في الآونة الأخيرة أصبحت روح التفاخر هي السمة البارزة بين قادة الأعمال ويمكن ملاحظتها بوضوح في أنّ كثيرا منهم يصرون على أنهم "الأفضل" أو الرقم واحد"، وإن دل هذا على شيء فإنه يدل على امتلاكهم لرؤية محدودة تحتاج إلى التغيير.
في الحقيقة إنّ التفكير بهذه الطريقة يمتلك تفسيرا منطقيا يرتبط بالطبيعة البشرية للأشخاص، حيث أنّها تميل إلى البحث عن حلول فورية للمشاكل وتفضيل النجاحات السريعة من أجل تحقيق طموحاتنا وإشباع غرورنا، وإذا فكرنا في الأمر أكثر فسنجد هذا التصرف طبيعيا لأننا نفضل النظر للعالم من خلال النجاحات والإخفاقات وتصنيفات الفائزين والخاسرين. لكن كون هذه النظرة غالبة لا يعني أنّها صحيحة، بل على العكس إنّها نظرة خاطئة تماما.
في كتابة لعبة لانهائية يقول سيمون سينك بأنّ هذا الأسلوب في التفكير هو أسلوب القادة ذوي العقول النهائية، ويفصل في وصفهم بالقول أنّهم القادة الذين يتبعون معايير وأهداف قصيرة تساعدهم على تحقيق أهداف شخصية مع تجاهل كلي للتداعيات المحتملة لهذا التصرف، وإن كنت تتساءل عن ما يمكن أن يحدث كنتيجة لاعتماد أسلوب مماثل فدعني أخبرك بأنها نتائج كارثية تصل حد سحق الأجور وإغلاق المصانع وخفض الاستثمارات وتراجع الاهتمام بالبحث والتطوير وتقليل الاهتمام بضوابط الجودة ومكافآت الأداء وانخفاض الثقة والتعاون بين الموظفين، ما سيؤدي في النهاية إلى انعدام الأمن وتزايد التوتر وتراجع الإبداع.
ويقول الاقتصادي الليبرالي ميلتون فريدمان بأنّ تسيير الشركات بعقليات مماثلة هو ما فجر أزمة الفارق في الأجور بين المدراء التنفيذيين وموظفيهم التي نعيشها منذ عام 1980 إلى غاية اليوم.
وكاستراتيجية مثالية لعمل الشركات يقترح سيمون سينك في نفس الكتاب اعتماد فكر معاكس للفكر السابق أطلق عليه اسم اللعب اللانهائي، وأوضح أنّ فكرته العامة تقوم على النظر إلى ما هو أبعد من النتيجة المالية والتوقف عن التفكير الذاتي بالنظر إلى الفائدة التي تعود على أولئك الذين يشترون المنتج والانتباه إلى مدى تأثير القرارات المتخذة على المحيط، المجتمع، الاقتصاد، البلد، العالم بأكمله.
وما يُفترض أن يشجع القادة على تبني فكر مماثل هو وعيهم بأنّ كونك الأفضل ليس مضمونا وبأنه يجب عليهم السعي لقيادة عمليات التحسين والتطوير على المدى الطويل، حتى لما بعد فترة القائد الحالي، أي امتلاك رؤية للمستقبل تعود بالنفع على الجميع.
الآثار النهائية لهذا النهج مذهلة، حيث أّنه يساعد على تكوين شعور أكبر بالثقة بين الموظفين والشركة، كما أنه يدعم الابتكار والتعاون بين أفرادها، ما يعني تحسينا مستمرا للشركة من مختلف جوانبها.
وفي النهاية سيكون من السهل على الشركات تحقيق الأرباح المالية وتجاوز الأزمات والأوقات الصعبة.
في رأيكم كيف يمكن للقادة تحقيق التوازن بين رغبتهم في تحقيق النجاحات الشخصية وبين الاهتمام بالموظفين والمحيط العام للشركة؟
التعليقات