مؤخراً قرأت عن مدرسة تجريبية بدأت تعتمد على برنامج ذكاء اصطناعي لتحليل سلوك الطالب ونشاطه وتقديم التقييمات والدرجات بناء على ذلك، بدون تدخل بشري من المعلمين! الفكرة أثارت اهتمامي وتساؤلي في نفس الوقت هل هذا أكثر عدلاً من التقييم البشري الذي قد يتأثر بالمزاج أو الانطباع؟ أم أننا نعيش بداية مرحلة يستغنى فيها تدريجياً عن دور المعلم لصالح خوارزميات لا تملك حس بشري تربوي؟ برأيكم هل الذكاء الاصطناعي في التعليم تطور عادل أم تهديد خفي لمهنة التعليم؟
الذكاء الاصطناعي، هل سيلغي دور المعلم مع الوقت؟
برأيي، الذكاء الاصطناعي أداة قوية لتحسين التعليم، لا بديلاً عن المعلم، بل داعمًا له. الخطر يكمن فقط إن تعاملنا مع التقنية كبديل كامل، متجاهلين البعد الإنساني الذي لا غنى عنه في العملية التربوية. فالتعليم ليس مجرد تقييم وتحليل بيانات؛ بل هو بناء شخصية، تفهّم ظروف الطالب، بثّ الشغف، وزرع القيم... وهي أمور لا تستطيع الخوارزميات مهما تطورت أن تتقنها بالعمق الإنساني الذي يملكه المعلم.
الخطر يكمن فقط إن تعاملنا مع التقنية كبديل كامل، متجاهلين البعد الإنساني الذي لا غنى عنه في العملية التربوية.
هذا ما يحدث بالفعل للأسف في الوقت الحالي، وأصبح أولياء الأمور يعتمدون بشكل مفرط على أدوات الذكاء الاصطناعي والتطبيقات التعليمية، وكأنها الحل السحري لمشكلات التعلم، متناسين أن هذه الأدوات مهما بلغت دقتها تظل محدودة في قدرتها على فهم السياق النفسي والاجتماعي للطفل، والنتيجة ليست فقط تهميش دور المعلم، بل أيضًا تراجع قيمة المدرسة نفسها، وألاحظ أن نسب الغياب في ارتفاع ملحوظ، وكأن الحضور الجسدي لم يعد ضروريًا طالما أن "المعلومة" متاحة رقميًا، متناسين أن المدرسة ليست مكانًا لنقل المعرفة فقط، بل لبناء الشخصية والتفاعل الاجتماعي والنضج الإنساني.
بالفعل بسمة ,اعتماد البعض المفرط على الأدوات التقنية دون إدراك لهذا البعد الإنساني يحوّل العملية التعليمية إلى مجرد "نقل بيانات"، ويُفقدها جوهرها التربوي. المدرسة كانت وستبقى بيئة متكاملة للنمو الإنساني، وليس مجرد مكان للحصول على المعلومات.
وقد تطرقت الدكتورة أمل في مساهمة سابقة إلى فكرة جوهرية مشابهة، حين عودة تسائلت عن الورقة والقلم في زمن الشاشات: تراجع مهارات أم تصحيح مسار؟ واستشهدت بدولة السويد وعودة استخدامها الورقة والقلم في مدارسها.
التعليم الحقيقي لا يقوم فقط على إيصال المعلومة، بل على بناء الشخصية وتنمية المهارات الاجتماعية والعاطفية، وهي أمور لا تستطيع الخوارزميات مهما بلغت دقتها أن تحل محلها.
الفكرة قد تساعد فعلًا في مساعدة المعلمين على تحسين التعليم بناءً على تقييمات كل طفل على حدة، ومعرفة مواطن الضعف والقوة لكل طفل، وهنا يدخل العامل البشري في معرفة كيفية التعامل مع الأطفال وتوجيه الجهود بأسلوب أكاديمي وتعليمي سليم، ولا سيما أن قدرات الأطفال العقلية (وحتى الناتجة عن اضطرابات تنموية) مختلفة، فلذلك أرى إنها تطور عادل، بل يساعد في تحسين المؤسسة التعليمية.
