خرجت من الشراكة، لكن عُرض عليّ الاستمرار في العمل كموظف، أعرف أن الأمر راجع إليّ، وأن هذا قرار شخصي للغاية، ولكن هل كنتم لتقبلون لو قُدم إليكم العرض ذاته؟
هل تقبل أن تعمل كموظف في الشركة التي كنت بها شريكًا؟
أنتَ وحدك تتخذ القرار، بما يناسب أهدافك الشخصية، لذلك إجابتك على بعض التساؤلات قد تعينك على اتخاذ القرار الأنسب وليس الأفضل:
هل هذه الوظيفة تحقق حاجاتي؟
هل أستمتع بما أقوم به؟
هل يمكنني التقدم والنمو وفق هذه الوظيفة؟
هل هناك وظيفة مشابهة في مكان آخر، يمكنني العمل به؟
لا أحد يستطيع تخيل الظروف التي تعيش فيها، ليكون اتخاذه للقرار مشابهاً لك!
وما المشكلة في ذلك إذا لم يكن هناك حساسيات بينك وبين شركائك القدامى؟ الأمر عادي ولكن بشرط أن تكون على صفاء معهم. ونحن لا نعلم ظروف خروجك من تلك الشراكة فقد تكون احتجت إلى رأس المال الذي شاركت به وهنا لا ضير في أن تكون موظفاً. أرى الأمر عادي جداً ولو أنني مثلاً شاركت زميلاً لي على كافيه مثلاً وكنا نديرها معاً ثم أنني أردت أن أخرج لاحتياجي لرأس المال وحدث ذلك دون حساسيات وتفهم شريكي الزميل ذلك ثم أنه طلبني أن أستمر معه كموظف بأجر ثابت، فإني لا أرى حرجاً أو جرحاً لكبريائي في ذلك. و الامر في الأخير يرجع إلى ظروفك أنت.
إذا كنت تحمل مشاعر سلبية تجاه المكان بعد خروجك منه، فلا أنصحك بالعمل فيه. العالم واسع جدا، وما دام العرض متوسطا ويشابع العروض في السوق. فلم لا تختار العمل مع شركة أخرى؟ تبدأ بداية جديدة، وتبحث فيها عن معارف جدد، وتتعرف على طريقة مختلفة في الإدارة، ومهام مختلفة، وهكذا.
لكن، لو كنت خرجت وأنت على وفاق مع أصحاب الشركة، فلا بأس بذلك. اعتبرها خطوة في طريقك. فأنت الآن موظف لديه خبرة كبيرة، ولديه الحرية للتنقل لشركة أخرى بعد انتهاء العقد، ويمكنك اعتبار الفترة التي عملت معهم فيها كفترة خبرة جيدة، وفترة تعلمت فيها الكثير في المجال.
إذا كنت تحمل مشاعر سلبية تجاه المكان بعد خروجك منه، فلا أنصحك بالعمل فيه.
الخروج من شراكة لا يعني ابدا أن هناك مشاكل في التعامل، ربما ظروف خاصة به جعلته يخرج من الشراكة لحاجته بالمال أو غيرها من الظروف.
إذا كانت هناك مشاكل لا أعتقد أنه يتم عرض العمل عليه كموظف، لولا إرادتهم للتواجد في الشركة لما تم العرض.
قد لا تكون المشاكل من ناحيتهم، عنيت إحساسه هو وليس الشركة. الشركة تبدو مرحبة به، وليس لديها مشاكل معه. لكن، هو على الجانب الآخر متردد جدا. ما مصدر هذا التردد؟ قد يكون يحمل مشاعر حزن على خروجه من هذه الشراكة، أو مشاعر قلق وإحراج من أن يقابل الموظفين كموظف بعد أن كان شريكا، أو القليل من الغضب تجاه اضطراره للانسحاب من الشراكة.
الأمر وما فيه أن النفس البشرية معقدة، ولو ظلت هذه المشاعر السلبية عالقة، وظل هو يعمل في المكان، سيكون تأثير ذلك عليه سيئا (تأثير على صورته لنفسه، وإحساسه بقدرته على التقدم، وثقته بخبراته، وعلمه).
يبدو أنّ موضوعك نفسي بحت، أنت يصعب عليك أن تُفكّر فعلاً في أنّك ستدخل الشركة هذه المرّة ولكنّك كموظّف، وأن يعاملك من كنت شريكهم كمدرائك اليوم، هذه سنّة الحياة ومن ينزل إلى السوق ويضع نفسه في تيارات السوق وموجاته التي قد تفتك بنا يعلم جيداً بأنّهُ يجب أن يصل إلى مرحلة لا ينتخب فيها إلا الأصلح مادياً لنفسه بدون أي اعتبارات نفسية لا أهمية لها بالأرقام، وبالإضافة إلى ذلك علينا أن نتذكّر القصّة الأصعب في هذا المجال برأيي، وهنا بالطبع أقصد ستيف جوبز الذي أنشأ شركة من العدم ليقوم كل موظّفيه في نهاية الأمر من أخذ زمام الأمور منه ورفضه من شركته الأم! حيث رُفد من شركة هو أنشأها من العدم، ولا تبدو أبداً أنّ هذا الأمر هو الحاصل فعلاً مع حضرتك، بل يبدو أنّ شركتك معهم قد انفضّت بسلام، الأفضل أن تعود إليهم، فهذه الشركة تعرفها أنت حق المعرفة ويمكنك أن تفيدها وتستفاد فعلاً وبالإضافة إلى كل ذلك هذا التوظيف ملائم لك من حيث عدم الحاجة إلى كسر الجليد مع الآخرين، فأنت تعرفهم جميعاً.
في بادئ الأمر ممكن أن أرفض ولكن لدى قرائتي للسيرة الذاتية الخاصة بستيف جوبس أتعلم أن ما يبدو لنا من الوهلة الأولى سلبيا ولا يطاق قد يحمل لنا الكثير من المنافع والفوائد. فبعد أن كان ستيف دوبس هو شريك أساسي في الشركة تحول إلى موظف عادي مفلس. ولكته من خلال ذلك حقق نجوميته. فحينها عمل جوبس على إبراز نقاط قوته وما يمكن أن يعيده إلى مكانته الصحيحة. قام باستثمار ما هو محبط لكي يكون مصدر أساسيا في عودته للعمل. ومن هنا أصبح وجوده بدا لا وسيلة أساسية لا مفر منها.للشركة التي أصرت إلى إعادته كعضو في مجلس إدارة الشركة. ومن هنا فإن هذا النوع من القرارات يتطلب درجة كبيرة من التأني والدراسة المعمقة والتأكد من أن فوائده طويلة الأجل مما هي على الأجل القصير. والأساس هو أن نخلق وظيفة لا يمكن أن ينجزها أحد غيرنا حتى وإن كنا شركاء وهو ما يجعل أسلوب استغناء الإدارة غير وارد أبدا.
التعليقات