اليوم وأنا في طريقي للجامعة، وبما أنني اعتمد مترو الأنفاق كوسيلة مواصلات أساسية للوصول، انتبهت لشيء لم أكن انتبه له من قبل، ربما نسميه ظاهرة أو سلوك..لا أعرف، لكنه يندرج تحت سلوك المستهلك.

أثناء ما يتحرك مترو الأنفاق من محطة للمحطة التي تليها، نقابل في المترو باعة أقرب للباعة الجائلين، لكنهم يبدأوا رحلة من عرض المنتجات بداية من أول العربة لآخرها يتخللون بين الناس، ويعرضون منتجاتهم، ويوضحون مزاياها بشكل تفصيلي وفيم تستخدم..كل شيء، كل شيء لنا أن نتخيله يفعله هؤلاء الباعة داخل عربات المترو. وليس غريبا أبدا أن تجد من يمسك بيدك ليجرب عليها منتجا معينا ويسألك عن رأيك فيه محاولة لإقناع الراكبين بالشراء.

خلال الطريق يمر الكثير من الباعة، بعضهم من يُلاقى إقبالا شديدا من قبل الركاب نظرا للمنتجات التي يبيعها أو نوعها، والآخر لا يلتفت له أحد، وهُنا كانت الظاهرة التي تحدثنا عنها في البداية.

فكلما بقى البائع مدة أطول داخل العربة، وأخذ ينادي على المنتجات، ورغم أنه لا يفعل أي شيء سوى أنه يكرر نفس المواصفات مرارا وتكرارا، إلا أنه كلما زادت المدة كلما زاد عدد من يشتري منه!

وأذكر موقفا بعينه، أخذت البائعة تُنادي على المنتجات، لكن لا أحد يشتري..ولا يبدو على أي من الركاب نية الشراء حتى، ففكرت لما لا تذهب لعربة أخرى، وتعرض منتجها، فكما هو واضح للجميع أن لا أحد هنا يحتاج لهذا المنتج.

لكن المُفاجيء في الأمر، أنها ما لبثت للدقائق إلا ووجدت عدة أشخاص ينادونها ويشترون بالفعل! رغم أنهم أنفسهم كانوا ساكنين تماما منذ لحظة، لا يبدو عليهم لا إقبال ولا نية وهكذا..، كلما رددت البائعة مواصفات المنتج وجرّبته أمام الناس، يشتري منها فردا جديدا.

ما جعلني أفكر، هل بقاء البائع لمدة أطول يعرض منتجاته ويسوق لها يؤثر على قرار شرائنا للمنتجات حتى لو لا نحتاج لها، أو لم نكن ننوي شرائها من الأساس؟