تمام لكن بصراحة فكرة أن الذكاء الاصطناعي يقوم بتحليل سلوك الطالب بدون تدخل من المعلم قد تبدو غريبة بعض الشيء، فالسلوك البشري ليس دائمًا قابلًا للتحليل بالطرق الآلية، وقد يغفل الذكاء الاصطناعي العديد من الجوانب النفسية أو الاجتماعية التي تؤثر على تصرفات الطالب، كما أن المعلم لديه القدرة على فهم خلفية كل طالب وظروفه الخاصة، وهو ما لا يستطيع النظام التكنولوجي تقديمه بنفس الدقة. التعليم لا يقتصر فقط على التقييمات والدرجات، بل يحتاج أيضًا إلى تفاعل إنساني يدعم الطالب ويشجعه.
فكرة الاعتماد الكامل على الذكاء الاصطناعي في تقييم الطلاب تثير مزيجًا من الفضول والقلق. من زاوية موضوعية قد يبدو هذا النظام واعدًا بتحقيق قدر أكبر من الموضوعية والعدالة في التقييم، بعيدًا عن التحيزات البشرية أو تقلبات المزاج التي قد تؤثر على أحكام المعلمين. لكن من جهة أخرى، يطرح هذا التوجه سؤلاً جوهري حول طبيعة التعليم ودور المعلم الإنساني (التربوي) الذي يتجاوز مجرد نقل المعرفة ليشمل بناء الشخصية، غرس القيم، وتقديم الدعم العاطفي الذي يصعب على أي خوارزمية مهما بلغت دقتها أن تحاكيه.
كلامك صحيح تمامًا، فدور المعلم الإنساني يتجاوز مجرد نقل المعرفة إلى بناء الشخصية وتقديم الدعم، وهو أمر يصعب على أي خوارزمية محاكاته بالكامل، لكن حتى هذا الدور الإنساني يمكن أن يجد دعمًا في أدوات الذكاء الاصطناعي، التي لا تهدف إلى الاستبدال بل إلى التمكين، مما يمنح المعلم وقتًا وطاقة أكبر للتركيز على الجوانب التربوية والإنسانية التي لا يمكن للآلة أن تؤديها بذات العمق.
يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين جودة التعليم ومساعدة المعلم في بعض المهام، لكن لا يمكن أبدًا أن يستبدل دور المعلم، فدور العامل البشري وهو هنا المعلم لا يقتصر على تلقين المعلومة فحسب، فالمعلم قد يمثل أيضًا القدوة لتلاميذه ويساعدهم على المستوى الوجداني والتفاعل الإنساني الاجتماعي.
أما إذا اعتمدنا على الآلات فسيخرج جيلًا أشبه بالروبوتات فاقدًا لكيفية التواصل والتفاعل ومفتقدًا للقدوة الحسنة.
فالمعلم قد يمثل أيضًا القدوة لتلاميذه ويساعدهم على المستوى الوجداني والتفاعل الإنساني الاجتماعي.
بالضبط، لكن الحقيقة أن كثيرًا من نظم التعليم التقليدية فشلت أصلًا في تقديم هذه القدوة أو في تعزيز التفاعل الإنساني الحقيقي داخل الصفوف، فالمشكلة ليست في الذكاء الاصطناعي بحد ذاته، بل في الطريقة التي نستخدمه بها، وربما حان الوقت لنتجاوز خطاب الخوف ونفكر كيف يمكن أن نعيد تعريف دور المعلم ليكون أكثر حضورًا وتأثيرًا بمساعدة هذه الأدوات لا رغمًا عنها.
فالمشكلة ليست في الذكاء الاصطناعي بحد ذاته، بل في الطريقة التي نستخدمه بها.
حقيقي.
أعتقد أنه إذا تم تأهيل المعلم ليقوم بدور تربوي فعال أكثر، مع إسناد بعض المهام للذكاء الاصطناعي ليساعد المعلم في أداء بعض المهام، قد نحصل على منظومة تعليمية جيدة للغاية تخدم كلًا من الطالب والمعلم، خاصةً في المدارس التي بها عدد كبير من الطلبة أو عجز بعدد المدرسين.
الذكاء الاصطناعي في التعليم ليس تهديدًا لمهنة التعليم، بل اختبار حقيقي لقيمتها.
