كنت جالسًا في يوم، فجاءني اتصال من أختي تقول لي: يا عمر، لي صديقة رأت منامًا غريبًا وتريد تفسيره لأنها تشعر بشيء غريب تجاه ذلك المنام. وكعادة المعبّر، فأحيانًا يصعب عليه التعبير إذا لم تكن الرؤية من فم الرائي مباشرة، وليس من خلال وسيط، لكثير من الأسباب لا أود الإطالة لذكرها، لكن أكتفي أن أقول إن الرؤية كل لفظ فيها مهم، وربما يساعد في فهم كثير من الرموز؛ لأن الله عز وجل يوحي للعبد أثناء الحديث عن رؤيته بألفاظ دقيقة ورموز دقيقة تُسهل على المعبّر فكها والغوص في طياتها.
فكان ذهني صافيًا في ذلك الوقت، فنقلت أختي رؤية صديقتها، قائلة: إنها رأت أن أباها قام بشراء طقم صيني لها (الطقم الصيني في مصر هو عبارة عن أطباق وما شابه ذلك، أظن الكثير منكم يعرفه). فاشترى لها ذلك الطقم الصيني، فلم تكن راضية عنه لأنه لم يعجبها، قائلة له: الطقم ليس جيدًا. فرد أبوها قائلًا: إنه اشتراه من مكان جيد وموثوق، والذي باعه لي أخبرني بذلك. انتهت الرؤية.
فما إن سمعتُ ذلك حتى ابتسمتُ، قائلًا: أرى أن صديقتك تلك أغلب أسنانها متآكلة وتالفة، ويصعب جدًا عليها الأكل، وقد اشترى لها والدها أسنانًا صناعية بمبلغ كبير نسبيًا، وبعد أن جربته لم يعجبها، وأخبرت والدها بذلك.
فتعجبت أختي، قائلة: أي والله، أسنانها بايظة فعلًا، وده مسبب لها مشاكل كثيرة.
فقلت لها: أخبريها بالتعبير، وقولي لها: وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم.
فأُخبرتها بكل ما قلتُ، وقد كان، وهذا من توفيق الله وفضله.
وإليكم أحبتي وقرّائي شرح رموز تلك الرؤية، لمن يريد أن يعرف كيف عبّرتها:
أما عن قولها: إن أباها قام بشراء (طقم صيني) لها، ففي اللغة يُقال على الأسنان الاصطناعية: "الطقم السني"، فعرفت من ذلك أن أسنانها فاسدة وتالفة وتحتاج إلى طقم سني، لها قياسيًا بـ (صيني). وكونه "طقم" فذلك يشمل الأسنان كلها أو أغلبها.
وكذلك أخذنا من لفظة "طقم" بالتصحيف تصبح "قطم"، وهذا يحدث في الفم، إذًا فالمعاناة كانت كبيرة أيضًا في الأكل حتى بعدما اشترى لها أبيها ذلك الطقم، لأنها لم يعجبها ولم تكن عنه راضية.
وعدم الإعجاب هنا لا بد وأن يصحبه عناء، حتى وإن كان معنويًا، وعرفنا أنها معاناة مادية في أكلها من خلال تصحيف "طقم" كما ذكرنا.
أما عن قولي: أن تقول أختي لها: وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم، فذلك لأني شعرت أن والدها قد باع شيئًا ليشتري لها ذلك الطقم، وذلك من كلمة "اشترى" التي يمكن حملها على فعل "شَرَى" أي "باع"، فهذا له وجه في علم التعبير.
ومما أكد لي ذلك أني سألتها عن حالتهم المادية، فقالت: متوسطة وبسيطة.
نسأل الله أن يعين أبناءنا، ويرزقهم الصحة، ويجزهم خيرًا، ويوفقنا لبرهم.
دمتم بخير.
التعليقات