليقات