خلال تجربتي كمعلمة مع النظام التعليمي الجديد الذي يتضمن أداء منزلي وصفي وتقييم أسبوعي خلال الحصص الدراسية بشكل إلزامي، لاحظت أن الوقت المخصص لشرح الدروس أصبح محدوداً جداً. الكثير من الوقت يستنفد في إتمام الأنشطة والتقييمات، وبالطبع يكون ذلك مع التصحيح ورصد الدرجات، مما جعل من الصعب على الطلاب فهم المواد التعليمية بالشكل الصحيح، ومع تزايد العبء على الطلاب تراجع مستواهم بشكل ملحوظ، هل تعتقدون أن هذا النظام فعلاً يساعد في تحسين التحصيل الدراسي، أم أنه مجرد إهدار للوقت؟
نظام التعليم الجديد، التقييم والآداء الصفي والآداء المنزلي، وسائل للتحسين أم لإهدار الوقت؟
نتائج التجربة هي الحكم, بما أن الطلاب تراجع مستواهم فهو إذن نظام غير صالح.
وأنا ضد كثرة التقييمات فهي مجرد مبعث للتوتر والقلق للطلاب على مدار العام الدراسي, فبدل التركيز في فهم واستيعاب الدروس يتم التركيز في ماذا ستكون أسئلة الاختبار؟ كما أنها مبعث قلق وتوتر للأساتذة أيضا بسبب حيز الزمن الذي يلاحقهم طول الوقت, يعيش الأستاذ في دوامة التصحيحات والتقييمات في الوقت المناسب, إذا مرض أو حدث له مشكل حال دون التقييم في الوقت المناسب تتراكم عليه الأعمال ويصير من شبه المستحيل استدراك بقية الدروس في الوقت المناسب. ويتراجع أداء الأستاذ أيضا.
التقييمات ليس مجرد أسئلة اختبار بل من المفترض أن تكون أساليب متنوعة تضمن للطالب أن يكتسب مهارات معينة كالتفكير الناقد ومهارات البحث والتحليل والربط والاستنتاج، كطلب تقرير أو بحث مصغر عن موضوع معين له علاقة بالدرس المشروح، أو بالنسبة للأنشطة قد تشمل تقسيم الطلاب لمجموعات للعمل على حل فرض معين، وحتى نظام الأسئلة يجب أن يكون متنوع بحيث يقيس مستوى مهارات كثير عند الطلاب كالتذكر أو الفهم أو القدرة على التطبيق، أي باختصار التقييمات والأنشطة ليست أدوات ترفيهية ولا مضيعة للوقت أو ضغط بدون داعي بل بالعكس هي تخرج الطالب من دائرة الحفظ والتلقين والتركيز على الاختبار النهائي من أجل تجاوز سنوات الدراسة وكفى، بل هي تضمن أن يتوزع المجهود على مدار العام وتركيزه على اكساب الطالب مهارات عملية حقيقية سيستفيد منها في كل مراحل حياته وأيا كان مجاله المستقبلي.
التقييمات غرضها الرئيسي هو تقليل نسبة الغياب، كما أنها مجرد أسئلة يتم إعطائها للطلاب وأحياناً لا يكون لها علاقة بالدرس بل هي تراكمية بناء على درسه الطالب في السنوات السابقة، كما أنه مع وجود الآداء الصفي الإلزامي والآداء المنزلي كل ذلك يستغرق الكثير من الوقت ليقوم الطلاب بكتابته وحل الآداء الصفي، ومن ثم قيام المعلم بالتصحيح ورصد الدرجات داخل الحصة، وهذا كله بخلاف أخذ الغياب في ملف خاص بالمدرسة وملف آخر خاص بالمعلم، وبعدها لا يتبقى سوى دقائق معدودة لا تكفي لشرح الدرس.
التقييمات غرضها الرئيسي هو تقليل نسبة الغياب، كما أنها مجرد أسئلة يتم إعطائها للطلاب وأحياناً لا يكون لها علاقة بالدرس بل هي تراكمية بناء على درسه الطالب في السنوات السابقة،
أعتقد أن هذه أشياء يمكن للمعلم التحكم بها، عن طريق وضع نظام تقييم يرى بالفعل أنه يفيد الطلاب وليس مجرد نظام شكلي.
وبعدها لا يتبقى سوى دقائق معدودة لا تكفي لشرح الدرس.