إذا كان المعلم مجرد ناقل معلومات أو مصحح اختبارات، فالذكاء الاصطناعي سيتفوق عليه عاجلًا أم آجلًا. لكن التعليم الحقيقي لم يكن يومًا مجرد درجات وتقييمات، بل علاقة إنسانية، قدوة، تأثير عاطفي، وبناء لشخصية الطالب.
الخطر ليس في وجود الذكاء الاصطناعي، بل في اختزال دور المعلم إلى ما يمكن للآلة أن تؤديه. لأن الطالب لا يحتاج إلى خوارزمية تحفظ سلوكه، بل إلى إنسان يقرأ خلف ذلك السلوك، يفهم ألمه، يرعى شغفه، ويؤمن بإمكاناته حين تُخفق الأرقام في ذلك.
التقنية ستستمر، وستتطور، لكن المعلم الذي لا يمكن استبداله هو من يثبت كل يوم أن دوره يتجاوز ما تُعطيه البيانات، إلى ما تُحييه الكلمة، والنظرة، والموقف.
الخطر ليس في وجود الذكاء الاصطناعي، بل في اختزال دور المعلم إلى ما يمكن للآلة أن تؤديه. لأن الطالب لا يحتاج إلى خوارزمية تحفظ سلوكه، بل إلى إنسان يقرأ خلف ذلك السلوك، يفهم ألمه، يرعى شغفه، ويؤمن بإمكاناته حين تُخفق الأرقام في ذلك.
للأسف في الوقت الحالي تفوق الذكاء الاصطناعي حتى في هذه الجوانب التي كنا نظنها حكرًا على البشر، وأصبحنا نرى معلمين يحملون عقدًا نفسية أكثر مما يحملون وعيًا تربويًا، ونسمع عن طلاب يُحرجون أو يُكسرون نفسيًا بسبب كلمات قاسية أو أحكام جاهزة، في حين أن أنظمة الذكاء الاصطناعي باتت تُظهر تعاطفًا مصطنعًا لكنه محسوب، وتقدم دعمًا مستمرًا دون ملل، ةالمفارقة المؤلمة أن بعض الطلاب يشعرون بأمان أكبر مع آلة لا تملك مشاعر، من شعورهم مع معلم يفتقر للإنسانية.
الشركات تروج لفكرة الذكاء الإصطماهب بشكل مكثف محاولة لك للفضاء على الموظف البشري .
ليش كل تطور يحدث في العالم مشروط أن يكون مفيد . ربما يكون ضار
طريقة استخدامنا قد تحدد ما إذا كان الشيء ضارًا أم نافعًا.
الذكاء الاصطناعي مفيد في بعض الأوجه والمجالات وقد يفعل أشياء كان من المستحيل أو الصعب على الإنسان القيام بها، لكن ذلك لا يعني أن نستغني به عن العنصر البشري، البشر هم في الأساس من صنعوا وطوروا الذكاء الاصطناعي وبدون تغذيتهم لتلك البرامج والآلات بالمعلومات والتعليمات فستظل مجرد آلة غبية وقطعة معدن خردة.
العنصر البشري هو الأساس.
هذا نفس ما كان يقال بعد بدأ عصر الثورة الصناعية عندما بدأت المصانع تستخدم الآلات لتقوم بأعمال كان يقوم بها عدد كبير من العمال مع تخفيض عدد العمال الذين استبدلت مكانهم الآلة، لكن سرعان ما تعلم العمال كيفية التعامل مع الآلات أو تشغيلها أو الإشراف عليها، ونرى حتى يومنا هذا عمال في المصانع، أي أن الآلات لم تستبدل العنصر البشري بنسبة ١٠٠٪.
مو صحيح بدال مايوظف 10 موظفين أصبح يوظف 2 . يعني 8 موظفين أصبحو بلا عمل . حتى لو تعلمُ التعامل مع الآله فالشركة ليست بحاجتهم فهي بحاجة بدال ماتحتاج إلى عدد كبير من الموظفين أصبحت تحتاج إلى عدد أقل . يبدو أنك ليست متابعه للأخبار ,
# الشركات لا تقدم شيء بالمجان .
لم تستبدل لكن قللت التوظيف والحاجة إلى العنصر البشري .
