قبل فترة قابلت إحدى صديقاتي التي كانت تترأس إحدى جمعيات المجتمع المدني التي تهدف إلى فك العزلة عن القرى والمناطق النائية وكذلك خلق فرص عمل محلية دون الاضرار بالمنسوج البيئي والاجتماعي للمنطقة. أخبرتني صديقتي أن جمعيتها تعاني من مشاكل عدة فهي في حاجة ملحة لتبرعات ومساعدات وهذا الأمر لا يكون دائما متاحا.كما أخبرتني أنها تفكر بجدية في إنشاء مقاولة اجتماعية لها نفس الرسالة وتعتبرها حلا مثاليا لما تعانيه.

بعد اللقاء تساءلت في نفسي لماذا في نظرها إنشاء مقاولة اجتماعية تحمل نفس الرسالة أفضل من الاستمرار في الجمعية؟

قررت تعميق البحث أكثر والبحث ماهية المقاولة الاجتماعية وكان أن وجدت التعريف التالي:

" المقاولات الاجتماعية هي مؤسسات أو شركات تسعى أن تلبي أنشطتها الاقتصادية المدرة للدخل، احتياجات اجتماعية وبيئية. بحيث تجمع في نفس الوقت بين هدفين: تحقيق المنفعة الاقتصادية والتنمية الاجتماعية والبيئة."

طيب، ها قد تعرفنا معا إلى ماهية هذا النوع من المقاولات لكن لماذا يا ترى تعتقد صديقتي أن المقاولة الاجتماعية ستحل لها العديد من المشاكل؟

بالمقارنة مع الجمعية، المقاولة الاجتماعية تضمن دخلا وأرباحا مما يجعلها في غنى عن التبرعات ويوفر لها موارد مادية لإنشاء ودعم مشاريعه الاجتماعية وهذا يؤسس لمبدأ الإستدامة، فالحل الذي ستوفره المقاولة الاجتماعية هو حل اجتماعي وبيئي مستدام. أما مقارنة مع الشركات التقليدية، فهذه الاخير يمكن أن توفر لنا العائدات المالية لكن الامر سيكون على حساب البيئة والمجتمع، فمثلا إن اعتمدنا على محور عمل جمعية صديقتي والتي يهدف لفك العزلة عن العالم القروي، فيمكن أن تقوم شركة ما بإنشاء منتجع سياحي بمقاييس عالمية، بحيث تجذب السياح ويتم خلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، لكن هذا الحل لن يكون مثاليا ولا مستداما لأنه سيضر بالثروات البيئية والطبيعية للمنطقة حيث أن همه الأول هو الربح.بعكس المقاولة الاجتماعية التي ستسعى لإنشاء مشروع اجتماعي صديق للبيئة ومدر للدخل في نفس الوقت.

جيد، الأمر يبدو رائعا، لكن كيف يمكننا كشباب إنشاء مقاولتنا الاجتماعية بنجاح؟

أولاً: يجب إيجاد الفكرة والفكرة هنا هي تحديد مشكل أو احتياج ذو طابع اجتماعي أو بيئي لمجتمع معين والذي سيشكل فيما بعد الفئة المستهدفة للمشروع، ومن تم العمل على إيجاد حلول مستدامة و هنا يظهر الفكر الابداعي لصاحب المشروع.

مثلا متجر بيناتنا Binatna الالكتروني على موقع شوبيفاي، والذي يقوم ببيع المنتوجات الحرفية واليدوية لصناع تقليديين بسطاء من شمال إفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط، قد قام بحل مشكلة التسويق والتعريف بالمنتجات المحلية لهذه الشريحة، بحيث وفر لهم ممرا لسوق أوسع لمشترياتهم.

ثانياً: وضع دراسة جدوى مستدامة للمشروع، بحيث يتم دمج المحاور البيئية والاجتماعية ضمن المتغيرات التي يتم أخذها بعين الاعتبار في دراسات الجدوى التقليدية.

ثالثاً: البحث عن التمويل المالي، قد تواجه أصحاب المشاريع الاجتماعية المبتدئة مشاكل في التمويل، في هذه الحالة يمكن اللجوء إلى البحث عن شريك، أو البحث عن المؤسسات الحكومية التي تقدم دعما للمؤسسات الاجتماعية، كما يمكننا التوجه إلى أساليب التمويل الأخضر أو التشاركي أو منصات التمويل الاجتماعي crowdfunding، ملفك الداعم للتمويل يجب أن يكون متكاملا ويشمل دراسات مالية واجتماعية دقيقة، أيضًا من الأجدر أن نحاول أن نقدم عرضنا بطريقة جذابة، والاستعانة بتقنيات Storytelling.

مارأيكم في فكرة المقاولة الاجتماعية؟ وهل مجتمعاتنا في حاجة لها؟ ومن منكم تحمس لإنشاء مقاولته الاجتماعية بعد مشاركتي هذه،و هل يمكن اعتبار منصة مستقل مثالا لمقاولة اجتماعية عربية ناجحة؟