ألا يبدو هذا جنونيا؟ إنه شخص لا يعرف ما يريد وبلا أي رؤية!

دائما ما يتم تقديم النصائح المُقولبة والجاهزة للاستهلاك بخصوص مشروعك الذي تريد أن تنشئه, فأنت لديك أكثر من فكرة لأكثر من مشروع ولديك خبرة وطاقة وحماس وموارد وفريق يساعدك ولكن عليك أن تتقولب مثلنا جميعا وألا تحيد عن الصراط المستقيم, يجب أن تعمل على التركيز في مشروع واحد بمجال واحد وإذا نجح واستقر يمكنك حينها التفكير في أمر آخر ويجب أن يكون هناك صلة وصل بينهما... ثم أين هي ربطة عنقك الضيقة؟

حسنا! النصيحة بحد ذاتها جدا منطقية وواقعية لأن كثر فعلا لا يعرفون ما يريدون وبلا رؤية ويتخبطون بين الأفكار وقد يورطون أنفسهم في عدة مشاريع لا ينجح أي منها, كما أنهم لا يجيدون ارتداء ربطات العنق الضيقة أيضا.

ولكن بالآن ذاته هذه النصيحة تقتل قدرات وتدفن طاقات العديد من المواهب, بل تطال هذه النصائح حتى مجالات الدراسة فإن أردت دراسة تخصص آخر إلى جانب تخصصك الأصل فيجب أن يكون هناك صلة وصل بشكل من الأشكال بينه وبين التخصص الأول, وقد واجهت هذه المشكلة في الدورات التدريبية التي كان "الكوتش" فيها يطرح علي سؤال: لماذا تخصصاتك مختلفة؟ ما صلة الوصل؟ فأبدأ بالتفلسف وخلق الروابط من العدم لأبدو له عميقا.

  • عامل الشخصية والقدرات الذهنية والبدنية: تختلف شخصياتنا وقدراتنا وتتفاوت من شخص لآخر, يمكن للبعض العمل على أكثر من مجال بطاقة كبيرة وكأن هناك شخصين أو أكثر بجسد واحد, مثل "إلون ماسك". في حين لا يستطيع آخرون العمل على أكثر من مستوى واحد والتركيز في عدة مهام ومشاريع, ويحتاجون للانتهاء من مهمة لإنجاز المهمة التالية.
  • عامل الموارد: بشرية أو مادية أو خبرات....لسنا جميعا أيضا على نفس المستوى هناك من لديه فريق متكامل من الموارد البشرية المؤهلة سواء أصدقاء أو نحوه منسجمين مع بعضهم ومتفاهمين وقادرون على العمل سويا, في حين لا يجد آخرون إلى جانبهم أي أفراد يمكن أن يقدموا لهم المساعدة, كما أن المشاريع التي تتطلب موارد مالية غير متوفرة تختلف عن المشاريع التي لا تتطلب رأس مال مطلقا, ثم إن هناك من منّ الله عليه من نعمه (اللهم لا حسد)... احم احم بعدها تأتي الخبرة, فالشخص الذي لديه خبرات ليس كذاك المبتدئ الذي لا يعرف شيئا.
  • حجم المشروع ومدى تعقيده: بعض المشاريع تستهلك طاقة ووقتا وموارد أكبر من مشاريع أخرى بسيطة بالنسبة لصاحبها.

وهكذا يجب أن تراعي النصائح كل هذه المعطيات, وأن لا تكون عبارة عن قوالب جاهزة تضع الجميع في سلة واحدة, فإذا كان لديك أكثر من فكرة وكنت قادرا من كل هذه النواحي على إنشائها جميعا وإدارتها فهيا افعل! ماذا تنتظر؟

ما رأيك عزيزي القارئ بنصيحتي؟ هل هي في محلها أم أنني جزء من مؤامرة لإفساد الشباب العربي؟ هل لديك أفكار لعدة مشاريع بلا أي رابط منطقي فيما بينها؟ هل لك القدرة على العمل على أكثر من مشروع أم أنك من النوع الذي يركز في مهمة وعمل واحد فقط؟