يستعد العالم لفقدان 92 مليون وظيفة بحلول 2030، مع عزم 40% من الشركات تقليص الوظائف في القطاعات التي أثبت الذكاء الاصطناعي فيها كفاءة، بحسب ما كشفه تقرير "مستقبل الوظائف 2025" الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي.
تعليقي السابق يوضح أنه بالفعل قد تم تخفيض أعداد العنصر البشري في العمل من قبل مع دخول الآلات، وقد أو سيحدث ذلك بالتأكيد أيضًا مع دخول الذكاء الاصطناعي، لكن هذا في نفس الوقت سيفتح مجالًا لوظائف بشرية ربما لم تكن موجودة من قبل.
لكن ذلك لا يعني أبدًا الاستغناء عن العنصر البشري بنسبة 100٪ فهذا مستحيل، إلا في حالة سيطرة الآلات على الكوكب أو انقراض البشر!
من وجهة نظري، لا يمكن للذكاء الاصطناعي أن يُلغي دور المعلم تمامًا، حتى وإن تطورت قدراته في التحليل والتقييم. التجربة التعليمية ليست مجرد نقل معلومة أو تقييم أداء، بل هي تفاعل إنساني معقد يتضمن فهم الفروق الفردية، ومراعاة السياق النفسي والاجتماعي للطلاب، وهذا ما لا تستطيع الخوارزميات محاكاته بدقة حتى الآن. أرى أن منصات التعليم المعتمدة على الذكاء الاصطناعي تُقدِّم سرعة ومرونة في الوصول إلى المعلومات، وتُسهم في تنظيم العملية التعليمية بشكل فعّال، لكنها تفتقر إلى جانب مهم للغاية: التوجيه البشري الذي يمنح الطالب الثقة، ويستوعب تعثره دون أن يختزله في بيانات. فالمعلم ليس مجرد ناقل للمعرفة، بل هو موجه وملهم، وهذا الدور لا يمكن لأي خوارزمية أن تؤديه.
سابقاً هذا ,
الأن المعلم أصبح وظيفته فقط هو أنه يشرح ماهو في الكتاب فقط . لو تقل لطالب أجلس على الكرسي أو توجهه أشتكى والده أو والدته أن المعلم يتنمر أو يتحرش على الولد ( الطالب ) , أنتهت زمن التربية و توجيه في المدرسه أصبح كل شي على عاتق الببيت . المدرسه وظيفتها تشرح له الكتاب فقط .
بالفعل دور المعلم اليوم أصبح يقتصر على شرح ما في الكتاب فقط دون القيام بمهام التربية، لكن المشكلة لا تقع على عاتق الطلاب وحدهم، فالمنظومة التعليمية بكاملها تعاني من خلل واضح، لا المعلم يمتلك صلاحيات حقيقية، ولا المدرسة قادرة على أداء دورها التربوي كما يجب، ولا البيت دائمًا حاضر أو مسؤول، صحيح هناك طلاب يبالغون في الشكوى أحيانًا، لكن لا ننسى أن بعض المعلمين في السابق أساؤوا استخدام سلطتهم، فضاعت الثقة، والمطلوب ليس إلقاء اللوم على طرف دون الآخر، بل إعادة التوازن وبناء الثقة من جديد.
أتفهم وجهة نظرك حول تغير دور المعلم في بعض الأماكن، لكن لا أعتقد أن ذلك يقلل من أهمية دوره. المعلم ليس مجرد ناقل للمعلومة، بل هو أيضًا موجه ومربي يساهم في تشكيل شخصية الطالب وتطويره، ويعطيه الدعم النفسي والاجتماعي الذي يعزز ثقته بنفسه ويعزز فهماً أعمق للمادة والمحيط. صحيح أن هناك تركيزاً أكبر على تدريس المحتوى في بعض الأحيان، ولكن دور المعلم في تقديم التوجيه والمساندة يبقى أساسياً. التعليم ليس مجرد تزويد بالمعلومات، بل هو عملية شاملة تحتاج إلى تفاعل إنساني يفوق ما يمكن للتكنولوجيا توفيره.
التعليقات