هذه مشكلة يمكن معالجتها بزيادة وقت الحصة أو تقليل كم المادة العلمية ليتناسب تقسيمها على مدة الحصة، وهذا ليس في يد المعلم، أو يتقليل عدد التقييمات أو اختيار طرقا لها مناسبة أكثر لمعيار الوقت وهذا في يد المعلم.
الغرض من التقييمات هو الحفاظ على نسب حضور الطلاب، لكن للأسف أثر ذلك بشكل سلبي على مستوى الاستيعاب داخل الفصول وقلل كثيرًا من مدة الشرح، وفي الوقت نفسه ألاحظ أنه لم يعالج المشكلة الأساسية التي تم تطبيقه من أجلها، فمعدل الغياب لا يزال كبيرًا كما هو، مما يعني أن التركيز على التقييمات لم يساهم بشكل فعال في تحسين الوضع التعليمي كما كان متوقعًا.
الحكم على نظام التقييم بأنه "غير صالح" فقط لأن بعض الطلاب تراجع مستواهم قد يكون متسرعًا. من المهم تحليل الأسباب المختلفة لتراجع الأداء، مثل جودة التعليم، الظروف الاجتماعية، أو حتى طريقة تطبيق النظام.
إذا تم التخلي عن نظام التقييم، كيف يمكن تقييم أداء الطالب إذن؟ على أي أساس؟ هل تقترح طرق عملية لإستبدال هدا النظام؟
لا يمكن تجاهل أن التقييمات تقدم معلومات قيمة لأساتدة حول مدى تقدم طلابهم. المشكلة الحقيقية قد تكون في تنظيم الوقت أو الموارد المتاحة للأساتذة، أيضا أنا مع وجود تقييمات غير تقليدية، مثل المشاريع أو العروض التقديمية، والتي تركز على الفهم بدلاً من الإجابات النمطية.
هذه المصيبة برأيي مشكلة المناهج العربية خاصةً، وهي سعي المنهج نحو الكمال الذي قد يؤدي إلى ضغط كبير على مدة الحصة التعليمية وعلى المعلم والطالب معاً، ماذا نستفيد من هذه الأمور؟ لا شيء حرفياً، سعي الكمال يضيّع كل شيء.
لإن المنهج يتم تحميله بمحتويات مكثفة لا تتناسب مع الوقت المتاح والتركيز المفرط على تغطية جميع الأنشطة بدقة يجعل معلمنا العربي ينشغل بإتمام المادة بدلاً من التأكد من فهم الطلاب واستيعابه.
مناهجنا تقضي على التفاعل والنقاشات البناءة والفهم داخل الصفوف الدراسية، المهم أن نكمل المادة!
يعني سعي الكمال هو ضرب الجودة بمقتل حالياً.
للأسف هذا صحيح، حيث أن الأولوية في العديد من الأحيان تكون لإنجاز الخطة الشهرية المملوءة بالأهداف التعليمية والدروس المقررة، مما يحد من التفاعل والنقاشات البناءة داخل الصفوف الدراسية. في الواقع ما يهم حالياً هو تطبيق العدد الأسبوعي من الأنشطة الصفية والواجبات المنزلية، بالإضافة إلى إجراء التقييمات، بدلاً من التركيز على الفهم العميق للطلاب وتنمية مهارات التفكير النقدي لديهم، و؟هذا الوضع يساهم في تقليص فرص التفاعل الحقيقي بين المعلم والطلاب، مما يؤثر على جودة التعلم بشكل عام.
لا يساعد برأيي وكذلك كل القرارات الأخيرة على الأقل ببلدي لا تساعد في شئ، بمدرسة أختي الصغيرة هناك معلمة تجاوزت الأربعين تفاجئت من أسبوعين تقريباً أن عندها أخطاء في كتابة عرض الدرس رغم أنها معلمة لغة عربية متمرسة، فهنا الأولى تنقية القائمين على تعليم الطلاب وتطويرهم ثم تنفيذ الأمر مع الطلاب والوقوف على نقاط الضعف العامة والتعامل معها ولكن دائماً نختار الطريق السهل
بما أن اختي الصغيرة في المرحلة الابتدائية حاليا وتابعت معها اثار النظام التعليمي الجديد، فالمدرسة لم تعد كافية مطلقا. ولا اعتقد أن المشكلة تكمن بشكل أساسي في ضيق الوقت، لكن اعتقد أن الكثير من المدرسين لم يؤهلوا أو يدربوا بالشكل المطلوب للتعاطي مع النظام الجديد. فتجدين المدرسين الذين يعطون اجابات الأداء الصفي للطلاب، ومن لا يشرحون للطلاب مطلقا أو ينقصون من درجات الطلاب لكي يأخذوا مجموعات التقوية رغما عنهم. كل تلك المظاهر كان من الواجب أن يتم التعامل معها قبل أن يتم تعميم النظام
المعلمين أنفسهم يلزمهم نظام تقييم للوقوف على مدى جهازيتهم للتعامل مع النظام والرؤية الجديدة للتعليم، ولكن للأسف هذا لا يحدث على أرض الواقع، وهو ما يخلق لدينا هذه المشكلات التي أشرت إليها، فإذا لم يكن المعلم نفسه مقتنع بالنظام ويجده مجرد عبء عليه ولا يهتم سوى بمصالحه المالية لن يكون مؤهل لإفادة الطلبة لا في نظام جديد ولا في نظام قديم حتى.
