كيف أواجه الأزمات الاقتصاديّة بدون المساس بنوعيّة وجودة المنتج؟

ولكن ما هي رؤيتك محمد لبعض الدول التي تفاحش فيها التضخم، وغرقت فيها العملة من كثرة التعويم، فأصبح تزايد الأسعار وتكاليف الإنتاج والتشغيل بصورة يومية وغير منطقية، وما يتبع ذلك من صعوبة السيطرة على النفقات الثابتة والمتغيرة وغيره التي أصبحت تحتاج تحديثًا (للزيادة) في كل مرحلة من مراحل التصنيع، الأمر الذي أصبحت فيه دراسة الجدوى غير ذات جدوى! لأن كل البيانات الموجودة فيها ستحتاج إلى تحديث بسبب زيادة التكاليف يوميًا على أصحاب الأنشطة التجارية، فما رؤيتك حول المكافحة لتقديم جودة مقبولة على الأقل في ظل ما يحدث؟

و يمكن للشركات الابتكار وتكييف استراتيجياتها للمحافظة على جودة المنتجات والتزام العملاء دون الحاجة إلى رفع الأسعار بشكل كبير

هنالك بعض الشركات تفعل هذا وأراه مناسبا جدا وهو أنهم قبل رفع أسعار المنتج ذاته يصدرون نفس المنتج بأحجام ومواصفات مختلفة مع الحفاظ على الجودة وكل إصدار من المنتج له سعر مختلف فمن يريد الحصول على المنتج كما اعتاده فبالطبع سيأخذه بسعره الجديد ولكن يمكن سراء إصدار أقل أو أعلى على حسب السعر المناسب للعميل، مثلما تفعل شركات الهواتف بعرض هواتف بأسعار اقتصادية من حين ألى آخر، أو دور النشر قديما كانوا يصدرون كتب بأسعار مختلفة بناءا على حجمها ونوع الورق المستخدم وما زال يحدث هذا حاليا ولكن بصورة أقل.

يعني بإمكاننا القول يا محمّد أنّه بإمكان الشركات أن تركز على البحث والتطوير من أجل الاستمرار بتقديم منتج يلاقي متطلبات الجمهور مع الأخذ بعين الاعتبار أن لا يشهد المنتج المقدم أي ارتفاع دراماتيكي بالسعر. وهناك بعض الشركات التي تلجأ لإعادة الهيكلة وذلك من أجل تقليص أي نفقات لا داعي لها وهو ما يساعدها في مواجهة الأزمات بشكلٍ أفضل.

قد يكون ما تقوليه صحيح بالفعل. ولذلك فإنّني أرى أنّ الشفافية هي الحل دائمًا, فبإمكان الشركة أن توضّح لعملائها أنّها ستضطر آسفة لرفع السعر وتستخدم الحجج والبراهين لإثبات أنّها على حق وأنّها مضطرة بالفهل لهذه الخطوة. فعدم التبرير والتوضيح قد يعني بالنسبة للعميل أنّ هناك رفع غير مبرّر للسعر. ولكن الأهم من ذلك أن يكون هناك حفاظ على الجودة المقدّمة وعدم خفضها بسبب الأزمة.

أما عن الحلول الأخرى التي أفضلها فهي تعتمد على الإبداع وابتكار حلول وتقنيات جديدة في التسويق وفتح أسواق جديدة ربما تكون في دول أخرى غنية وقد قامت كثير من الشركات هنا في تركيا بفتح أسواق خارجية بعد التدهور في العملة المحلية

الحلول خارج الصندوق هي التي تكون فعالة، ففي ظل الازمة لدينا بمصر بخصوص الاستيراد والعملة تحديدا، قام بعض الأشخاص بتصنيع بدائل مصرية بدلا من المستورد وهذا خلق جودة ممتازة مع اسعار تنافسية لأنها لا تخضع للجمارك او تتأثر بالدولار، والنتيجة نجاح بشكل غير مسبوق، فوجود مساحة للابتكار وتوفير الموارد والمواد الخام بصناعة محلية سيرفر التكاليف على الشركات بشكل كبير جدا.

بالظيط. غالبا ما تقوم الشركات بسياسات فصل تعسفية في هذا النوع من الظروف. بالإضافة تلى ان هذا الفصل يكون غير عادل فهو أيضا يتسبب أحيانا بخسارة اليد عاملة الكفوءة. ومن هنا يجب اللجوء لاستراتيجيات أخرى مثل توسيع قاعدة العملاء أو ابتكار منتجات جديدة اوحتى إعادة هيكلة الشركة للتخلص من التكاليف الزائدة التي لا داعي لها.

قد يكون هذا الحل من ضمن الحلول النّاجحة بالفعل من أجل وقف أي هدر داخل الشركات وتقليص التكاليف بما يلائم الميزانيّة. ولكن علينا أن لا ننسى أنّ الأمر غير مضمون النتائج لأنّ الشركة قد تكتشف عدم وجود أي مزراب للهدر أو قد لا تصل لأي اتفاق مع المورّدين من أجل خفض سعر المواد. لذلك وبهذه الحالة فإنّ الأفضل هو أن يكون هناك تقييم فعّأل للوضع واختيار خطّة تلائم ظروف الشركة,.

في هذه الظروف الاستثنائية قد تلجأ الشركات لتخفيض كمية الانتاج من أجل تقليص التكاليف. وهناك شركات من جهة أخرى تلجأ لزيادة كميّة المنتج مع رفع السعر. هذه الاستراتيجية اتبعتها الكثير من الشركات في لبنان وقد لاقت نجاحًا. ففي عقليّة المستهلك تكون هناك قيمة إضافية تستحق هذا المبلغ الإضافي ولذلك يكون مستعدًّا للمجازفة بمبلغ إضافي مقابل الحصول على المنتج ذو القيمة المضافة.

بالضبط الشركات مع الأزمات الكبرى لا تأخذ القرارات مثلما تفعل في الأوقات العادية، بل تجبر عليها إجبارًا وليس لها سوى الرضوخ للأسعار الجديدة

ولكن يمكن اللجوء لحلول أخرى مثل طرح منتجات جديدة او دخول أسواق جديدة أو اتباع استراتيجيات تسويقية حديثة معاصرة وغيرها من الادوات الأخرى. على رفع السعر أن يكون الآلية التي تلجأ لها الشركة عندما تستنفذ كافة البدائل الأخرى