عالمنا الحالي مهووس بالجداول الزمنية والمهمّات المصممة بدقة والخطط الخمسية وأكثر أيضاً من الخمسيّة! لتقدم كلمات كارلوس غصن وجهة نظر منعشة حقيقةً في هذا الباب الذي عقّده رياديّ الأعمال والمدراء بشكل كبير في الأونة الأخيرة، حيث يقول بكل بساطة "لا تخطط كثيراً!".

فهل هذه دعوة يجب أن نعتبرها وكأنّها دعوة للفوضى؟

أعتقد أن هناك شيئاً فيّ يريد أن يصدّق غصن لإنّهُ كان الرئيس التنفيذي السابق لشركتَي نيسان ورينو، أي أنّهُ لم يكن شخصاً عادياً بالمرّة، هو أصلاً بنى حياته المهنية من خلال تبنّي هذه الأفكار. وأنا أفكّر بالأمر خطر لي بأنّ الحياة نفسها عبارة عن رحلة مليئة بالتقلبات والمنعطفات غير المتوقعة واللقاءات بالصدفة، ولذلك يبدو منطقياً جداً في إن التمسك الصارم بمسار محدد مسبقاً يمكن أن يمنعنا من تجربة أهم!

تخيّلت نفسي أقود سيارة وأنا أخطط مسبقاً للطرق التي سأقوم بدخولها، ماذا لو اكتشفت بعد أن نزلت أن ال GPS في سياراتي يقترح عليّ طرق أقصر، هل أرفضها؟ بالمثل يفعل أصحاب المشاريع، يرفضون الطرق الأقصر أحياناً باهتمامهم بتنفيذ الخطط التي علّقوا أنفسهم عليها، حتى أنني شعرت بأنّ أي خطة تتعدّى اليومين يجب أن يكون شرطنا في وضعها: عدم الالتزام والتعديل عليها في حال بزوغ أمور أفضل.

كثيرين الأشخاص الذين يطالبون بالالتزام بالخطط، ولكن يبدو برأيي أفضل ما يمكن أن نقدّمه لأنفسنا هو عدم الالتزام بخططنا، بل أن نقوم بتعديلها مباشرةً إن استدعى الأمر ذلك أو إلغائها أيضاً وأن نكون مرنين جداً بالتعامل معها أو لا نخطط أصلاً كثيراً، وأنتم؟ هل تقبلون هذا الطرح أم تجدونه غير عملي بالمرّة؟ ولماذا؟ شاركوني رأيكم!