النظام التعليمي الجديد، رغم نواياه الحسنة في تطوير التقييم المستمر وتنويع أساليب التعلم، قد خلق تحدياً حقيقياً في إدارة الوقت داخل الفصل الدراسي. فالموازنة بين متطلبات التقييم المستمر والحاجة إلى شرح المناهج بعمق أصبحت معضلة يومية، حيث يجد المعلمون أنفسهم مضطرين للاختيار بين إكمال المتطلبات الإدارية أو التركيز على الفهم العميق للمادة العلمية. وفي حين أن التقييم المستمر قد يكون مفيداً في بعض الجوانب، إلا أن تطبيقه بشكله الحالي يحتاج إلى إعادة نظر جذرية، بحيث يتم تحقيق التوازن المطلوب بين جودة التعليم ومتطلبات التقييم، وإلا سنجد أنفسنا أمام جيل يمتلك درجات عالية لكنه يفتقر إلى الفهم العميق والمهارات الأساسية.
الوضع الحالي يضعنا كمعلمين في موقف صعب، حيث نجد أنفسنا مضطرين للتركيز على الأمور الإدارية خاصة مع التنبيه الشديد من الوزارة بخصوص ضرورة الالتزام بهذا الأمر، إضافة إلى التفتيش المستمر عليه، لكن للأسف هذا التركيز على الجوانب الإدارية يجعلنا نبتعد عن الأهم، وهو المستوى الفعلي للطلاب وفهمهم للمادة العلمية، نحن بحاجة إلى أن نخصص وقتًا أكبر لتحسين مستوى الطلاب وليس فقط لعد الدرجات، لأن الهدف الحقيقي يجب أن يكون تعزيز الفهم والمهارات لدى الطلاب وليس مجرد استيفاء التقييمات.
هذا لأنه لدينا مشاكل خطيرة (ممتدة عبر الزمن) تتعلق بالمنظومة التعليمية نفسها وهي أن المنظونة نفسها المطبقة لخطة العمل تهتم ((بالمظهر ليس بالجوهر)) ويمكنني أن أمنحك عشرات الأمثلة من وقت ما كنت طالب ، بدايتاً من تنظيف المدرسة عند أستقبال مفتش أو تبيض الأسوار وتجديد المقاعد والتخت عند استقبال مسئول ، أو الخوف على أجهزة الكمبيوتر من أستعمال الطلبة (التي أتيحت لهم للأستخدام) خوفاً على العهدة من التلف فتتلف من الركن المستمر، أو مدير المدرسة الذي يسمح بالغش في اللجان ويوصي المدرسين بذلك حتى ترتفع نتائج الطلبة لديه في النتائج فيبدو ظاهرياً أن إدارته ناجحة و ..و .. و ....
وهو المنعكس أيضاً في المناهج التعليمية التي لا تعتمد على الحفظ والتلقين وليس الفهم والتطبيق العملي في الحياة ، فكل خطط تطوير أي منظومة تعليمية يجب أن ينظر لها كهدف وغاية لها وسائل وأليات أدارية ومعدل زمني مدروس وقابل للتطبيق على أرض الواقع وألتزام (ليس شكلي) حتى تجني ثمارها ... وهو ما لا يحدث في الحقيقة فكل مسئول يريد فقط أن يظهر أنه شكلياً ومظهرياً نجح في تطبيق الخطة وهي الدرجة التي تنعكس على المعلم سلباً أن عليه تطبيق الخطة شكلياً بغض النظر عن النتائج
التعليقات